«فلسطين».. بين أربعة جدران في جدة

أعشابها وملابسها وفخارياتها تباع بمعرض خاص ودائم

الزيتون الفلسطيني وزيته يأتي في مقدمة ما يقبل عليه زوار المعرض (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

هم يحبون فلسطين، ويشتهون أن تزفر أنفاسهم هواءها بعد شهيق طويل، ولا فرق لديهم سواء امتدت أرضها من النهر إلى البحر، أو ربضت على حدود الرابع من يونيو (حزيران) فقط، بل حتى لو أصبحت فلسطين فقط بين أربعة جدران، في مكان يبعد عنها مئات الأميال. هم كذلك زبائن «معرض المنتجات الفلسطينية» المقام في جدة، يشترون ما تشتهيه أنفسهم مما تجود به الأرض المباركة أو مما تبدعه أيدي أهلها.

وحول الفكرة ذكر ظاهر بديوي الحمياني صاحب المعرض لـ«الشرق الأوسط» أنه كان أحد الموردين لزيت الزيتون من فلسطين منذ عام 2001، إذ التقى في تلك الأيام في الأردن بداود إسطنبولي من شركة «نيوفارم» الذي اقترح عليه أخذ شحنة دون مقابل من زيت الزيتون معه إلى جدة وبيعها فيها.

وبيّن الحمياني أن «نيوفارم» هي شركة أسست في 2000 بمساهمات ذاتية، قام بها معهد الأبحاث التطبيقية بالقدس والجمعيات التعاونية في قلقيلية والخليل وسلفيت والاتحاد التعاوني الزراعي واتحاد الفلاحين ومساهمون ذوو علاقة بالنشاط الزراعي، بهدف إيجاد قاعدة للاقتصاد المجتمعي في فلسطين.

وأضاف: «أنشئت الشركة بهدف تطوير إنتاج المزارعين وتشغيل صبايا الريف الفلسطيني، بالإضافة إلى تقديم المنتجات الزراعية الفلسطينية دون أي إضافات كيماوية إلى المستهلك».

ويذكر صاحب المعرض أن زبائنه يدركون الهدف الذي من أجله أنشئت، ضاربا المثل بمن يأتي إلى المحل ليطلب واحدا من أشياء متعددة، فقط ليدعم اقتصاد بلد تعلق قلبه بها. ويذكر كذلك أن هناك أناسا يأتون للتبضع في المحل لهدف استهلاكي تجاري، وعلى كل الأحوال فإن دورنا هو أن نبيع وأن نعرف بالمنتج الفلسطيني.

جاءت الفكرة بعد ذلك لتنمية نشاط ظاهر الحمياني لفتح محل مخصص للمنتجات الفلسطينية، مواكبة مع تطور الشركة وتعدد منتجاتها داخل الأرض المحتلة، وتلك التي تباع خارجها.

وحول موقع المعرض على تقاطع شارعي التحلية والأربعين يبين الحمياني أن ذلك جاء بناء على وجود عدد كبير من الجالية الفلسطينية تسكن بحي الصفا، لكنه استدرك أنه يفكر في فتح فرع آخر بحي الروضة، وكذلك فروع بمكة المكرمة والطائف القريبتين من جدة، وكذلك بالعاصمة الرياض وسط السعودية لتعريف المواطنين بالمنتج الفلسطيني.

وأشار الحمياني أثناء زيارة «الشرق الأوسط» لمعرضه إلى أنه لا يستطيع أن يقول إنه يربح أو يخسر من المحل، ذاكرا أن ما يجعله صبورا في تعامله مع هذا النوع من التجارة هو رغبته في التسويق للمنتج الفلسطيني، والإقبال المطرد على زيت الزيتون الفلسطيني، كاشفا عن أنه بدلا من أن يستورد 4 أطنان منه في السنة في بداية عمله فقد أصبح اليوم يستورد ما يزيد على 15 طنا منه.

يقبل زبائن «معرض المنتجات الفلسطينية» على شراء أنواع متعددة من الأغراض، ويأتي الزيتون وزيته في مقدمتها طبعا، ومنها الأعشاب كالمرامية وورق الزعتر والزهورات والمليثة، بالإضافة إلى عموم المخللات، وحبوب البرغل والفريكا، وكذلك منتجات البحر الميت.

كما يقبل الزبائن على شراء الفخاريات والجداريات والثياب الشعبية والكوفيات التي تفصل يدويا هناك بأنامل الفتيات الفلسطينيات اللاتي يتم تدريبهن لهذا الغرض تحت إشراف جمعيات وجهات خيرية.

ويضيف في حديثه: «يزور المعرض كثير من الزبائن ومن جنسيات عربية مختلفة، فتجد السعودي والسوداني والمصري، بالإضافة إلى الشامي، وغيرهم أيضا». وقد وجد هذا المعرض في جدة التشجيع من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، إذ بعث عماد شعثـ القنصل الفلسطيني في جدة، مازن حفني ممثلا له أثناء افتتاح المعرض».

وتناول الحمياني مسألة وصول البضاعة إلى جدة من أنحاء فلسطين، ذاكرا أنها تعاق عند كثرة الحواجز التي تضعها سلطة الاحتلال بين المدن أو المزارع باعتبار أنه يتم جمعها من مناطق مختلفة هناك، لكنه ذكر أن عدم جمركة الصادرات الفلسطينية في السعودية يساعد كثيرا في التهوين من أعباء العملية.

ولفت أثناء وجود «الشرق الأوسط» في معرضه إلى أن كثيرا من الأشخاص أبدوا رغبة في مشاركته أو استنساخ فكرته لتوريد المنتجات الفلسطينية، وعند إيصاله تلك الرغبة لـ«نيوفارم» وجد أنها لا تريد أكثر من وكيل واحد في السعودية.

«الشرق الأوسط» سألت أحد زبائن المعرض الذي ذكر أنه يتردد عليه منذ أن افتتح، موضحا أنه يشتري تلك الأغراض التي عادة ما يقوم الناس بجلبها عند سفرهم. وأوضح محيي الدين النجار أن أسعار المعرض معقولة بوجه عام، وحتى لو ارتفع سعر شيء منها فإن «الغالي تمنه فيه»، حسب تعبيره.

وأضاف: «أشتري الزيتون وزيت الزيتون والبسبوسة واللب والسمسم والحلويات والبقلاوة واللب والطرشي، بالإضافة إلى الجميد الأردني والحجر، الذي لا يمكن أن تجده في أي مكان».

وبيّن النجار أنه وعلى الرغم من مشروع الكوبري الجديد الذي يشيد أمام المعرض، والذي يصعب عملية الوصول إليه، فإنه يحرص على زيارته بشكل مستمر، وكذلك يفعل معارفه وأصدقاؤه الذين أوصاهم به.