دافنشي واللوحة المختفية.. خبراء يعلنون احتمال العثور على لوحة «معركة أنجياري»

لم تقع عليها عين منذ 450 عاما

فريق الخبراء يقوم بفحص الطلاء الموجود في لوحة فاساري في قصر بابازو فيكيو بفلورنسا (إ.ب.أ)
TT

فيما يعد بأن يكون اكتشاف القرن، أعلن خبراء فنيون أنهم قد يكونون بصدد اكتشاف لوحة لليوناردو دافنشي لم تقع عليها عين منذ 450 عاما.

وقال فريق الخبراء إنهم أحرزوا تقدما من خلال اكتشاف آثار رسم مماثل لذلك الموجود في لوحة «موناليزا» على حائط مخفي في قصر بالازو فيكيو بفلورنسا حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أمس. وقد وجد الباحثون فجوات في بعض الأماكن في الحائط بحجم 3 سنتيمترات بين حائط خلفي والحائط الجديد الذي رسم عليه الفنان الإيطالي جورجيو فاساري لوحته «معركة مارسيانو». واستخدم الباحثون مسبارات دقيقة دقت في لوحة فاساري لفحص الألوان التي وجدت على الحائط القديمة.

النتيجة التي أعلنت أمس هي ثمرة أعوام طويلة من البحث قام بها فريق من الخبراء برئاسة البروفسور ماوريتسيو سيراتشيني الأستاذ بجامعة سان دييغو بكاليفورنيا.

اللوحة المفقودة هي جدارية لم تكتمل بعنوان «معركة أنجياري» كلف بها دافنشي في عام 1505 ولكنه تركها قبل أن تكتمل. وحسب رسم منسوخ عنها فاللوحة تمثل مشهدا ضخما لمعركة يشارك فيها عدد من الفرسان على صهوة الخيل بغرض الخطف راية.

وعلى الرغم من الإعلان الذي يعد سارا للكثيرين من عشاق فن دافنشي وفنون عصر النهضة فإن سيراتشيني قال إنه «لا يزال هناك كثير من العمل يجب تنفيذه، لكن هذا الدليل يظهر أننا نبحث في المكان الصحيح».

ويعتقد سيراتشيني وبعض الباحثين أن اللوحة الجدارية التي يبلغ عرضها أربعة أمتار وطولها ستة أمتار ونصف المتر لا تزال محفوظة ومخبأة وراء جدار في قاعة «صالون دي تشينكويتشينتو» في بالازو فيكيو.

واستخدمت معدات تكنولوجية متطورة، بينها كاميرا دقيقة تعمل بأشعة جاما، في أواخر العام الماضي لتحديد الأصباغ السوداء والبرتقالية والحمراء والبنية على الحائط.

وأظهرت النتائج أن المركب الكيميائي للصبغ الأسود - الذي يتكون بصورة أساسية من المغنسيوم ولكنه يحتوي على حديد - متطابق مع ذلك الذي عثر عليه في لوحة «الموناليزا» ولوحة أخرى للرسام الإيطالي في متحف اللوفر بباريس وهى لوحة يوحنا المعمدان.

وحسب ما تذكر المصادر التاريخية فقد كلف دافنشي ومايكل أنجلو برسم جداريات متقابلة في بالازو فيكيو وهو مقر الحكم آنذاك وذلك لتخليد ذكرى معركة تصور نصر جمهورية فلورنسا على ميلانو في القرن السادس عشر الميلادي.

وحسب الروايات فقد استخدم دافنشي الألوان الزيتية مباشرة على الجص الجاف الذي كان تقنيا غير ثابت وهو أسلوب مغاير للمعتاد اتبعه دافنشي أيضا في لوحته «العشاء الأخير». ولكن بعد تعرض المدينة لعاصفة رعدية خلقت نسبة عالية من الرطوبة بدأت الألوان في السيلان واختلطت ببعضها وهو ما أحبط دافنشي ودفعه لترك العمل وهو غير مكتمل.

أما مايكل أنجلو فقد قام بعمل بعض الرسوم المبدئية للوحة «معركة كاسينا» ثم ترك المشروع كله ليتجه إلى روما لإتمام الرسوم في ضريح البابا جوليوس الثاني ويروى أن رسوماته في بالازو فيكيو تم طمسها بفعل منافس مجهول.

ويبدو أن فكرة جمع دافنشي ومايكل أنجلو في مكان واحد لم تكن فكرة جيدة منذ البداية فالمعروف عن الفنانين عدم تقبلهما لبعضهما وتنافسهما الشديد ولا عجب أن تكون النتيجة فشل المشروع بأكمله.

وتبعا لبعض الباحثين فإن اللوحة ظلت على حالها لسنوات طويلة حتى أوكلت أسرة ميديشي إلى الرسام والمهندس المعماري الإيطالي المشهور جورجيو فاساري مهمة تجديد القاعة الرئيسية في المبنى القديم ورسم جداريات جديدة تمجد بطولاتهم.

وفي الوقت الذي كان يفضل فيه الميديشيون إزالة لوحة «معركة أنجياري» لدافنشي بصورة كاملة، يرى الباحثون أن فاساري الذي كان من المعجبين بأعمال دافنشي قرر إخفاءها عن العيون. والمعروف أن فاساري قد كتب بتوسع حول فناني النهضة في كتابه الشهير «سير الفنانين».

ويذكر أن مؤرخي الفنون يصفون جدارية «معركة أنجياري» على أنها أحد أبرز وأهم أعمال دافنشي عبقري عصر النهضة وصاحب الكثير من الروائع الفنية الفريدة مثل الموناليزا والعشاء الأخير خاصة أنها غيرت الكثير من المفاهيم في تصوير الحركة والصراع الجسدي.

وعلى الرغم من أن اللوحة لم تكتمل فإن أن هناك نسخة منها تعرض في متحف اللوفر رسمها الفنان الشهير روبنز، بينما يعرف خبراء الفنون وجود نسخة من لوحة مايكل أنجلو رسمها أحد تلاميذه بالقلم بالرصاص.

وعلى الرغم من أن العثور على لوحة دافنشي يعد نصرا كبيرا بكل المقاييس فإن هناك من شكك في جدوى ما يقوم به البروفسور سيراسيني والذي قال بأن ما دفعه للبحث عن اللوحة وتوقعه بأن تكون مختفية هو جملة بسيطة موجودة على لوحة فاساري الضخمة مكتوبة على علم يحمله أحد الجنود وتقول «ابحث وستجد».

ويؤيد سيراسيني في اعتقاده الكثيرون الذي يرون أن فاساري لم يكن ليرسم لوحته فوق لوحة لدافنشي لما عرف عنه من حب للفنان الأشهر.