لبناني يستخدم تقنية الأبعاد السباعية السينمائية

تجعلك تشعر وكأنك شريك واقعي في أحداث الفيلم

يشاهدون فيلما سباعي الأبعاد من على المقاعد المتحركة
TT

حركة المقاعد فيها تعتمد على الكومبيوتر، حيث تطبق هذه المقاعد حركة كل مشهد في الفيلم بفضل تقنية الأبعاد السباعية، القادرة على تأمين التفاعل الحي والحقيقي بين الاثنين، وهي تختلف كثيرا عن صالات السينما الاعتيادية.

ويقول المخترع الشاب عبد الرحيم حسن صمدي من مدينة طرابلس (شمال لبنان) في حوار مع «الشرق الأوسط»: «نجح فريق عملنا (نيو هارد وير كومبيوتر) في إحداث ثورة تقنية، من خلال إدخال أجواء مدهشة من المؤثرات الصوتية والفنية الغنية بالتشويق والواقعية، كالهواء ورذاذ الماء والثلج، والدخان وفقاعات الصابون، والبرق والرعد ودغدغة القدمين، وكذلك الاهتزاز».

ومع أن ابتكار العالم قبل أعوام قليلة لتقنية المشاهد الثلاثية الأبعاد شكل حتى يومنا هذا نقلة نوعية في عالم التكنولوجيا السينمائية، إلا أنه لم يضع سقفا لطموح صمدي الذي توج اختراعه المتقدم على العالم بأربعة أبعاد إضافية، أدخلها على مشاهدة الأفلام في صالات عرض خاصة، التي عرفها، كما يروي، من خلال زيارته تركيا العام الماضي.

ويعتبر مشروع عالم الأبعاد السبعة الأول من نوعه في لبنان، كونه فكرة جديدة كليا تطلب إعدادها عملا دؤوبا لقرابة العام، من قبل صمدي وفريق عمله.

الفريق نجح في تصميم صالة تتسع لستة أشخاص أو أكثر، وهي تتميز بمقاعد رياضية متحرك أوتوماتيكيا وبمقدار 360 درجة، تبعا لتحركات ولقطات الفيلم وبطريقة تجعل المشاهد يشعر بجميع وقائع الفيلم كأنها واقع حقيقي يعيش أحداثه.

ويتحقق ذلك بالنظر المباشر، عبر ارتداء المشاهد النظارات الصفراء المخصصة عند إطفاء الأنوار، فمثلا عندما تمطر السماء ينزل رذاذ ومطر خفيف، وعندما تهب عاصفة أو هواء شديد يتعرض المشاهد إلى هبوب رياح، وعند سماعه صوت الهواء فإنه سيشم الرائحة التي ينثرها، ليغوص أكثر وأكثر في كل تفاصيل وحركات المشاهد.

«أجواء حماسية ومتعة سينمائية لا تنسى، عشتها من خلال رحلة فريدة ورائدة من نوعها بعيدة عن الملل والرتابة، شعرت بالمشاركة بكل حواسي ومشاعري بفضل التناغم بين حركة المقاعد والصوت والصورة السباعية الأبعاد»، يعلق محمد (25 عاما) أثناء خروجه من صالة العرض في «بيروت مول».

بدورها، تصف ندى (20 عاما) التجربة بالمسلية والرائعة وبأنها «كانت تجربة غريبة وممتعة، كنا نصيح ونضحك أثناء خروج الديناصورات والحشرات والحيوانات المفترسة بأصواتها الحقيقية بطريقة مدهشة من قلب الشاشة، لتقترب من وجوهنا وتلتف حولنا بأسلوب مرعب، مما يضطرنا أحيانا إلى الانحناء أو رفع الأيدي خوفا منها».

وفي هذا السياق، يوضح صمدي أن مدة الأفلام المعروضة تتراوح بين 7 و10 دقائق، وقد بدأ هذا المشروع بـ8 أفلام واليوم وصل إلى أكثر من 30 فيلما ترفيهيا يوفر التسلية الحقيقية لجميع أفراد العائلة صغارا وكبارا، ويشعر المشاهد بأنه أحد المشاركين في الفيلم، كاشفا عن العمل بصورة دورية على برمجة وتجهيز المزيد من الأفلام المشوقة وإغنائها بكل ما هو جديد ومثير.

انتشار الاختراع اللبناني صناعة وتسويقا بدأ يشق طريقه سريعا على الساحة الوطنية، انطلاقا من صالة في «بيروت مول» (في العاصمة) قبل ثلاثة أشهر، ثم في عاصمة الشمال طرابلس وليس انتهاء في صيدا (جنوب لبنان).

أصداء المشروع وصلت إلى دول الخليج، حيث من المقرر فتح صالات له في السعودية وقطر والإمارات والكويت والعراق فضلا عن عمان ومصر والأردن والجزائر والسودان وغانا وتركيا والصين. والعمل جار للتوسع في بلدان أخرى، بحسب تأكيد صمدي.

بامتياز نال المشهد السباعي الأبعاد براءة اختراع في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، من قبل مصلحة حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد والتجارة التي قامت بنشر البراءة في الجريدة الرسمية.

وردا على سؤال، يجيب الصمدي: «فور عودتي من تركيا باشرت عشرات التجارب، بهدف توسيع عدد الأبعاد المستعملة في مهمة وصفها البعض بشبه المستحيلة والبعض الآخر بالجنونية، لكن تقدير وثناء المختصين لتجربة (بيروت مول) شجعني على الاستمرار، تأكيدا على قدرة اللبناني على الاختراع رغم ظروف وطننا الصعبة».

وحول المواد المستعملة في صناعة الصالة، فهي غالبا ما تكون مستوردة، بحسب صمدي، لكن صياغتها أتت على أيدي مجموعة من الشبان الطرابلسيين، وبطريقة مبتكرة في مجال الحدادة والنجارة وتصميم الشكلين الداخلي والخارجي.

ومع تنامي الخبرة، أصبح فريق «نيو هارد وير كومبيوتر» قادرا على صناعة قاعات أو صالات عرض خلال 15 يوما.

وفي بعض تفاصيل المشروع، نجد أن المقاعد إما أن تكون ستة أو تسعة بفولتاج واحد للاثنين هو 380 فولت، فيما القوة هي 4000 واط للأولى و6000 واط للثانية.

وعلى الرغم من مدخوله المحدود، فإن صمدي استطاع وبدعم شريكه في العمل تجاوز عقبة التمويل في بداية طريقه، وفي هذا الصدد يعرب عن تفاؤله الكبير بنجاح الاختبارات الجارية حاليا لرفع عدد المقاعد في صالات العرض من تسعة إلى 12 ومن ثم إلى 24 مستقبلا، على أن يرافق ذلك زيادة في عدد الأفلام والمؤثرات.

وفي الختام، يؤكد صمدي أنه «إذا أردت النجاح، فعليك أن تفعل الأشياء الصعبة التي تعتقد أنك غير قادر على فعلها»، لافتا إلى أن هدفه ليس الربح المادي في حد ذاته، بل تأمين فرص عمل للشباب الباحثين عنها، مطالبا المعنيين، خاصة الرسميين، بدعم مشروعه.

يذكر أن التواصل مع الفريق قائم من قبل المهتمين وجيل الشباب من خلال صفحته على الويب.