أغذية الأطفال في ألمانيا تحولهم إلى «مدمني» بدانة

تشير إحصائيات وزارة الصحة الألمانية إلى أن وزن نصف تلاميذ المدارس في ألمانيا يزيد عن المعدل الصحي

TT

تشير إحصائيات وزارة الصحة الألمانية إلى أن 50% من الألمان يعانون من البدانة، بينهم 25% من شديدي البدانة. وهناك اليوم 15 مليون بدين يعيشون في ألمانيا، ويرشحهم وزنهم الثقيل لدخول المرحلة التي تسبق تشخيص إصابتهم بداء السكري، أو الفترة التي تسبق إصابتهم بالجلطة.

الأدهى من ذلك هو تفاقم ظاهرة بدانة الأطفال في البلدان الصناعية، حيث تشير إحصائيات وزارة الصحة الألمانية، كمثل، إلى أن وزن نصف تلاميذ المدارس في ألمانيا يزيد عن المعدل الصحي. وإذا كانت ظاهرة بدانة الأطفال ترتبط بقلة الحركة وسيادة عصر الكومبيوتر والتلفزيون فإن الأغذية غير الصحية السائدة في السوق لا يمكن، في كافة الأحوال، تبرئتها من المسؤولية عن هذه الظاهرة. مع ملاحظة أن انتشار ظاهرة البدانة بين النساء أدت إلى تفاقم ظاهرة ولادة «الأجنة العملاقة» التي تعرض حياة الأم، وحياة الجنين، إلى الخطر على حد سواء.

دراسة جديدة أعدتها منظمة «فوود ووتش» الألمانية، ونشرت أمس ببرلين، تكشف أن أغذية الأطفال التي تباع في السوق، من عصيدة البطاطا إلى الهمبرغر والمرطبات، بعيدة كل البعد عن التغذية الصحية للطفل، والتي توصي بها وزارة الصحة الألمانية، فمعظم هذه المواد الغذائية محلاة بشكل زائد عن اللزوم، ومشحونة بالدهون، وتقل فيها نسبة الفواكه والخضر عن النسبة المثبتة على أغلفتها في المحتويات.

الدراسة التي تحمل عنوان «الأطفال يشترون» قرعت أجراس الخطر في كواليس الدوائر الصحية، بالنظر لعلاقة تغذية الأطفال بالبدانة والأمراض، ولأن هذه الأغذية لا تلتزم بتوصيات وزارة الصحة، فحصة التغذية غير الصحية من ظاهرة البدانة لا تقل عن حصة «نمط الحياة الحديثة» وسيادة عصر «ألعاب الكومبيوتر» وقلة الحركة.

أخضع خبراء «فوود ووتش» 1514 منتجا غذائيا مخصصا للأطفال، ومن الأغذية الشائعة في السوق، إلى الفحوصات، وتوصلوا إلى أن هذه الأغذية «الصحية» بعيدة كل البعد عن الصحة التي تدعيها. وشملت التحليلات منتجات غذائية طرحت في السوق بين أبريل (نيسان) 2011 ويناير (كانون الثاني) 2012 وتوصلت إلى أن محتويات السكر الرخيص فيها أكثر من محتويات الفواكه والفيتامينات، بل إن نسبة السكر في بعضها، وخصوصا المرطبات والمشروبات، ترتفع إلى 15%، في حين تقل نسبة الفواكه والخضر عن 5%.

عموما يمكن تصنيف 96% من هذه الأغذية في القائمة الحمراء، لأن 73.3% منها هي وجبات طعام غاية في الحلاوة ودهنية جدا، ولا يمكن احتساب سوى نسبة 12.4% على قائمة الأغذية الصحية التي تلتزم بـ«هرم الغذاء الصحي» الذي رسمته وزارة الصحة للأطفال. وإذ تحمل بعض الأغذية شعار «جسدي يحتاج إلى البروتين والكالسيوم والفيتامينات» فإن نسبة هذه المواد فيها ضئيلة، وهذا ينطبق مثلا على اللبن الزبادي المحلى بالفواكه، لأن نسبة السكر الصناعي في بعض أنواعه ترتفع إلى 15%. وتحتوي بعض أنواع «الكاستر» على سكر يعادل 5 - 6 مكعبات، وترتفع نسبة السكر الصناعي في الحلويات إلى 25 - 50%.

ووجهت أنا ماركفاردت، من منظمة «فود ووتش» اتهامات مباشرة إلى قطاع إنتاج أغذية الأطفال قائلة لمجلة «دير شبيغل» إن هذه الشركات تحاول تربية الأطفال على الأغذية غير الصحية منذ نعومة أظفارهم. وأضافت الخبيرة أن قطاع إنتاج أغذية الأطفال يحول الأطفال إلى «مدمني» أغذية سكرية ودهنية. وحسب رأيها فإنه من المتعذر على الأم أن تضع برنامج أغذية متوازنا، من ناحية المحتويات والصحة، باستخدام الأغذية المطروحة في السوق.

إن اللجوء إلى السكر على حسب المحتويات الأخرى، مثل الفواكه والفيتامينات، لا يعني سوى السعي إلى المزيد من الأرباح، حسب رأي «فوود ووتش». وتستخدم الشركات أشكال «الكوميكس» الملونة وأفلام كارتون، والهدايا المخبأة، وصور نجوم الكرة وما إلى ذلك للترويج إلى منتوجاتها، وهو ما يجعل الطفل أسير هذه المنتجات.

وبلغ من نفاق شركات إنتاج أغذية الطفل أنها تروج منذ سنوات إلى الحملات التي تدعو إلى الحمية واللياقة والصحة العامة، ثم تروج إلى منتجاتها ذات المفعول المعاكس. وتعتبر أرباح الشركات من قطاع الشوكولاته، بفضل نسبة السكر العالية (الرخيص عادة)، من أعلى الأرباح في الصناعة لأنها تتجاوز 15% لكل منتج.

جدير بالذكر أن اتهام صناعة أغذية الأطفال بتحويل الأطفال إلى مدمني junkies سكر ودهون ليس جديدا. وسبق للكاتب الأميركي باري بوبكين أن قرن في كتابه المعنون «العالم البدين» بين تكتيك قطاع إنتاج السجائر بتكتيك قطاع إنتاج الغذاء للطفل.