عمليات جراحية قد تساعد في علاج مرض السكري

تحويل مجرى القناة المرارية إلى تعافٍ بنسبة 95% من المصابين

يمكن إجراء عمليات جراحية لمرضى السكري الذين يعانون درجة من السمنة وبذلك يتعافون تماما من المرض
TT

قد تساعد جراحة المعدة في علاج مرض السكري من النوع الثاني، حتى لدى هؤلاء الذين يعانون حالة شديدة من المرض، بالتقليل أو الحد من اعتمادهم على الإنسولين، بحسب ما جاء في دراستين نُشرتا حديثا. وكشفت الدراسات أيضا عن أن الجراحات أو الجراحات المصحوبة بتناول عقاقير تساعد المرضى أكثر من العقاقير وحدها.

ومع تزايد عدد مرضى السكري في الولايات المتحدة الأميركية، يبحث الأطباء عن طرق جديدة لمحاربة المرض المزمن الذي يتكلف علاجه مبالغ طائلة ويسبب الإصابة بجلطات وبتر القدم والعمى، ومشاكل أخرى قد تقلل من متوسط العمر المتوقع 10 أعوام أو أكثر. وقامت الدراسات باختبار ثلاثة أنواع من العمليات الجراحية التي تقلل من حجم المعدة ومجرى الأمعاء الدقيقة.

في الدراسة الأولى، التي تم إجراؤها في كليفلاند كلينيك، تحسن مستوى ضغط الدم لدى 40% من المرضى الذين أجروا عمليات جراحية، بينما تحسن 12% فقط من المرضى الذين لم يخضعوا للعملية الجراحية.

توصلت الدراسة الثانية، التي تم إجراؤها في إيطاليا، إلى نتائج أفضل؛ فقد كشفت عن أن عمليات تحويل مجرى المعدة (Gastric bypass surgery) حققت تعافيا كاملا لـ75% من مرضى السكري، بينما أدى نوع آخر من العمليات التي تحول جزءا أكبر من الأمعاء، أو تحول مجرى القناة المرارية إلى تعاف بنسبة 95%. يقول توماس ماغنوسون، جراح بكلية الطب بجامعة جون هوبكينز في بالتيمور، ولم يشارك في أي من الدراستين: «يمكننا إجراء تلك العمليات الجراحية لمرضى السكري الذين يعانون درجة من السمنة وبذلك يتعافون تماما من السكري».

بدأ بعض الجراحين في إجراء جراحات للمعدة لعلاج مرض السكري في منتصف التسعينات من القرن العشرين، وتعتبر الدراستان من أوليات الدراسات عالية الجودة التي تقارن بين الجراحة والعلاج الطبي. تم اختيار المرضى المشاركين في الدراسة عشوائيا لإجراء جراحة - وهو ما يميز الدراسات عالية الجودة.

يقول فيليب شاور، جراح بكليفلاند كلينيك، الذي أدار واحدة من الدراسات الجديدة التي تم نشرها يوم الاثنين في دورية «نيو إنغلاند» الطبية: «كانت هناك معارضة لفكرة اللجوء إلى الجراحة في علاج مرض السكري».

على سبيل المثال، لم تدرج الجمعية الأميركية للسكري الجراحة كاختيار في دليل العلاج الخاص بها حتى عام 2009.

وذكر شاور أن العمليات الجراحية أصبحت أكثر شيوعا الآن، وأن الدراسات الجديدة توضح أكثر المستفيدين من الجراحة: المرضى الذين يحاولون اتباع نظام غذائي ويمارسون التمارين الرياضية ويخضعون لعلاج بالعقاقير، ومع ذلك لا يستطيعون التحكم في سكر الدم. ويضيف شاور: «أكثر من 50% من مرضى السكري من النوع الثاني يفتقرون إلى التحكم في نسبة السكر في الدم؛ لذلك لا تنجح الوسيلة المتبعة حاليا معهم».

