ليتني أعلم كيفية الخروج من موقع «غوغل»

الخصوصية الموحدة لموقع «غوغل» تزعج المستخدمين

الكثير من المتعاملين مع «غوغل» يفكرون جديا في البدء باستخدام خدمة بريد الكتروني جديدة (أ.ب)
TT

تجسد تلك الكلمات شعور الإحباط، الذي أحست به بيشنس أوكونور، التي وضعت كثيرا من معلوماتها الشخصية والمهنية الحساسة على «جي ميل» البريد الإلكتروني لـ«غوغل» وبرامج «غوغل» أخرى، ولا تريد أن تقوم شركة «غوغل» باستغلال تلك المعلومات لإنشاء صفحة شخصية مفصلة عنها.

تقول أوكونور إنها تفكر جديا في البدء باستخدام خدمة بريد إلكتروني جديدة ونقل معلومات الاتصال الخاصة بها والبحث في آلاف الرسائل لاستعادة صورها العائلية ومستنداتها القانونية.

يقول محللون إن هذا هو ما تعول عليه «غوغل» وشركات الإنترنت الأخرى، حيث إنهم يستغلون المستهلكين في الحصول على مزيد من المعلومات عن حياتهم. وبمجرد أن تشترك في واحدة من تلك الخدمات، فإنه من الصعب أن تقوم بالتغيير.

يقول مهندس مدني يبلغ من العمر 65 عاما، ويعيش في الحي: «إنه حقا اختيار خطر بالنسبة لي، كل ما أتمناه أن تغير (غوغل) من رأيها».

بدأت «غوغل»، اعتبارا من يوم أمس الخميس، في إنشاء صفحات شخصية أكثر شمولا لمستخدميها عن طريق تتبع الأنشطة التي قاموا بها عبر مواقع الشركة على الإنترنت. إن تتبع بعض السلوكيات بداية من مقاطع الفيديو التي تتم مشاهدتها على موقع «يوتيوب» إلى المفردات التي تمت كتابتها في محرك بحث «غوغل» سيمكن الشركة من بيع إعلانات تتناسب بشكل أفضل مع أذواق العملاء.

لن يكون بمقدور العملاء الانسحاب، حيث تقول «غوغل» إنه إذا لم ترق للعملاء هذه التغييرات، فبإمكانهم التوقف عن الدخول على حساباتهم الشخصية أو حتى التوقف عن استعمال كل منتجات «غوغل».

يقول الخبراء إنه من السهل قول هذا ولكن من الصعب تنفيذه. فبالنسبة لنحو 350 مليون شخص يستخدمون «جي ميل» حول العالم، قد يكون الانتقال إلى برنامج بريد إلكتروني آخر أكثر إزعاجا من تغيير العنوان البريدي أو الحساب المصرفي.

يقول المحللون إن «تكلفة التحويل المرتفعة» - كما تصفها لغة الأعمال - لم تحدث بمحض الصدفة.

عندما تم إطلاق «جي ميل» منذ 8 أعوام، حل بسرعة محل «إيه أول إل» و«هوت ميل» كخدمة بريد إلكتروني رائدة، حيث إن «جي ميل» كان مجانيا، وبه مساحة تخزين غير محدودة، كما كان من السهل استخدامه في البحث عن رسائل قديمة. لقد أصبح «جي ميل» أكثر فائدة، عندما قامت الشركة بدمج قوائم الاتصال ومعالجة النصوص والخرائط الحية، ثم قامت فيما بعد بتوفير خدماتها على الهواتف الذكية. لقد كانت خطة العمل واضحة: «جمع المعلومات من العملاء ثم ترويج الإعلانات وجعل كل شيء مجانيا».

يقول مورغان ريد، المدير التنفيذي لجمعية التكنولوجيا التنافسية، وهي مجموعة تجارية: «دعونا لا ننسى أن (غوغل) هي شركة إعلانات عملاقة». وبالإشارة إلى التغيير في سياسة الخصوصية، أضاف ريد: «كان هذا سيحدث لا محالة».

