توقيف أول مسلسل تلفزيوني عن عائلات أميركية مسلمة

الشركة تقول بسبب «قلة الإقبال» ومصادر تعتقد بالحملة ضد صورته الإيجابية

أعلنت «شيد ميديا» إيقاف مسلسل «اوول أميركان مسلمز» (مسلمون أميركيون أصيلون) بسبب «قلة الإقبال» (أ.ب)
TT

أعلنت شركة «شيد ميديا» إيقاف مسلسل «اوول أميركان مسلمز» (مسلمون أميركيون أصيلون) الذي عرضه تلفزيون «تي إل سي» أسبوعيا منذ السنة الماضية. وقالت الشركة إنها أوقفت المسلسل الواقعي بسبب «قلة الإقبال»، وهو سبب يتكرر دائما عندما تلغي الشركة، أو أي شركة إنتاج تلفزيوني، وقف مسلسل. وفي حالات كثيرة، يكون قلة الإقبال سببا في انخفاض إعلانات الشركات والبنوك أثناء عرض المسلسل. لكن قالت مصادر إخبارية أميركية إن السبب هو تصوير «حياة إسلامية أصيلة».

غير أن الشركة قالت إن مسلسلات واقعية أخرى تقدمها لمختلف القنوات التلفزيونية سوف تستمر لعام جديد. من بين هذه المسلسلات: «16 كيدز» (زوج وزوجة و16 طفلا وطفلة)، و«فريكي ايترز» (أكالون فظيعون)، و«اكستريم كوبوننغ» (جمع كوبونات المحلات التجارية)، و«ريال هاوسوايفز اوف نيويورك» (ربات بيوت حقيقيات في نيويوك).

مسلسل «اوول أميركان مسلمز» الواقعي يصور الحياة الحقيقية لخمس عائلات مسلمة في مدينة ديربورن الصغيرة (ولاية ميتشيغان، قرب ديترويت، وفيها أكبر تجمع لمسلمين في الولايات المتحدة).

في السنة الماضية عندما بدأ المسلسل، قالت ايمي وينتار، مديرة تلفزيون «تي ال سي» التي عرضت المسلسل: «من خلال هذه العائلات، وخبراتها المتنوعة، سنبحث كيفية مزج قيمهم وتقاليدهم مع الحياة اليومية في أميركا. وسنبحث تقديم نظرة ثاقبة على ثقافتهم، بعناية وتفهم».

وأمس، كتبت ليزا دي موريز، الناقدة التلفزيونية في صحيفة «واشنطن بوست»، تعليقا على إيقاف المسلسل: «هذه هي المشكلة. معالجة موضوع في (عناية وتفهم). هذا المسلسل ربما (أميركي أصيل)، لكنه، أيضا، (مسلم أصيل). ليس فيه صراخ أطفال، وتذمر آباء وأمهات، وشجار في حانات، وعبارات بذيئة، وتعري، وكلمات ومناظر جنسية، وسرقة صديقة لصديق صديقتها، وغيرها من المناظر التي تعودنا عليها في المسلسلات التلفزيونية (الأميركية الأصيلة)».

في السنة الماضية، بعد شهور من بداية المسلسل، ثارت ضجة على طول الولايات المتحدة وعرضها حوله. ودعت جمعية عائلية محافظة كبيرة إلى مقاطعة المسلسل، بل وقفه. وقالت في بيان صحافي: «ليس هذا المسلسل سوى دعاية ذكية تخفي خطرا واضحا وقائما عن النشاطات الإسلامية الأميركية التي تستهدف حريتنا، وقيمنا التقليدية».

وتسببت الحملة في وقف إعلانات شركات كبرى وبنوك في المسلسل (عادة، تمول الإعلانات تكاليف إنتاج أي مسلسل). ومن بين الشركات الكبيرة التي قاطعت المسلسل «لوز» لمواد البناء.

وأيضا، ألغت شركة «كاياك كوم» إعلاناتها واتهمت شركة الإنتاج بأنها «أخفت عنا الجدل الدائر حول العرق والدين، وعلى وجه التحديد، الفجوة بين الطائفتين المسلمة والمسيحية في هذه المدينة، مدينة ديربورن. وكان واضحا أن القصد هو إهمال غير المسلمين والتركيز على المسلمين. وأن الإهمال متعمد بسبب الاختلافات بين الطائفتين، وأنه لهذا لا يخدم قضية التعددية والتنوع».

