نجوم وسياسيو بريطانيا وأميركا يجتمعون على العشاء في البيت الأبيض

أوباما أقام أكبر حفل عشاء في عهده على شرف رئيس الوزراء البريطاني

لقطة جماعية للرئيس أوباما وزوجته ميشيل مع ديفيد كاميرون وزوجته سامنثا (رويترز)
TT

حسب التقاليد الأميركية، يكرم رؤساء الوزارة الزائرين للولايات المتحدة الأميركية بغداء في وزارة الخارجية، ويكرم بعض رؤساء الدول - لا كلهم - بعشاء في البيت الأبيض. ولكن على غير المألوف، قرر الأميركيون إثبات «العلاقة الخاصة» مع البريطانيين بإقامة حفل عشاء فاخر على شرف ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني الذي يزور واشنطن حاليا.

وحسب التقاليد أيضا، فإن أي حفل عشاء يقيمه الرئيس الأميركي على شرف رئيس زائر يعد مناسبة وطنية لها تقاليدها وطقوسها، وذلك لأن شخصيات مهمة تدعى إليها من كل الولايات، ومن كل المهن.

في الجانب الآخر، يهتم البيت الأبيض نفسه بالمناسبة، ويخطط لها منذ شهور، ويشرف على التخطيط الرئيس وزوجته.

وأول من أمس، قبل خمس ساعات من العشاء، دعت ميشيل أوباما، السيدة الأولى، الصحافيين لإطلاعهم على مكان العشاء، وتنظيم الموائد، وأنواع الطعام التي ستقدم للضيوف. وبسبب الربيع الذي جاء مبكرا هذه السنة إلى واشنطن، أقيم الحفل تحت خيمة عملاقة وأنيقة في الفناء الجنوبي للبيت الأبيض، بالقرب مما يسمى «روز غاردن»، (حديقة الزهور)، حيث يستقبل الرئيس الأميركي الرؤساء الأجانب، أو يعقد أحيانا مؤتمرات صحافية.

وقالت ميشيل أوباما للصحافيين «من الأشياء التي أحبها تنظيم وترتيب حفلات العشاء الرسمية. وأريد أن أشارككم اليوم بهجتي بعشاء رئيس وزراء بريطانيا وزوجته». وكان مع ميشيل عدد من الشباب والشابات، الذين قالت عنهم «من وقت لآخر، ندعو شباب وشابات أميركا للاطلاع على هذه الترتيبات، ليعرفوا أهمية إكرام ضيوف الولايات المتحدة، وليعرفوا التقاليد الأميركية العريقة في إكرام هؤلاء الضيوف، والتي تعود إلى وقت تأسيس هذه الجمهورية».

وكان البيت الأبيض دعا طلبة وطالبات من مدارس ثانوية في واشنطن وضواحيها لهذا الهدف. وأيضا، عشرة من طالبات مدرسة إليزابيث أندرسون للبنات في بريطانيا. دعتهم ميشيل نفسها وذلك لأنها قبل سنتين، كانت زارت المدرسة. وأمس، قالت للصحافيين «زرت المدرسة، وأعجبت بها، وشكرتهم على حسن ضيافتهم لي، وقلت لهم إنني لا بد أن أدعوهم لزيارتنا. وها هم هنا».

غير أن مجرد مشاهدة ترتيبات حفل العشاء، ناهيك عن حضوره، ليست مجرد مشاهدة. إنها تتم حسب دعوات مسبقة. كما أن الشباب والشابات الذين يدعون لمشاهدة الترتيبات عادة يكتبون مواد مدرسية عن البيت الأبيض، وتاريخه وتراثه.

وبعد حديث السيدة الأولى، تحدثت بروك أندرسون، مديرة موظفي مكتب الأمن القومي في البيت الأبيض، عن أهمية زيارة الزعماء الأجانب، وعلاقتها بالسياسة الخارجية الأميركية. وتحدثت كريس كومرفورت، كبيرة طباخي وطباخات البيت الأبيض، عما سيقدم للضيوف.

كانت كل هذه الاستعدادات والمؤتمرات الصحافية وتصريحات المشرفين في الظهيرة. وفي المساء، كان كل شيء مرتبا لوصول الضيوف. وحسب التقاليد، وقف كبار المدعوين في صف طويل. وأول من وقفت كانت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، في فستان طويل من الحرير البنفسجي، ويشبه الساري الهندي. والدكتورة جيل بايدن، زوجة نائب الرئيس.

كان هذا أكبر حفل عشاء يقيمه الرئيس أوباما منذ أن دخل البيت الأبيض، حيث وصل عدد مدعويه إلى قرابة 400 شخص. ورغم الإجراءات الأمنية المتشددة، مروا عبر نقاط التفتيش وإلى الخيمة العملاقة في هدوء، وكان أول الذين دخلوا الخيمة أنتونين سكاليا، قاضي المحكمة العليا وزوجته، ثم إدوارد كوتش، عمدة نيويورك السابق وثالث أغنى رجل في العالم، والملياردير الأميركي وارين بافيت. وكان هناك إيريك هولدر، وزير العدل، وزوجته غير أنهما أخطآ ودخلا الخيمة العملاقة الأنيقة من باب الخروج. وتندر للصحافيين قائلا: «مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) يتبع لي. لهذا، أنا أدخل من حيث يخرج الناس، وأخرج من حيث يدخل الناس، وأفعل أي شيء أريد أن أفعل».

