بنظرة على فنون العالم.. «آرت دبي» يفتح أبوابه

بمشاركة 75 صالة تمثل 32 دولة

«الأساتذة المجهولون» للخطاط رشيد قريشي وعمل «كعبة الله العليا» للفنانة شادية عالم ومشهد عام للصالات المشاركة ومن مشروع «تسبيح الطيور» لآريا باندجالو وسارة نيوتمانز
TT

تعج دبي هذه الأيام بالزوار الذين قدموا إليها من جميع أنحاء العالم؛ للمشاركة أو الاستمتاع بأسبوع الفنون، والذي يكون آرت دبي أحد أهم مكوناته. وإلى جانب سوق الفنون الشهيرة التي تقام للعام السادس، تقدم دبي الفرصة للمبدعين من الإمارات ومن العالم، لعرض فنونهم للجمهور، فهناك العشرات من الصالات الفنية التي دبت فيها الحياة بشكل جميل ومنعش، تقدم خليطا من ألوان الفنون بعضها متميز بالفعل ويستحق التوقف أمامه، والبعض الآخر يستطيع الزائر المرور أمامه من دون أن ينطبع في ذهنه الكثير منه، ولكن الصورة العامة تستفيد بالقطع من هذا الوجود السخي وهذه الألوان المتعددة. فمن منطقة السيركال إلى منطقة القوز إلى سوق البستكية التراثية، هناك الكثير من الفنانين الذين يصبغون ربيع هذه المدينة بفنهم ويجملون لياليها.

وبالأمس افتتحت الدورة السادسة لآرت دبي، حيث قام الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بزيارة المعرض وتفقد الأجنحة المختلفة له، وتوقف عند بعض الأعمال، وقامت بمرافقته خلال الجولة أنتونيا كارفر، المدير العام لآرت دبي.

وكانت كارفر قد عقدت لقاء مع الإعلاميين الموجودين في أرض المعرض، حيث استعرضت أمامهم أهم الفعاليات التي يحتضنها المعرض، وحرصت على أن تنوه بأن المعرض يقدم الكثير من الفعاليات غير التجارية الطابع، ومنها اللقاءات الفنية ومنتدى الحوار والبرامج التعليمية والتثقيفية، وأنه يشمل «أيام التصميم - دبي» للمفروشات والمقام حاليا.

وتشارك في هذه الدورة 75 صالة تمثل 32 دولة من حول العالم، منها 10 صالات من دولة الإمارات، وهي أكبر مشاركة لها في المعرض منذ إطلاقه. وبعد الإمارات يأتي لبنان، والذي يشارك بست صالات، وسوريا بصالتين، ومن السعودية هناك غاليري أثر، ولكن أعمال الفنانين العرب تطل أيضا من خلال الصالات العالمية التي تحتضن أعمالهم، فهناك الفنان تيسير البطنيجي، الفائز بجائزة أبراج كابيتال لهذا العام، فيعرض له غاليري صفير زملر سلسلة من الصور الفوتوغرافية بعنوان «آباء»، وهي صور تشد الزائر بقوة وتغمسه داخلها ليصبح أسير المحال الفارعة التي تصورها وتقبع على رفوفها صورة لرجال يبدو أنهم رحلوا عن العالم، الصور المفعمة بالمشاعر والمعاني تحمل بصمة بطنيجي وتتميز بثرائها الروحي والبصري.

ويقدم «غاليري أكتوبر» من لندن أعمال الخطاط رشيد قريشي، والتي فازت بجائزة جميل للفنون التي يمنحها متحف فيكتوريا آند ألبرت في لندن. القطع المعروضة هنا هي ضمن مجموعة مكونة من 99 منسوجة تكون سلسلة «الأساتذة المجهولون»، والتي يستخدم فيها الفنان حروف الخط العربي مقترنة بالرموز والأرقام لخلق منظومة فنية تحاكي صحف التراث وتضفي عليها أبعادا معاصرة.

تلفت النظر خلال الجولة سجاده معلقة في جانب من غاليري «أيكون» من نيويورك وبالاقتراب منها نتبين أنها مصنوعة من أوراق نقدية من فئة الدولار، يشرح لنا صاحب الغاليري أن السجادة من عمل الفنان الباكستاني عبد الله سيد وهي بعنوان «السجادة الطائرة»، ويعتمد الفنان هنا على تضفير أوراق الدولار التي شكلها على هيئة طائرات «درون»، (من دون طيار)، والتي راح ضحيتها المئات في هذا الجزء من العالم، قائلا «القطعة يمكن تفسيرها على أنها ضد السياسة الأميركية، أو ضد الرأسمالية، هناك الكثير يجري هنا، ولكنها أيضا بسيطة وجميلة».

