80% من الجرائم الإلكترونية تنفذ على يد مجرمين عاديين

نصف العصابات تتألف من 6 أشخاص

TT

غالبية المتسللين الإلكترونيين والمنخرطين في الجرائم الإلكترونية ليسوا من الشبان المراهقين الحاذقين في تقنية المعلومات، بل من الأشخاص الأكبر سنا الذين لا يتمتعون سوى بمؤهلات تقنية متوسطة أو عادية، وفقا لأحدث دراسة بريطانية صدرت أمس حول الجرائم في الفضاء المعلوماتي.

وقال الدكتور مايكل ماكغواير المتخصص في علم الإجرام في مركز جون غريف لدراسات الشرطة والأمن بجامعة متروبوليتان في لندن الذي أشرف على الدراسة، إنه وخلافا للتصورات السائدة التي ترسخها أفلام هوليوود حول دور الشبان ذوي المؤهلات التقنية العالية في التسلل وارتكاب الجرائم الإلكترونية، فإن 80 في المائة من تلك الجرائم تتم على يد أشخاص عاديين.

وأشارت الدراسة، التي وصفت بأنها الأولى من نوعها في التحليل الشامل لطبيعة المنظمات الإجرامية النشطة في الإجرام المعلوماتي، إلى أن 43 في المائة من المجرمين هم من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 35 سنة، وأن 29 في المائة فقط هم من الشبان الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة.

ووفقا للدراسة فإن 11 في المائة من الجرائم تمت على يد أشخاص تتعدى أعمارهم 50 سنة فيما شكلت نسبة المراهقين الذين تراوحت أعمارهم بين 14 و18 سنة 8 في المائة من مجموع المجرمين.

وقال الباحثون في الدراسة الموسومة «الجريمة المنظمة في العصر الرقمي» إن توافر معدات الجريمة التي يمكن شراؤها أو توزيعها بسهولة، يعني أن بمقدور الكثيرين الذين لا يملكون مؤهلات تقنية عالية الحصول على فيروسات إلكترونية جاهزة أو استغلال الثغرات في النظم الكومبيوترية الشخصية أو استعباد الكومبيوترات الشخصية لتوظيفها في أعمال إجرامية.

وأضافوا أن المتسللين والمجرمين الإلكترونيين اليوم يمكن أن يكونوا اليوم أفرادا عاديين من العصابات المنتشرة في شوارع المدن، أو من عصابات المخدرات، أو من العائلات العريقة في الإجرام، بالتوازي مع الأفراد الآخرين الذين ترتبط نشاطاتهم أصلا بالجرائم الإلكترونية مثل مزوري الهوية الشخصية وعصابات التسلل الإلكتروني.

وذكرت الدراسة أن تحول ساحات الإجرام إلى «سطح المكتب» الكومبيوتري أدى إلى نقل أشكال الإجرام التقليدي المعروف من الشارع إلى الفضاء المعلوماتي. وعلى سبيل المثال، فإن عمليات تبييض الأموال قد امتدت لتشمل إنشاء شبكات موجهة لسلب الأموال من حسابات المواقع الإلكترونية التي تعاني من ثغرات أمنية، إضافة إلى تطبيق طرق عصابات المخدرات على شبكات تسويق الأدوية غير المرخص ببيعها على الإنترنت.

وقالت الدراسة إن نصف المجموعات المنخرطة في أعمال الإجرام الإلكتروني تتكون من فرق تضم 6 أشخاص أو أكثر بينما تضم ربع المجموعات فرقا من 11 شخصا أو أكثر. إلا أنها أشارت إلى انعدام وجود رابطة بين حجم المجموعة ونطاقها الإجرامي. فقد ظهر أن مجموعة صغيرة من المجرمين يمكنها أن تحدث أضرارا هائلة على المؤسسات المالية المستهدفة.

كما أشارت إلى أن أكثر العصابات الإلكترونية تعمل منذ بضعة شهور وليس أعوام، إذ ظهر أن 25 في المائة منها بدأت عملها قبل أقل من 6 أشهر. وأظهرت أن بعض النشاطات الإجرامية تشير إلى وجود بنية تنظيمية قوية لبعض العصابات، التي يمكن أن تكون تشكيلاتها منظمة إما بشكل شبكي عريض أو بشكل هرمي صارم.

وعلق البروفسور غريف مؤسس المركز بأن معالجة مشاكل الإجرام الإلكتروني ومكافحتها تتطلب منا نبذ النماذج القديمة والبحث عن نماذج جديدة تستند إلى المعلومات الوثيقة حول الجريمة الرقمية المنظمة.

وتلخصت طريقة عمل الباحثين في مزج جوانب البحث اليدوي عن المعلومات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية مع أدوات البحث الإلكتروني المتقدم مثل برنامج «نت ريفيل أنالايزر» لتحليل وكشف المعلومات الذي طورته مؤسسة «ديتيكا»، التي رعت الدراسة. وقد أتاح هذا البرنامج تحويل كميات كبيرة من المعلومات المنهجية والعابرة إلى معلومات استخباراتية.

وفي المرحلة الأولى للدراسة، دقق الباحثون في 7 آلاف مصدر وثائقي للوثائق العمومية والشخصية بهدف تحليل التقنيات، والنشاطات، وخصائص العصابات المنخرطة في الجريمة الإلكترونية. ثم بعد ذلك نفذ الباحثون عملية استقصاء حول فئات الأعمار بعد تحليل أنماط التنظيم في تلك المصادر، وقارنوا نتائجهم مع شهادات سجلت أثناء مقابلات مع أشخاص مجربين في الجريمة الإلكترونية. كما حللوا الأنماط التنظيمية والنشاطات على الشبكة الإلكترونية. وقال الباحثون إن نتائج دراستهم حول طبيعة الأشخاص من مختلف فئات الأعمار المساهمين في الجرائم الإلكترونية ستساعد قوات الأمن على مكافحة جرائم الاحتيال المصرفي والشبكات المالية الوهمية.