ومن بين قرابة 400 مدعو، كان هناك عدد كبير من البريطانيين، جاءوا خاصة لحضور العشاء. مثل السير ريتشارد برانسون، رئيس شركات «فيرجين» ولاعب كرة الغولف البريطاني روي ماكلروي وهيو بونيفيل، الممثل البريطاني بطل مسلسل «داونتن آبي»، وذكر الصحافيون الذين كانوا يتابعون العشاء، أن زوجته أميركية وهي ابنة الممثلة الأميركية العريقة شيرلي ماكلين. وتندر الممثل قائلا «تتحدثون عن العلاقة الخاصة بين بريطانيا وأميركا. أنا عندي علاقة خاصة حقيقية وشخصية ومثيرة».

ومن أبطال المسلسل الشهير أيضا حضرت الممثلة الأميركية إليزابيث ماكغفرن التي أجابت لدى سؤالها عن «العلاقة الخاصة» بين بريطانيا وأميركا: «في مسلسل (دونتون أبي) أنا ألعب دور جسر بين البريطانيين والأميركيين». كما حضر الممثل البريطاني داميان لويس بطل مسلسل «هوملاند» والممثلة الشابة كاري ماليغان وأيضا آنا وينتور رئيس تحرير مجلة «فوغ».

ولاحظت الصحافية الأميركية كرستين ويلكي، من صحيفة «هافنغتون بوست» في الإنترنت، أن نسبة كبيرة من النساء يرتدين فساتين طويلة، وقالت إن هذا النوع من الفساتين «أنيق ومثير» في نفس الوقت ولاحظت أن اللون الطاغي ليس الوردي ولكن الأزرق الغامق (الذي يسميه الأميركيون «نيفاي بلو»، إشارة إلى اللون الرسمي للأسطول البريطاني).

ولم ينس أوباما وزوجته ميشيل أن يدعوا أصدقاءهما اللامعين في هوليوود، بالإضافة إلى جورج كلوني، كان هناك هارفي واينشتاين، من كبار المخرجين ورئيس استوديوهات ميراماكس، وتقدر ثروته بالمليارات. وقال واينشتاين للصحافيين: «أوباما أكثر رئيس إنساني. إنه رجل متواضع. نعم، نحن الأميركيين لا نتحدث عن هذا بسبب خلافاتنا السياسية. لكن، يوما ما، سنعترف بأنه رجل من نوع نادر».

غير أن أكثر الأنظار تركزت على الرئيس والسيدة الأولى. فظهر أوباما في بدلة «توكسيدو» سوداء ولبست ميشيل فستاتا طويلا باللون الأزرق من تصميم دار ماركيزا للمصممة جورجينا تشابمان التي حضرت الحفل. وكملت ميشيل أوباما مظهرها بمجموعة كبيرة من العقود، بعضها فوق بعض. ووقف أوباما وزوجته خارج الخيمة استعدادا لاستقبال كاميرون الذي لبس هو أيضا بدلة «تكسيدو» سوداء، بينما لجأت سامنثا إلى فستان أزرق طويل من تصميم البريطانية أليساندرا ريتش.

وخلال التقاط الصور التذكارية، كانت فرقة الأوركسترا تعزف خليطا من الموسيقى الأوروبية والأميركية: جاز، وموتسارت، وبتهوفن، والريف الأميركي (كانتري).

وفي التاسعة تماما، حسب برنامج مفصل ومنظم جدا، وقف أوباما وألقى خطاب الترحيب الذي استمر ثماني دقائق.

مرة أخرى، أشار إلى «البحيرة الصغيرة التي تفصل بيننا»، وأشار إلى تعاون كاميرون معه خلال الحرب في ليبيا. ثم تحدث عنه شخصيا، وأشاد به وبزوجته، وأشار في حزن، إلى أنهما فقدا طفلا قبل ثلاث سنوات.

بعد دقيقتين من شرب الأنخاب، وفي التاسعة وعشر دقائق تماما، وقف كاميرون ليلقي كلمته. وهو أيضا تحدث عن أوباما شخصيا. وقال: «ثلاثة أشياء تعجبني في باراك: القوة، والحكمة، والأخلاق». وخلال العشاء، عزفت الأوركسترا: «عندما تستثمر في الحب، تستثمر في الحياة».

* قائمة الطعام.. خليط بريطاني أميركي

* المشهيات:

* قطع سمك الهلبوت مع بطاطس وخضراوات زرعت في حديقة البيت الأبيض. ثم سلطة متنوعة أيضا من الخس والأفوكادو والخيار مع صوص البصل، أيضا من حديقة البيت الأبيض.

* الطبق الرئيسي:

* قطع من لحم «بايسون ويلينغتون» (لحم الثيران الوحشية التي تعيش في الغرب الأميركي) قدمت داخل فطيرة هشة والى جانبها قدمت الفاصوليا الخضراء وحلقات البصل.

الحلوى:

* بودينغ بريطاني بالليمون مع صلصة التوت

* وتعليقا على اختيار القائمة قالت كبيرة طباخي وطباخات البيت الأبيض: «رأينا الجمع بين ثقافتي الطعام الأميركية والبريطانية: الثور أميركي، والفطيرة بريطانية، وكلنا نعرف أن البودينغ حلوى بريطانية. لكننا أضفنا إليها نكهة أميركية مثل صوص التوت الذي يزرع في ولاية إيداهو وتفاح (بيبين) والذي كان يزرعه الرئيس توماس جيفرسون وهو نفس النوع الذي كانت تفضله الملكة فيكتوريا في القرن التاسع عشر ويقال إنها أعفته من الجمارك لكثرة حبها له».