يقول مسؤولو «غوغل» إنهم قاموا بعمل أفضل من منافسيهم في شرح سياسات الخصوصية الخاصة بهم، وتزويد المستخدمين الراغبين في ترك الشركة بالإرشادات اللازمة. وأشار المسؤولون إلى وجود فريق من المهندسين الذين قاموا بإنشاء صفحة على الإنترنت تدعى «جبهة تحرير البيانات»، التي ترشد العملاء إلى كيفية استرداد المعلومات من خدمات الشركة البالغ عددها 60 خدمة. وأكد المسؤولون أن المستخدمين لا يتوجب عليهم دفع غرامة أو خرق تعاقد، إذا أرادوا الخروج من خدمات الشركة.

يقول بريان فيتزباتريك، رئيس خدمة تحرير البيانات في «غوغل»: «هدفنا هو التأكد من تحكم المستخدمين في بياناتهم».

يقول المحللون إنه قد يكون للمستخدمين الحرية في ترك الشركة، ولكن خدمات «غوغل» تم تصميمها ليلتصق المستخدمون بها. يتم استخدم مثل هذه الوسائل بكثرة في صناعة التكنولوجيا وغيرها من المجالات. توفر شركة «أبل» التطبيقات والموسيقى الخاصة بها على «آي تيونز»، بحيث تكون متوافقة فقط مع منتجات «آي فون» و«آي باد»، التي تنتجها الشركة. لا يمكنك نقل أصدقائك على موقع «فيس بوك» إلى شبكات تواصل اجتماعي أخرى. تحث شركات الهاتف الخلوي العملاء على التوقيع على عقود، وحتى البنوك تقوم بتعقيد مسألة انتقال العملاء إلى بنوك منافسة.

وقبل أن يصبح كبير الاقتصاديين في «غوغل»، لاحظ هال فاريان في عام 1998 ارتفاع تكلفة التحويل هذه، وخاصة في مجال الإنترنت. لاحظ فاريان أن المستخدمين المتقلبين يستطيعون تغيير انتماءاتهم بضغطة من الماوس.

وفي كتاب بعنوان «قواعد المعلومات: دليل استراتيجي لاقتصاد الشبكات»، كتب فاريان: «عندما تختار تكنولوجيا معينة أو صيغة لحفظ المعلومات، فإن التحويل قد يكون مكلفا».

إن قوة وشعبية خدمات الإنترنت المجانية قد تجعل مسألة التحويل أمرا صعبا على مستخدمين قاموا باستثمار قدر كبير من حياتهم الرقمية في تلك المواقع. بعد أن قام موقع «فيس بوك» بتغيير سياسات الخصوصية الخاصة به في عام 2009، هدد المستخدمون الغاضبون بترك الموقع، وقاموا بإنشاء صفحات بعنوان «اتركوا (فيس بوك)» على شبكة التواصل الاجتماعي. غير أنه منذ ذلك الحين، استمرت قاعدة مستخدمي «فيس بوك» في النمو. لقد أثار تغيير سياسات الخصوصية في «غوغل»، مخاوف مجموعات المشرعين والعملاء الذين يقولون إنه يتعين على «غوغل» جعل هذه التغييرات اختيارية.

يقول بيرت فوير، مدير المعهد الأميركي لمكافحة الاحتكار: «يشبه هذا الأمر إلى حد بعيد فكرة سلق ضفدعة في ماء فاتر. ربما تقوم (غوغل) بجذب العملاء بالطريقة ذاتها، بحيث لا يستطيع العملاء فهم ما يحدث حتى يتم التلاعب بهم».

ولكن بالنسبة لأماندا مكارثر، التي تعيش في بروفيدنس، رودي آيلاند، فإن مقايضة الخصوصية أمر تستحق العناء. وتوقعت مكارثر (28 عاما) تكلفة شخصية من استخدام خدمات «غوغل» المجانية، بما في ذلك «جي ميل»، وخدمة مشاركة الصور «بيكاسا»، بالإضافة إلى شبكة التواصل الاجتماعية الجديدة «غوغل بلاس».

«تزودنا (غوغل) بالكثير من الخدمات المجانية، حتى إنهم إذا أرادوا تحليلا معلوماتيا بهدف توفير خدمات مجانية أفضل، فسيقومون بذلك»، هكذا قالت.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»