والمسلسل، كما يبدو من عنوانه، يدور حول أن المسلمين الأميركيين مثل بقية الأميركيين: يحبون الحرية، ويقدسون العمل، ويستمتعون بحياتهم. وإذا قلت فرديتهم، بالمقارنة مع الفردية والخصوصية الأميركية المشهورة، فإن سبب ذلك هو أن دينهم يدعوهم إلى التقارب والتآلف. وعلى أي حال، يقدرون على الجمع بين مطالب الفرد ومطالب المجتمع.

ومن المفارقات أن هناك منظمات متطرفة ظلت تنتقد المسلمين، وتقول إنهم «غير حضاريين» و«غير أميركيين أصيلين»، انتقدت المسلسل لأنه يقدم صورة إيجابية عن المسلمين في أميركا.

قال واحد منهم: «هذا شرك خبيث. هذا يعني أن المسلم مثل المسيحي أو اليهودي، يقدر على التوفيق بين الدين والوطن، بين الحياة العامة والحياة الخاصة. كيف يمكن ذلك والمسلمون أنفسهم يقولون إن دينهم دين ودولة، خاص وعام؟».

وقال ثان: «لماذا في المسلسل مسلمون يلبسون بنطلونات «جينز» وقمصان «تي شيرت»؟ ماذا عن الجلابية والسروال والقميص (الباكستاني) اللذين يلبسهما أغلبية المسلمين؟ إذا كانوا مسلمين حقيقة، لماذا لا يلبسون ملابس المسلمين؟».

وقال رابع: «حتى أقوى علماء المسلمين لا يقدرون على مثل هذه (الدعوة) في أميركا».

من بين قادة الحملة باميلا غيلر، رئيسة منظمة سياسية يهودية في نيويورك، وكانت اشتركت في قيادة المعارضة ضد مشروع المجمع الإسلامي والمسجد بالقرب من «غراوند زيرو» (مكان مركز التجارة العالمي الذي دمره هجوم 11 سبتمبر/ أيلول). وهي التي كتبت إلى رئيس الشركة المنتجة، وحثت غيرها على الكتابة إليه.

غير أن هذه الضجة جاءت في صالح المسلسل. وزاد الإقبال عليه. وبين ليلة وضحاها، صار المسلسل محبوبا وسط وسائل الإعلام وشخصيات هامة، منهم: الفكاهي التلفزيوني جون ستيوارت، والممثلة السينمائية العريقة ميا فارو التي كتبت عنه كثيرا في صفحتها في موقع «تويتر»، والممثل راسل سيمونز الذي عرض تمويل خسائر مقاطعة الإعلانات.

شاهد أول حلقة في المسلسل مليون مشاهد تقريبا. وهو أقل من عدد مشاهدي مثل هذه المسلسلات التي تنتجها شركة الإنتاج هذه، والتي يبلغ متوسط مشاهديها مليوني مشاهد.

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن المسلسل عانى من أكثر من مشكلة: أولا: تركيزه على فئة معينة، بصرف النظر عن كونها مسلمة أو غير مسلمة (مثلا: المسلسلات عن الأفارقة تشاهدها أغلبية أفريقية). وثانيا، غياب «الثقافة الأميركية الأصيلة»، متمثلة في قضايا اجتماعية فيها جنس وأخلاق وجرائم، مع حرية كاملة لمناقشة سلبياتها وإيجابياتها. وثالثا «نوع من الملل» في المسلسل بسبب غياب الإثارة، والتي، أيضا، يمكن أن تكون سلبية أو إيجابية، وفي كل الحالات الهدف هو شد انتباه المشاهد.

رابعا: بعد هجوم سنة 2001 الإرهابي، العداء وسط الأميركيين، غير المباشر والخفي في أغلبية الأحوال، للإسلام عامة، وللمسلمين خاصة.

ومع إلغاء المسلسل عن المسلمين «غير المثير» في تلفزيون «تي ال سي»، أعلن تلفزيون «برافو» بداية مسلسل عن المسلمين «مثير». هذا هو «شاه اوف صن سيت» (شاه غروب الشمس). وهو، كما قال إعلان الشركة، عن «أميرة فارسية تتمتع بأعصاب نارية وغضب هائج. وتدير شركة عقارات هي في الحقيقة عصابة مافيا.