وزير الآثار المصري لـ «الشرق الأوسط»: رمسيس الثاني ليس فرعون الخروج ولن أسمح بتحليل موميائه

دكتور محمد إبراهيم: تصميم المتحف المصري الكبير يعبر عن هويتنا الحضارية.. والكلام عن نجمة داود هراء

رمسيس الثاني
TT

أكد د. محمد إبراهيم، وزير الدولة لشؤون الآثار بمصر، أنه لن يسمح مطلقا بتحليل مومياء الملك رمسيس الثاني للتأكد من كونه فرعون الخروج من عدمه «كون ما يتردد في هذا السياق غير علمي بالمرة، ولا يستند إلى أي أدلة».

وقال، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أجرته بمكتبه بضاحية الزمالك في الجيزة: إن المومياء سبق أن سافرت إلى العاصمة الفرنسية باريس في عقد الثمانينات الماضي لتحليل المياه بداخلها، بهدف معالجتها «أما الحديث حاليا عن فحصها وتحليلها، فهو أمر لا يمكن أن أسمح به مطلقا؛ لأن رمسيس الثاني ليس هو فرعون الخروج، ولا ينبغي البناء على أمور خاطئة بالأساس».

واستشهد على دليله هذا بآيات من القرآن الكريم وسفر الخروج القديم، خاصة في الإصحاح 14 منه «حيث يتبين من سيناريو وتدافع الأحداث أنه لا يمكن أن يكون رمسيس الثاني هو فرعون الخروج. وهناك استنتاجات تذهب إلى أن فرعون الخروج عاش في أواخر الأسرة التاسعة عشرة الفرعونية، استنادا إلى عدة معطيات، دون الاعتماد على معطى واحد في هذا الأمر، وهي كلها تؤكد أن رمسيس الثاني لم يكن في عهده اضطرابات، كما هو معروف في عهد فرعون الخروج، كما أن الأول حكمه اتسم بالقوة والبناء؛ لذلك لا يمكن القول إنه هو أو خليفته ميرنبتاح فرعون الخروج».

وحول ما يتردد عن أن المتحف المصري الكبير، الجاري إنشاؤه حاليا بطريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، يحمل تصميما يعبر عن نجمة داود، ولا يعبر بالتالي عن الهوية المصرية. أكد د. إبراهيم أن «هذا كلام مردود عليه؛ فمن الناحية الهندسية هذا الأمر غير صحيح على وجه الإطلاق. ومن الناحية الأثرية، فإنه لم يتم بالقطع معرفة شكل واتجاه المعروضات، ليتم القول إن وجهتها ستكون إلى القدس، ومنها اتجاه تمثال رمسيس الثاني، الذي يقال إنه سيتم عرضه بشكل معين يخدم اتجاها معينا».

وقال إنه ليس هناك تخطيط مسبق لعرض المقتنيات بشكل معين بما يعبر عن توجه بعينه «وحقيقة أندهش مما يقال عن الربط بين هذا الكلام، وبين الحديث عن أن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج؛ فهذا الكلام غير صحيح بالمرة، وليس هناك أي دليل علمي يؤكد ذلك كما سبق أن أشرت».

وحول الجدل المتجدد دائما في مصر بشأن تنظيم المعارض الأثرية المصرية بالخارج، أكد د. محمد إبراهيم أنه «يجري تنظيمها (المعارض) وفقا للقانون، الذي يسمح بسفرها للخارج، واستثنى من ذلك القطع المتفردة، بينما يجرى اتخاذ وسائل تأمينية على أعلى مستوى لحمايتها والحفاظ عليها، والآثاريون، من خلال مهاراتهم وإمكاناتهم الخاصة، يمكنهم التعرف على القطع التي قد يجرى استنساخها مهما بلغت دقة ودرجة التقليد والمحاكاة، علاوة على ذلك فلدينا بصمة إلكترونية لكل قطعة أثرية».

وكشف عن قيام وزارته حاليا ببحث تتبع الآثار عبر الأقمار الصناعية، مؤكدا أنها فكرة محلية «وسوف نتعاون في تطبيقها مع شريك أجنبي». غير أنه رفض الكشف عن تفاصيلها، مؤكدا أن «تفاصيلها تحظى بسرية تامة».

