تزايد معدلات طلاق العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية

اتهامات الخيانة الزوجية والحسابات السرية.. من المؤثرات على العلاقات الزوجية

في بعض حالات الطلاق يواجه الأزواج اتهامات مزعومة بالخيانة الزوجية
TT

أظهرت إجراءات الطلاق التي تقدمت بها تلك السيدة القاطنة في بلدة فريدريكسبيرغ بولاية فرجينيا الأميركية كل التفاصيل المضطربة، بما في ذلك أكثرها سرية. قالت الزوجة في أوراق القضية إن زوجها ضابط عمليات سرية لدى وكالة الاستخبارات المركزية، وإن عمله أفسد زواجهما الذي دام 5 سنوات.

وكتبت المرأة، وهي في الثلاثينات من عمرها، في ديسمبر (كانون الأول): «استغلني وابنته للقيام بعمليات سرية.. لم أشعر بالأمن ولم أعرف على الإطلاق ماهية الأشخاص الذين يبدون رغبة في التعرف إلينا أو السبب في ذلك. ونتيجة لمهامه المختلفة لم أتلق شبكة دعم جيدة من الأفراد الذين يمكنني الثقة بهم أو الاعتماد على مساعدتهم». وزعمت أن زوجها الجاسوس لم يبد رغبة كبيرة في القيام بالروتين المنزلي، «فلم يبد رغبة على الإطلاق في القيام بأعمال غسيل أو تطبيق الغسيل أو مسح أو كنس أرضية المنزل أو تغيير حفاضات الأطفال».

وتعد رواية السيدة إطلالة نادرة على الضغوط الكبيرة التي تفرضها شروط السرية للوكالة على زيجات عملائها. فعادة ما تكون حالات الطلاق التي يكون أطرافها جواسيس سرية كعملهم. وعادة ما تطمس التفاصيل في الوثائق السرية في المحاكم. وعدد قليل من الأفراد هم من تمكنوا من الاطلاع على محتوى هذه الأوراق، الذين يمكنهم الحديث عن ذلك مثل محامي الطلاق أو مستشاري الزواج وأحيانا محامي الوكالة.

وعلى عكس البنتاغون - الذي يدرس عدد المرات التي ينفصل فيها أفراد الخدمة فقد أعلن البنتاغون على سبيل المثال أن 29.456 من بين 798.921 من الأزواج العسكريين طلقوا العام الماضي - لا تحتفظ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بسجلات بشأن معدلات طلاق موظفيها.

وذكر ضابط في وكالة الاستخبارات المركزية خدم لمدة عقدين من الزمن ويعيش في ولاية فرجينيا، أنه علم أن معدلات الطلاق للعاملين في قسم العمليات في الوكالة عالية بنسبة تثير الدهشة.

وأضاف الضابط، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه لحماية هوية عائلته، إنه طلب من مكتب شؤون الأفراد معلومات عن أعداد حالات الطلاق بين الأزواج العاملين في الوكالة في عام 2005 لأنه كان يدير مجموعة عمليات الشرق الأوسط وكان قلقا بشأن ضغوط ما بعد الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على ضباط الوكالة وعائلاتهم. وعندما علم بعدد الزيجات التي انهارت، حث ضباطه على عدم القيام بمهام متتابعة من دون زوجاتهم.

في أعقاب ذلك بوقت قصير تولى الجنرال مايكل هايدن، رئاسة الاستخبارات في عام 2006، وقد سمع مع زوجته جينين أيضا قصصا بشأن الزيجات التي انهارت في الوكالة السرية، وكانا يريدان معرفة مدى حجم المشكلة.

وقال هايدن، الذي استمر في قيادة الوكالة حتى بداية عام 2009: «إن قوانين السرية منعتنا من الحصول على معلومات دقيقة. الإجابة الحقيقية هي أننا لا نعلم ما هو الرقم الصحيح بخصوص معدلات الطلاق».

ويشير بيتر غولسون، المتحدث باسم الوكالة، إلى أنه رغم استمرار بعض الزيجات لعقود في الوكالة، فإن الوكالة تعترف بأن وظائفها الخطرة تؤثر على العلاقات الزوجية.

وتحاول الوكالة من خلال برنامج مجلس مستشار العائلة ومساعدة الموظف، على القيام بكل ما في وسعها لمساعدة العائلات وبشكل خاص عندما يخدم الموظفون في مناطق الحرب، كما ذكر غولسون. وتقدم الوكالة خدمات الاستشارة ودعم الصحة العقلية لموظفيها وعائلاتهم، وتقدم إحاطة للأزواج والشركاء في مهام الوكالة، وإعانات وخدمات أمنية في الخارج.

وأضاف غولسون، مشيرا إلى أن أي منظمة يواجه موظفوها الخطر يجابهون ضغوطا على زيجاتهم، وقال: «الوكالة عائلة متماسكة، لذا فإن ضمان شعور أفراد العائلة والأزواج بأنهم متصلون وعلى اطلاع جيد يشكل أولوية لدى الوكالة».