تدرج الجمعية الأميركية للسكري إجراء الجراحة لمرضى السكري كأحد الخيارات المتاحة للمرضى الذين يعانون السمنة، مثلما تشير توجيهات معاهد الصحة الوطنية. تقول فيفيان فونسيكا، رئيسة قسم الطب والعلوم بالجمعية الأميركية للسكري: «على الأشخاص الذين يعانون سمنة ملحوظة، المصابين بنوع من مرض السكري لا يتجاوب مع التغيير في أسلوب الحياة والعقاقير، أن يفكروا في إجراء جراحة، لكن هذا الاختيار ليس متاحا للجميع».

تمثل قصة هيثر بريتون من بلدة باي فيلدج بولاية أوهايو قصة نجاح. شاهدت مبرمجة الكومبيوتر، التي تبلغ من العمر 57 عاما، أقاربها يفارقون الحياة في سن مبكرة بسبب المرض. وكلما اشتد المرض عليها، وصف لها الأطباء كما هائلا من العقاقير لعلاج نسبة الكولسترول المرتفعة وضغط الدم المرتفع، بجانب أقراص علاج السكري، ومع ذلك ظلت نسبة السكر في الدم لديها مرتفعة، مما يؤثر سلبا على التركيز الذهني الذي تحتاجه أثناء العمل. قالت هيثر عن مرضها: «لقد خرج الأمر عن السيطرة وشعرت أنني أسير في طريق محتوم مثل والدي وجدتي؛ حيث أنتظر إصابة بالجلطة».

لم تكن بريتون تعلم شيئا عن فكرة إجراء جراحة للعلاج من مرض السكري حتى أخبرها طبيبها عن الدراسة التي أجرتها كليفلاند كلينيك. وجعلها مؤشر كتلة جسمها، الذي يبلغ 35، ويعني أنها بدينة، مؤهلة لإجراء العملية.

تم إجراء عملية تحويل لمجرى المعدة لبريتون في يناير (كانون الثاني) 2009، وفى شهر أبريل (نيسان)، أمرها الأطباء بالتوقف عن العقاقير التي تتناولها كلها، كما بدأت أيضا في ممارسة رياضة المشي 5 أيام في الأسبوع وتقليل كميات الطعام التي تتناولها. وانخفض وزنها 80 كيلوغراما. علقت بريتون على ذلك قائلة: «كان هذا رائعا، لقد منحني شعورا أفضل».

التأثير السلبي: بالنسبة لبريتون، تسبب بعض الأطعمة، من ضمنها الألبان وزيت الفول السوداني والخميرة، أعراضا غير محببة مثل الهبات الساخنة والإسهال - وهي أعراض جانبية محتملة للجراحة.

وجد في الدراستين أن هناك احتمالا ضعيفا لحدوث مضاعفات، لكن القليل من المرضى احتاجوا لإعادة إجراء العملية مرة أخرى، بينما عانى البعض الأنيميا وهشاشة العظام، وهي إشارة إلى أن بعض المواد الغذائية لا يمتصها الجهاز الهضمي بالكامل.

إن تغطية التأمين الصحي لجراحات علاج مرض السكري ليست عالمية؛ فبعض خطط التأمين تشملها، بينما لا يشملها البعض الآخر. يغطي برنامج الصحة الأميركي «ميديكيد» تكاليف الجراحة في «الحالات الضرورية»، لكن قد يختلف تعريف الحالات الضرورية من ولاية لأخرى.

ذكر شاور أنه يرفض 1000 مريض كل عام، الذين قد يستفيدون من الجراحة، لكنهم لا يملكون تكاليفها، التي تتراوح بين 20 و25 ألف دولار.

يقول ماغنوسون: إن الدراسات مستمرة في متابعة حالات المرضى لـ5 سنوات للتأكد من المحافظة على فوائد العملية الجراحية؛ فبجانب التقليل من السعرات الحرارية ومساعدة المرضى في خسارة الوزن، تسهم جراحة المعدة في حدوث تغيير هرموني يساعد المرضى على التحكم في مستوى السكر في الدم.

يقول الدكتور ستيفن نيسن، اختصاصي أمراض القلب بكليفلاند كلينيك، ومشارك في الدراسة: «سوف يقول البعض إن ذلك حل يمكن اللجوء إليه في الحالات القصوى، لكن داء السكري يمثل مشكلة صحية خطيرة».

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»