الفنان التشكيلي طه القرني: حلمت بنهاية مبهجة لكن الواقع خذلني

أنهى «جدارية الثورة» برموز تمثل مرشحي الرئاسة

رموز على هيئة حيوانات تعلو اللوحة الأخيرة في جدارية الثورة المصرية للفنان طه القرني
TT

انتهى الفنان التشكيلي طه القرني من وضع لمساته النهائية على اللوحة رقم 18 والأخيرة في جدارية ثورة 25 يناير المصرية والتي شرع في تنفيذها عقب قيام الثورة مباشرة كتوثيق فني لأهم أحداثها.

اللوحة الأخيرة حملت اسم «لوحة الدستور وانتخابات الرئيس» ويعتبرها القرني تجسيدا للنهاية المأساوية التي آلت إليها ثورة يناير، وكما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ظللت تاركا اللوحة الأخيرة في الجدارية ذات نهاية مفتوحة حتى تتحقق أهداف الثورة على الأرض فتكون هي الخاتمة الحقيقية لثورة نبيلة؛ لكن المشهد السياسي المتأزم والمتتابع خذلني وعجل بنهاية الجدارية من خلال لوحة الدستور وانتخابات الرئيس، والتي تعكس النهاية المحزنة للثورة من وجهة نظري والتي ما تخيلت يوما أنني سأقوم برسمها بهذه الطريقة».

وحول عالم اللوحة أوضح القرني أنها تعبر عن حال جموع الشعب المصري اليوم من حزن وأسى من خلال الرجل الذي يكاد «يشق هدومه» بعد عام ونصف عام من قيام الثورة بلا نتائج ملموسة على الأرض لصالح المواطن المصري البسيط وهو ما ينعكس كذلك في شكل الصبية الواقفين يحملون أطباقا فارغة من الطعام، وفي الخلفية العشوائيات التي لا تزال كما هي، حيث يقطن الآلاف من البسطاء.

وتابع قائلا: كنت أتمنى أن تكون اللوحة الختامية للجدارية تحمل صورا لأبطال الثورة الحقيقيين في الميدان، شباب ثورة 25 يناير، وهم يجنون ثمار ثورتهم ويعبرون بفخر عن أن دماء شهدائهم لم تذهب سدى، لكن الترشح لانتخابات الرئاسة وظهور الكثير من الشخصيات على ساحة المشهد السياسي «بفجاجة» واضحة في محاولة لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة وبطمع شديد على حساب مصلحة الوطن والشعب، جعلني أرمز لكل مرشح برمزية معينة حتى يسجلها التاريخ.

ويكشف القرني عن رمزية الحيوانات التي وضعها في أطر متتابعة في لوحاته للتعبير عن كل مرشح رئاسي موجود على الساحة الآن، قائلا: صورة الثعلب تدل على اللؤم والخبث، وصورة القرد تدل على اللعب على كل الحبال والحركات البهلوانية والأكل على كل الموائد، وصورة الطاووس تدل على الغرور والصلف وتمثيل دور الرئيس وما هو برئيس، أما الأسد فيعبر عن من يأكل اللحم الميت بتلذذ وبلا رحمة، فيما تعبر صورة النسر عن الاختطاف والانقضاض، بينما يعبر الجمل عن الصبر والحكمة والجلد في الصعاب.

وفضل القرني أن تكون كلمة الدستور مكتوبة على العلم المصري للدلالة على أنه يجب أن يظل بمنأى عن الأهواء والمطامع، قائلا: العلم والدستور يجب أن يكونا وجهين لعملة واحدة، فكلاهما يجب أن يجتمع عليه المصريون مهما اختلفوا فيما بينهم، فالدستور ميثاق الدولة والعلم رمزها الذي يجب أن يظل المصريون تحت رايته. ويتابع القرني: بعد أن وضعت اللمسة الأخيرة وانتهت فصول الثورة من وجهة نظري، فإن اللوحة ستعرض قريبا في مكان اندلاع الشرارة الأولى «ميدان التحرير» بعد انتهاء انتخابات الرئاسة لتظل شاهدا على ثورة قامت وانتهت. يذكر أن القرني جسد ثورة يناير في 18 مقطعا تشكيليا في جدارية متصلة من أهمها لوحة يوم 25 يناير، جمعة الغضب، جمعة الإنذار الأول، جمعة الرحيل أو التنحي، جمعة قندهار، جمعة الشهداء، بينما تبلغ مساحة كل مقطع منفصل 2.5 متر بارتفاع 1.5 متر، بطول إجمالي بلغ خمسة وأربعين مترا، حيث تحكي الجدارية تفاصيل أكثر من عام ونصف عام مر على المصريين.

وتمكن القرني من تحقيق رقم قياسي عالمي في موسوعة «غينيس» عام 2007 بجداريته التشكيلية «سوق الجمعة» التي تعد أكبر لوحة في العالم، حيث يبلغ طولها 23 مترا وارتفاعها 140 سم. وفي عام 2008، حطم ذلك الرقم القياسي برقم آخر، حيث قدم عملا بانوراميا ضخما، وهو جدارية «المولد» التي بلغ طولها 32 مترا بارتفاع 140 سم.