ويقول مستشارو الزواج ومحامو الطلاق في واشنطن الذين يعملون مع الأزواج العاملين في وكالة الاستخبارات، إن بعض العلاقات الزوجية تفشل بسبب الاتهامات بالخيانة الزوجية أو اكتشاف حسابات مصرفية سرية، ولكن غالبية الزيجات تفشل بسبب الأسئلة التي لا تتم الإجابة عنها بشأن عمل الزوج في الوكالة.

فتقول إليزابيث سلوآن، مستشارة الزواج في ماكلين، التي التقت 75 حالة، من بينهم أفراد عاملون في وكالة الاستخبارات: «بعض ضباط وكالة الاستخبارات يقولون لزوجتهم: (لقد كنت على علم بما تمليه علي طبيعة عملي لدى قبولي العمل لدى الوكالة، فلماذا تتذمرين الآن؟)، إن الأمر خطير حقا لدى هؤلاء الأفراد لأن السرية جزء من طبيعة عمل الزوج».

وتذكر سيدة فريدريكسبيرغ أن زوجها أخبرها في البداية أنه يعمل في وزارة الخارجية.

كان الزوجان قد التقيان في أواخر عام 2005 من خلال موقع للمواعدة على الإنترنت، وكانا يتبادلان الاهتمامات المشتركة - السفر والتعلم واللغات وحب الكلاب - واتفقا على اللقاء على الغداء في مدينة ألكسندريا بولاية فرجينيا.

وفي عام 2006 أفصح الزوج عن طبيعة عمله الحقيقية، عندما أظهر لها ميدالية تحمل شارة وكالة الاستخبارات المركزية.

وتستدعي المرأة تلك الواقعة بالقول: «قال لي: (أنا عميل للوكالة)، وكنت مبهورة بذلك، وقلت له: لماذا لم تقل ذلك؟ ثم خطر ببالي مليون سؤال، لكنه لم يقل أكثر من ذلك».

تزوج الاثنان في أواخر ذلك العام في حفل أقيم على الشاطئ. وخلال رحلة العودة، لاحظت أنه كان يراقب تحركات الكثير من الشباب الأجانب. ولم يؤكد زوجها أو ينفي شكوكها.

وأضافت: «كان غاضبا للغاية وقال وهو يبدي تبرمه: (لن أدمر مستقبلي المهني)، شعرت بالخوف، كان يراقب هؤلاء الأشخاص، وكانت نقطة تحول حقيقية، وسألته: هل كان زواجنا غطاء لعملية؟».

بعد عامين من الزواج زاد إحساسها بالاستغلال عندما طلب منها زوجها زيارة مصنع للنبيذ مع طفلتها الوليدة الجديدة.

وتذكر السيدة: «قلت: لا، ما لم تقل لي الغرض من الزيارة».

وقالت الزوجة إن شريك حياتها كشف لها عن الدوافع الخفية لهذا الطلب، فقد كان هناك مخبر محتمل سيلتقي في ذلك اليوم مع زميله في الوكالة في مصنع النبيذ. لكن زميله لم يكن ليحضر اللقاء، فقد كانت الوكالة ترغب في معرفة كيفية تصرف المخبر في موقف مفاجئ. وكلفت الوكالة الزوج مراقبة سلوك المخبر. ولذا كان الزوج بحاجة إلى زوجته وبصحبتهما طفلته لمساعدته في عمله السري.

وجدت العائلة 3 أماكن على مقعد في مصنع النبيذ، قامت الزوجة بإرضاع الطفلة في الوقت الذي واصل فيه الزوج مراقبة الهدف. انتظر الرجل الذي كان مرتديا بدلة سوداء 15 دقيقة قبل أن يقوم بعدة اتصالات هاتفية محمومة، وفي النهاية غادر المكان. وقالت المرأة: «خطرت الكثير من الأشياء ببالي، هل هو عميل مزدوج؟ هل هناك من يراقبه؟ لم يخبرني زوجي بأي شيء. يجب أن يدفعوا لي مقابل المشاركة في أمر كهذا، أو ينبغي عليهم أن يستخدموا ممثلات محترفات أو توفير التدريب لزوجات العملاء».

ويشير بعض العملاء السابقين في وكالة الاستخبارات المركزية إلى أن الوكالة اعتمدت لفترة طويلة على العائلات لتوفير الغطاء أو المساعدة في جذب المصادر.

تفاقمت المشكلات بين الزوجين، حيث وصلت في عام 2011 إلى ساحة المحاكم حيث تصارع الزوجان على حضانة الطفل، ثم شرعا في إجراءات الطلاق.

أمر القاضي الزوج، الذي يحصل على ما يقرب من 100.000 دولار سنويا، دفع ما يقرب من 2.000 دولار شهريا كنفقة، إلى جانب 640 دولارا دعما للطفلة، بحسب وثائق المحكمة، وكان يرى ابنته 3 مرات شهريا.

وأكد غولسون، المتحدث باسم الوكالة، أن الأخيرة لا تتعامل مع تفاصيل الطلاق لكنها تتدخل لحماية هوية الضباط السريين، دون تعطيل عمل المحكمة أو لمصلحة طرف على آخر.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»