الفائزون بجائزة «أبراج كابيتال» للفنون يربطون الماضي بالحاضر عبر فنهم

تعرض الأعمال الفائزة في دبي نهاية الشهر

بعض الأعمال الفنية الفائزة («الشرق الأوسط»)
TT

الوقت الحالي هو وقت يتم فيه صناعة التاريخ، كما يلاحظ نات مولر، القيم الفني لجائزة «أبراج كابيتال» للفنون لعام 2012. يقول مولر إن وقتنا هذا يجلب لنا كل يوم جديدا، منذ أكثر من سنة حتى الآن، ودون أي نهاية تلوح في الأفق، فظائع وانتصارات، ومكاسب وخسائر جديدة. وقد أبقت السرعة التي تحدث بها هذه التحولات الناس ملتصقين بموارد المعلومات الخاصة بهم.

وقد كان توثيق الأحداث اليومية، بل والمشاعر، خلال العام الماضي، يحدث من خلال عدة وسائل، مثل الفيديو، والكتابة على الجدران في الشوارع، والتصوير الفوتوغرافي، والمقالات والكتابة، وهلم جرا. وقد تم تقديم التحليلات التاريخية والتحليلية، بشكل متزامن، من خلال أحداث أكثر سياقية، مثل العدد الكبير من الأفلام التي تحاول استكشاف التوتر السياسي من خلال السينما وإلى حد ما حتى الآن الفنون البصرية.

وتأتي جائزة «أبراج كابيتال» للفنون في الوقت المناسب لمساندة هذا الأمر حيث تهدف هذه الجائزة التي تأسست عام 2008 من قبل شركة «أبراج كابيتال للأسهم» إلى دعم الفنانين في منطقة «ميناسا» (الشرق الأوسط - شمال أفريقيا - آسيا الجنوبية). وتعد هذه الجائزة، الفريدة من نوعها في مهمتها، الجائزة الوحيدة التي تقوم سنويا بتمويل مقترحات لأعمال فنية لم تتحقق بعد، مع التركيز على تمكين 6 فنانين وأحد القيمين الفنيين من تنفيذ مشروع فني خاص بهم.

وسوف يتم كشف النقاب عن الأعمال الفنية لجائزة «أبراج كابيتال» للفنون، التي تدخل الآن في دورتها الرابعة، في معرض آرت دبي، الذي سيقام في مارس (آذار)، تماما كما يحدث في كل عام. وسوف تبقى هذه الأعمال الفنية، كما في السنوات السابقة، كجزء من مجموعة «أبراج كابيتال» الفنية، التي تقوم بعرضها بشكل مستقل في المدن الأخرى، حيث تم عرض المجموعات الفنية لأبراج كابيتال، في الماضي، في لندن ونيويورك والبندقية، وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط.

وفي وسط تعقد نظم الفن والمناخ الاجتماعي الحالي، تأتي موضوعات معرض جائزة «أبراج كابيتال» للفنون لهذا العام، الذي يحمل اسم «بصمات طيفية»، والمتمثلة في المادية، والمظهر، والذاكرة، في الوقت المناسب.

هذا العام أعلن عن 5 فائزين بجائزة «أبراج كابيتال» للفنون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وهم الفنان الإعلامي الفلسطيني تيسير البطنيجي وفنانا الفيديو اللبنانيان، جوانا حاجي توماس وخليل جريج، الزوجان اللذان يعملان سويا، ووائل شوقي وهو فنان فيديو أيضا من مصر، والفنانة الباكستانية ريشام سيد، وفنان وموسيقي لبناني هو رائد ياسين.

وقالت نات مولر المشرفة على العروض في بيانها: «بصمات طيفية يستكشف اللحظة الآنية عندما يتحول الماضي المروي إلى حاضر ملموس، ثم يخاطر بالاختفاء مرة ثانية مثل شبح». وفي وقت يشكل فيه الفن جزءا لا ينفصل عن الحركة المعاصرة سيتوطد التاريخ في الصيغة التي تم التعبير عنه بها. لقد قام هؤلاء الفنانون الستة ببلورة المشاعر والأفكار التي لا تعتبر جديدا بشكل مفاجئ، لكنها منحت المساحة للفكر بفضل العودة إلى الماضي بالتوازي مع الأحداث الجارية، ونال أهمية بكونه جزءا من منطقة تشهد عمليات مشابهة ترتبط بقضايا تاريخية وسياسية واجتماعية.

رائد ياسين، على سبيل المثال، يعيد الإطلال على الحرب الأهلية اللبنانية، مقدما مجموعة من 7 مزهريات تشبه الجرة اليونانية، التي تروي كل منها قصة لمعركة شهيرة عبر التصميم الواضح الملفوف حول المزهرية.

وائل شوقي يعود إلى الوراء ليلقي الضوء على تاريخ الحروب الصليبية. وكان وائل قد قدم في السابق فيلما روائيا بعنوان «كباريه الحروب الصليبية» بشأن التاريخ الأكثر عمومية لهذه المعركة، وهو الآن يركز على تفاصيلها عبر بناء لوحة أوروبية تعود إلى القرن الخامس عشر.

أما تيسير البطنيجي فقد قدم لمسة أكثر شخصية، فمن خلال لوحاته الشاعرية، يتذكر البطنيجي الوفاة المفاجئة لأخيه الذي قتل برصاص قناص إسرائيلي، متقاسما هذه التجربة الشخصية التي تستحضر حقيقة أنه ليس بمفرده في هذه الوحشية.

جوانا حاجي توماس وخليل جريج تبنيا نهجا أكثر حداثة في مشروعهما، فقررا إخراج فيديو يقوم على رسائل الاحتيال عبر البريد الإلكتروني للحصول على المال والتي عادة ما يجدها الأفراد في بريدهم الإلكتروني، ومن خلال تلك الرسائل يستكشفان القصص التي يمكن تقديمها عبر هذه التكنولوجيا وتتضمن المضامين السياسية والجغرافية والاقتصادية.

وبالمثل ومن خلال فكرة السياسة والجغرافيا والاقتصاد تقدم ريشام سيد عددا من قضايا التاريخ الاستعماري والتجاري عبر تتبع طرق تجارة القطن في القرنين التاسع عشر والعشرين في الإمبراطورية البريطانية مبرزة مدن الموانئ كأماكن للمقاومة.

وعبر الفكرة الأكبر المتمثلة في تعدد التجربة الشخصية التي تشكل السرد الجماعي، تقف كل قطعة من «بصمات طيفية» (سبكترال إيمبرنتس) بشكل مستقل، لكنها في الوقت ذاته تشكل سويا نظرة جمعية على السرد والتحولات الجماعية، والتي تحتل كل منها دورا في المجتمع المعاصر. تأتي دراسة ومراجعة الماضي في التوقيت الأمثل لاستكشافه، وعرضه وحمايته. في الوقت الذي نشاهد التاريخ يحدث من حولنا يتذكر المشاهدون أن التوثيق والسرد هو ما يشكل التجربة الثقافية.