يمني يرسم بعدسة الكاميرا

صور أشبه بلوحات زيتية تتغنى بالتراث والطبيعة اليمنية

TT

تنظم وزارة الثقافة اليمنية حاليا بصنعاء معرضا لأعمال المصور اليمني عبد الرحمن الغابري، يضم 60 لقطة فوتوغرافية التقطتها عدسة الغابري على مدى السنوات الماضية.

المعرض افتتح وسط حفاوة وحضور رسمي كبير، تقدمه رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة، ووزير الثقافة اليمني الدكتور عبد الله عوبل، والأديب والشاعر اليمني المعروف الدكتور عبد العزيز المقالح، ورئيس مركز البحوث والدراسات اليمني، إلى جانب عدد من الفنانين والأدباء والمهتمين بالتصوير الفوتوغرافي، وجمهور غفير من محبي هذا الفن.

المعرض هو السادس في سلسلة المعارض الفوتوغرافية التي أقامها المصور عبد الرحمن الغابري، داخل وخارج اليمن على مدى العقود الثلاثة الماضية، التي هي قوام تجربة حافلة بالإنجازات والعطاء، جعلت صاحبها محل احتفاء وتكريم في أكثر من مناسبة على المستويين المحلي والخارجي، ومكنته من نيل عدد من الجوائز والشهادات التقديرية عرفانا بتجربته كأحد رموز فن التصوير. وتعد أعماله جزءا أصيلا من ذاكرة الثقافة اليمنية المعاصرة.

في هذا المعرض يواصل الغابري أسلوبه في الرسم بالكاميرا، فهو يضع المتلقي أمام لقطات فوتوغرافية هي أشبه بلوحات تشكيلية على مستوى الفكرة والتكوين والمعالجة، موظفا ببراعة علاقات الأضواء والظلال والألوان وتداخلاتها ليضفي على الصورة تأثيرات تشابه ضربات فرشاة الألوان، كما أن الاستثنائي في هذا المعرض أنه ضم أعمالا لابنه المصور أمين الغابري، لا تقل روعة واحترافية عن أعمال والده.

المعرض في مجمله امتداد لمعارض الغابري السابقة، ويصب باتجاه تأصيل تجربته في الاحتفاء والتغني بعناصر التراث والطبيعة اليمنية، ومن هذا الثالوث يستمد المصور اليمني مفردات لقطاته أو لوحاته التصويرية، ليعيد تقديم المألوف واليومي بلغة بصرية كثيفة الدلالات والمعاني.

ظل لدى عبد الرحمن الغابري على الدوام هاجس بثنائية الوظيفي والجمالي في تجربته التصويرية، فكما هو مشغول بالتوثيقي والموضوعي في ممارسة التصوير بشكل احترافي، نجده لا يغفل ما هو إبداعي وجمالي وفني، سواء على مستوى اختيار الموضوع وزاوية التقاطه فضلا عن اقتناص اللحظة، ليقدم للمشاهد معالم ومشاهد يمر بها يوميا من دون أن يلحظ ما تكتنزه من قيم وأبعاد فنية وجمالية إلا عندما يقف أمام الصورة اللوحة التي يفاجئه بها هذا المصور.

يقول الغابري «لست مشغولا بتقديم اليمن إلى الآخرين، فهو معروف بالنسبة لهم، لكني معني بتعريف الإنسان اليمني بجمال إرثه وتراثه وبيئته الطبيعية الفريدة».

لذلك ربما خصص الغابري في معرضه الحالي حيزا مقدرا للقطات نادرة لجزيرة سقطرى، كشف من خلالها عن جمال وروعة درة اليمن الطبيعية، وأحد آخر مستودعات الطبيعة البكر على وجه المعمورة، ليتشارك مع الآخرين الاحتفاء والاهتمام العالمي الذي تحظى به سقطرى، والجهود المبذولة للحفاظ على مكوناتها البيئية والحيوية النادرة.

كما احتوى المعرض على لقطات تظهر جماليات التراث المعماري اليمني وفنونه العريقة كما هو في صنعاء القديمة وشيبام حضرموت وصعدة وغيرها، وتبرز الكثير من الأبعاد الهندسية والفنية لتراث العمارة التقليدية.

الاحتفاء والحضور الرسمي بمعرض عبد الرحمن الغابري عده الكثيرون رسالة للتأكيد على حالة التعافي وتجاوز الأزمة السياسية بمختلف تداعياتها على الحياة العامة في اليمن طوال العام الماضي، خاصة أن وزارة الثقافة تؤكد أنه باكورة أنشطتها في سياق تنفيذ سلسلة من الفعاليات والأنشطة الثقافية خلال الفترة القادمة، كما أنها تعد لنقل المعرض ليعرض في عدد من الدول الأوروبية كجزء من حملة للترويج للمنتج السياحي اليمني في الأسواق المصدرة للسياح.