حين ينافس أوتيل «دروو» صالات «كريستيز» و«سوذبيز»

محامي شاغال يبيع لوحاته في مزاد باريسي

لوحة للفنان التشيلي روبيرتو ماطا قد يصل ثمن بيعها إلى مليوني دولار
TT

ليس من عادة «أوتيل دروو»، أشهر مؤسسة للمزادات العلنية في فرنسا، أن يناطح الشركات الأجنبية لتجارة الأثريات والأعمال الفنية التي فتحت فروعا لها في باريس، مثل «كريستيز» و«سوذبيز»، خصوصا بعد اشتعال المضاربات في أسواق التحف مع بداية القرن الجديد. مع هذا، فقد أعلنت إدارة «دروو» عن مزاد استثنائي يقام اليوم لبيع منحوتات ولوحات لم يحدث أن مرت مثيلاتها في صالاته من قبل.

وبخلاف المواعيد المقررة للبيع والتي تبدأ في الثانية بعد الظهر، فإن هذا المزاد سيجري في السابعة مساء وتخصص له الصالتان الكبيرتان في الطابق العلوي. وهو مخصص لبيع 133 قطعة تقدر، في مجموعها، بأكثر من 10 ملايين دولار. ويشمل البيع أعمالا فنية كان قد جمعها الكاتب والمحامي بيير هيبي. وكان هيبي قد شغل أوساط جامعي التحف عندما باع 54 قطعة من الأثاث العائد لأواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وذلك في مزاد جرى عام 1999. وحملت تلك المجموعة تواقيع عدد من كبار مصممي هذا النوع من الـ«آرت ديكو»، مثل جاك إميل رولمان الذي بيعت قطعة له بمبلغ 44 مليون فرنك (العملة الفرنسية القديمة حين كان الفرنك يساوي خمس اليورو)، ما اعتبره الخبراء رقما قياسيا في ذلك الوقت.

يوضع بيير هيبي، المحامي المتخصص في قضايا الملكية الفكرية وحقوق المؤلف، في طليعة جامعي الأثاث النادر وفنون التزيين أو الـ«آرت ديكو» في العالم، خصوصا بعد رحيل كل من مصمم الأزياء الفرنسي إيف سان لوران والفنان الأميركي آندي وارهول. لكنه ما زال يرفض الحديث عن مقتنياته أو الإدلاء بمقابلات صحافية. لذلك فإن المعلومات المتسربة عن ذوقه في الاختيار وعن مجموعته (التي تشاركه فيها زوجته جنفياف) جاءت من جان مارسيل كامار، وكيل البيع المكلف بتنظيم المزاد والمقرب من عائلة هيبي منذ زمن طويل.

يروي كامار أن هيبي من خامة الجامعين الأسطوريين الذين يطاردون القطعة التي تروق لهم حتى ولو كانت في آخر الدنيا. وكانت أول لوحة اشتراها عبارة عن رسم تخطيطي للفنان ماكس جاكوب، حصل عليه وهو في الثالثة عشرة من العمر. أما اليوم فيبلغ هيبي الرابعة والثمانين. وكان طيلة عمله في المحاماة يخصص جانبا كبيرا من عائداته لبناء مجموعته الفنية وفضائه الجمالي الخاص به في منزليه في باريس ومدينة بياريتز الواقعة على المحيط، غرب فرنسا. وهي مجموعة تتنوع من الفضيات المصنوعة قبل 150 عاما إلى الطبعات النادرة والأصلية لكبار مؤلفي القرن الماضي، هذا عدا اللوحات والتماثيل والأثاث.

الجانب الأكثر جاذبية في المزاد هو ذاك المتعلق بالرسام مارك شاغال (1887 ـ 1985). فقد تولى بيير هيبي، بصفته محاميا، الإشراف على تركة هذا الفنان اليهودي الروسي المولد الذي عاش في فرنسا وحمل جنسيتها منذ ثلاثينات القرن الماضي. وقد اقتنى هيبي 24 عملا من أعمال شاغال بالاتفاق مع الفنان مباشرة وقبل وفاته. وهي لوحات تتميز بأنها تعكس الجوانب الحميمة في حياة رسامها الذي توصل إلى أسلوب يجمع بين الفن الشعبي والأساطير الخيالية أو السريالية. وبين المعروضات في المزاد تخطيطات أولية ودراسات للوحات أنجزها شاغال بعد ذلك.

هناك، أيضا، منحوتات من الرخام الأبيض تعود إلى أواسط القرن الماضي، يقدر ثمن الواحدة منها بنحو 150 ألف دولار. بالإضافة إلى لوحات زيتية ذات ألوان بهيجة بينها واحدة بعنوان «طريق بحيرة كرانبري» المنجزة عام 1944 والتي يقدر لها ثمن لا يقل عن مليون دولار. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن شاغال رسم عشرات، بل مئات اللوحات خلال حياته المديدة لكن أعماله ما زالت تحافظ على قيمتها في المزادات العالمية وتحقق أرقاما متزايدة باطراد.

وإلى جانب أعمال للفنان الشهير أندريه بروتون، نرى في المزاد لوحات للرسام السريالي التشيلي الأصل روبيرتو ماطا (1911 ـ 2002) الذي تعرض له لوحة قديمة بعنوان «سهرة الميت» بمبلغ يقترب من المليوني دولار. وبمستوى مثل هذا فإن من المتوقع أن تجتذب صالة «دروو» الباريسية، هذا المساء، اهتمام أثرياء من الشرق والغرب، والكثير من الفضوليين.