ومن إندونيسيا التي تشهد حضورا واضحا في المعرض هذا العام تجد عرضا لمشروع «بيرد براير»، (صلاة الطيور)، والذي يقدم عبر مجموعة من الصور لأربعة أشخاص يرتدون على رؤوسهم نماذج لأبنية دينية على هيئة أقنعة مفتوحة من الأمام.

يقول صاحب الغاليري «الفنانة هولندية متزوجة من إندونيسي، أرادا أن يقدما للجمهور فهما للتنوع الديني في العالم الآن، فعبر ارتداء تلك الأقنعة في شوارع لندن وإسطنبول ولاهاي وجاكاراتا، نجح هؤلاء الأشخاص في إثارة أسئلة الجمهور حول ما يقومون به». المشروع يريد أن يثير الحوار حول تعايش الأديان ووحدتها أيضا في أنها تتوجه لخالق واحد.

أما المشروع الآخر القادم من إندونيسيا فهو مجموعة من الصور لمجسمات على هيئة الكعبة التقطت في عدد من المدن الإندونيسية، حيث إنه من المتعارف عليه قيام السلطات ببناء مجسمات للكعبة ليتعلم منها الأطفال والحجاج كيفية إقامة الشعائر الدينية. ويشير محدثنا إلى أن الصور التقطت في مدن مختلقة، ومن ثم كان مجسم الكعبة مختلفا في الشكل، حيث اختلفت الكسوة الموضوعة حوله من مكان لآخر، ولكن المشروع بشكل ما يعرض لفكرة الاختلاف في الشكل والوحدة في المضمون، فالكعبة واحدة والشعائر واحدة، ولكنها تختلف في هيئتها الخارجية من مدينة لأخرى.

خلال الجولة لا بد من التوقف أمام مشهد غير مألوف، فهناك مساحة من القطع الزجاجية المهشمة على الأرض تبدو كبقايا مدينة من الكريستال تكسرت أجزاؤها فيما عدا هياكل بيضاء على هيئة سلالم ما زالت قائمة فيها، ويقوم شخصان يرتديان بذلتين قماشيتين بيضاوين بأقنعة بتركيب تلك القطع سويا، أو هكذا يبدو، فحسب ما تذكر الفنانة ماريا كازون، صاحبة العمل يمكن للمشاهد تخيل ما شاء حول العمل فهو مفتوح للتفسيرات. وتقول الفنانة «سيقومان بالتغيير في القطع يلصقان القطع ويكونان الأشكال منها، وسنجد الشكل مختلفا كل يوم، المهم بالنسبة لي هو أن تنتقل المشاعر التي يحملها العمل إلى المشاهد، وأن تثير فيه مشاعر مختلفة، فمثلا قد يرى فيها البعض مدينة متكسرة، ولكن هناك السلالم البيضاء التي يمكنها أن تنقل المتفرج من عالم إلى لآخر».

وأخير في غاليري «أثر من جدة» لا بد من التوقف أمام عمل يحمل بصمة الفنان أيمن يسري ديدبان الذي تترك أعماله تأثيرا واضحا في المشاهد، وهنا يعرض له عمل «الراعي» من سلسلة «إحرامات» ويطرح هنا فكرة الراعي والرعية.

ويضم الغاليري أعمالا لـ12 فنانا منهم صديق واصل بعنوان «روميو وجولييت»، وإبراهيم أبو مسمار «القبة الخضراء» و«مبخرة». وهناك أيضا عمل الفنانة مها الملوح «غذاء للعقول»، والذي يقدم بشكل بديع وموح مجموعة من الأشرطة التي تحمل المحاضرات الدينية التي انتشرت في فترة الثمانينات ووضعتها الفنانة في صفوف منتظمة داخل صينيات كانت تستخدم لحمل الخبز من الأفران.

ومن أعمال شادية عالم هناك سلسلة «كعبة الله العليا» مكونة من كولاج من صور التقطتها الفنانة ترصد التغيير في شكل مكة المكرمة، تتوسط الكعبة تلك الصور تتصدرها وتبرز إلى سطحها فهي المركز وإن اختلفت المشاهد حولها فمن مبان قديمة اختفت إلى رافعات بناء حديثة تغير شكل المدينة المقدسة التي نشأت فيها الفنانة وارتبطت فيها بذكريات لأماكن اندثرت وغابت عن الوجود.