علماء ألمان نجحوا في إيقاف انتشار سرطان الثدي

أحبطوا عمل البروتين المسؤول عن انتقال السرطان في الفئران

TT

تسبب سرطان الثدي بموت 565 ألف مواطنة من الاتحاد الأوروبي عام 2011، وبقي من ثمّ، من أخطر الأمراض السرطانية على حياة النساء. ورغم أن نسبة الوفيات بسبب هذا الورم السرطاني قد انخفضت، وذلك بفضل التشخيص المبكر وتحسن طرق العلاج، إلا أن نسبة الإصابات ترتفع كل سنة.

المشكلة الأخرى المتعلقة بسرطان الثدي، وخصوصا النوع العدواني منه، هو قدرته وسرعته على الانتقال عبر الأوعية الليمفاوية والدموية إلى أعضاء الجسم الحيوية الأخرى. وربما يعد النجاح الذي حققه الأطباء الألمان مؤخرا، على صعيد وقف انتشار المرض داخل الجسم، بخفض نسبة الوفيات بشكل حاسم، إذ ذكر علماء معهد ماكس بلانك الألماني المعروف أنهم توصلوا، في التجارب المختبرية على الفئران، إلى آلية ما لوقف انتشار المرض السرطاني من الثدي إلى بقية الأعضاء الأخرى. ويمكن لهذه الطريقة أن تحل محل العلاج الكيماوي وغيره، التي لم تسعف النساء المعانيات في وقف انتقال المرض داخل أجسامهن.

الباحث شتيفان اوفرمان، مدير قسم أبحاث القلب والرئتين في معهد ماكس بلانك، قال إن مجموعة العمل التي يترأسها توصلت، في فئران الاختبار، إلى كبح عمل بروتين في المستقبلات العصبية يعتبر المسؤول عن انتقال سرطان الثدي من النوع العدواني. وهذا النوع من السرطان لا يسمح بمجال حياة طويل للمرأة المصابة، بسبب سرعة انتقاله، ولا يصيب عادة سوى ربع النساء المعانيات من الأورام السرطانية في الثدي.

العلماء نجحوا في وقف عمل بروتين المستقبلات المسمى «بليكسن بي1» (Plexin B1). وتبين من الفحوصات على عينات حية من سرطان الثدي العدواني أنه ينشط بفضل بروتين معين اسمه «ايرب ب2» (erbB2)، ويشكل هذا البروتين مع بروتين المستقبلات «بليكسن بي1» وحدة في الأنسجة العصبية يكتسب منها السرطان عدوانيته وقدرته السريعة على الانتقال إلى الأنسجة الأخرى. وظهر من التجارب على إناث الفئران، المصابة بهذا النوع من السرطان، أن حقنها ببروتين آخر يوقف عمل «بليكسن بي1» يوقف عملية الانتقال بأكملها. هذا يعني أنه من الممكن مستقبلا، بعد نجاح التجارب على الإنسان، أن تستخدم الطريقة لوقف عدوانية السرطان المذكور.

الباحث توماس فورتزفيلد، من معهد ماكس بلانك، قال إن فريق العمل تعمد إصابة إناث الفئران بسرطان الثدي الذي يحتوي على بروتين «ايرب ب2»، ثم حقنها لاحقا بالبروتين المضاد فنجت الفئران من مضاعفات السرطان الانتقالية. وتمت مقارنة النتائج مع مجموعة مقارنة، أي مع مجموعة فئران غير مصابة بهذا النوع من السرطان، فكانت النتائج ظاهرة لصالح الفئران التي عولجت بطريقة البروتين المضاد لـ«بليكسن بي1».

أجرى فريق العمل، بعد ذلك، تجاربه على أنسجة مريضة مأخوذة من أثداء النساء المعانيات من هذا السرطان، فتم التوصل إلى نتائج مماثلة، بمعنى أن الطريقة أوقفت قدرة الأنسجة السرطانية على الانتقال والتشبث بالأنسجة الحيوية الأخرى. وعند تجربة الطريقة على النساء أنفسهن، ثبت من الفحص الطبي أن دماء النساء المصابات لم تحمل سوى كمية ضئيلة جدا من بروتين «بليكسن بي1»، وهذا يعني أن خطر الانتقال قد قل أيضا، وارتفعت معه فترة الحياة المتوقعة لحياة المريضات.

الباحث شتيفان اوفرمان كان حذرا في صياغة مدى النجاح المتوخى من طريقة كبح جماح نشاط «بليكسن بي1». وذكر الباحث أنهم سيجرون تجارب سريرية يجري خلالها حقن نساء مصابات بسرطان الثدي العدواني بجسم مضاد يعمل على وقف نشاط «بليكسن بي1»، وسيعتمد مدى نجاح الطريقة على النتائج. يبقى أن يتم التأكد من مفعول الجسم المضاد، ومن عدم تسببه بأعراض جانبية ومضاعفات خطيرة، و«حتى بلوغ اللحظة نحتاج إلى المزيد من الوقت»، حسب تعبير العالم الألماني.

جدير بالذكر أن 10 في المائة من الألمانيات أصبن بأحد أنواع سرطان الثدي، بمختلف أنواعه السليمة والعدوانية، خلال حياتهن. إلا أن سرطان الثدي العدواني يصيب ربعهن فقط، لكن فرص الحياة معه ضئيلة. وسبق لدراسة أوروبية أجراها العالم الإيطالي كارلو دي فيتشيا، من جامعة ميلانو، أن أشارت إلى أن معدل الإصابات السرطانية بين الألمان أعلى منها بين بلدان أوروبا الأخرى.