ورفض د. محمد إبراهيم الخوض في معارك خارجية لاستعادة أهم القطع التي كانت مصر تدعو لاستعادتها، وفي مقدمتها حجر رشيد من المتحف البريطاني، وتمثال نفرتيتي من متحف برلين. وأرجع ذلك إلى أن «هذا الأمر ستكون الحكومة المقبلة مختصة به، ومعها مجلس الشعب؛ فاليوم الوزارة تمارس دورها بشكل محدد لها؛ لذلك فلا يمكن لنا ممارسة أدوار أو نخوض معارك يمكن أن تثير علينا بعض الدول».

وفي ما يتعلق بالصعود السياسي للإسلاميين، والمخاوف التي تنتاب البعض من تبنيهم موقفا مغايرا بشأن حماية الآثار، وصف د. محمد إبراهيم كل ما يثار حول هذا الأمر بأنه «فزاعات روَّج لها الإعلام، ويكفي للرد على هذا الأمر بأن أحد طلبات الإحاطة التي تم تقديمها لي كانت من النواب السلفيين وكانت تستفسر عن وجود سرقات بمقابر أثرية، وهو ما يبين عدم صحته بالمرة، فليست هناك أي سرقات لأي من المقابر الأثرية».

وأضاف الوزير أن «معنى أن يتقدم النواب الإسلاميون بطلبات إحاطة ويطلبون تفسيرا لما يشاع عن وجود سرقات أثرية، أمر يعكس حرصا منهم على الآثار وخوفا عليها، وبالتالي لا يمكن توقع أن يكون هناك موقف ضد الآثار، أو القول إنهم سيقومون بتغطيتها بالشمع». وقال: «من خلال تعاملي مع السلفيين والإخوان المسلمين بمجلس الشعب، وجدتهم أكثر حرصا على الآثار من غيرهم، بل على العكس، فقد لمست فيهم حرصا على التمسك باستمرار وزارة الآثار في الحكومة المقبلة، دون إلغائها».

وحول ما يتردد عن ممارسة الشرطة العسكرية أعمال تعذيب لمن يتم توقيفهم من البلطجية أثناء فض الاعتصامات في مقر المتحف المصري بميدان التحرير، أكد أن «مثل هذه الأمور غير صحيحة بالمرة؛ فمنذ توليت المسؤولية (قبل ثلاثة أشهر) لم يدخل المتحف المصري أي بلطجية بأي صورة. بل أكثر من ذلك فإنه في مناسبة الذكرى الأولى للثورة، كنت موجودا بالمتحف، ولم تحدث أي محاولة واحدة لدخول البلطجية إلى المتحف، الذي كان يحظى بتأمين وحماية من قبل الشباب الثوري».

واعتبر أن ما يحدث حاليا بالشارع المصري من وقفات احتجاجية «أمر يؤثر تأثيرا سلبيا على الحركة السياحية ومن ثم زيارة المواقع الأثرية، وبالتالي تكون له انعكاساته على دخول الوزارة، التي تعتمد على الدخل الذاتي من زيارات المواقع الأثرية».

وكشف عن أن وزارته تعرضت لانخفاضات بالدخل منذ قيام الثورة بأكثر من 65% «على الرغم من المديونيات المحملة على الوزارة بالأساس، أحاول تسديد جزء منها لدفع العمل بالمواقع الأثرية بعض الشيء»، متعهدا بعدم التستر على أي شكل من أشكال الفساد «فلن أسمح مطلقا بأي قدر، ولو يسيرا، من الفساد، وكثير من القضايا تمت إحالتها للنيابة الإدارية أو نيابة الأموال العامة، لدرجة أنني، فور أن توليت المسؤولية، وجدت شبهات فساد ببعض المشاريع، وقمت بإحالتها إلى مجلس الوزراء لإحالتها بالتالي إلى النائب العام، مما يؤكد أنه لا يمكن لنا التستر على أي شبهة فساد مهما كان حجمها».