«بهية».. عرض راقص يستعيد تراث الموال الشعبي في مصر

صفق له الجمهور بمسرح الجمهورية بالقاهرة

إحدى الرقصات الاستعراضية المستوحاة من أجواء العرض
TT

«يا بهية وخبريني يا بويا علي اللي جتل ياسين.. جتلوه السود عيونه يا بويا وإن رحت أجول لمين؟». هكذا تتساءل الأسطورة الشعبية منذ زمن بعيد عن قاتل ياسين رمز الشجاعة والرجولة في الحكايات المصرية، هذا التساؤل حاولت فرقة «فرسان الشرق للتراث» التابعة لدار الأوبرا المصرية، الإجابة عنه من خلال عرض راقص استمر على مدار ثلاث ليال، مستلهما أجواءه من رواية الشاعر الراحل نجيب سرور الشهيرة «ياسين وبهية».

كريمة بدير، مخرجة ومصممة العرض المديرة الفنية للفرقة، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة عرض (بهية) لم تكن بعيدة عن الهدف الأساسي للفرقة التي تهدف إلى إحياء التراث الشعبي المصري والعربي، وتقديمه في عروض عصرية من خلال تصاميم حركية مبتكرة تحمل صبغة شعبية ودرامية وتاريخية، على غرار فرقة (كركلا) اللبنانية، وفرقة (نيران الأناضول) التركية، فتلك العروض يقبل عليها الجمهور ويتذكر معها تراثه وتاريخه من القصص التي تربينا عليها جميعا».

الفرقة تأسست عام 2009 وقدمت من قبل عرض «الشارع الأعظم» رصدت من خلاله كل ما يدور بشارع المعز بالقاهرة الفاطمية، وكان من إخراج الفنان وليد عوني.

بروفات عرض «بهية» استغرقت أكثر من شهر من الاستعدادات والتدريبات اليومية الأساسية للفرقة، حتى يخرج إلى الجمهور بشكل مناسب ومميز. وعن الأزمات التي واجهت الفرقة تقول بدير: «نظرا لأن عدد أعضاء الفرقة كبير فإننا كنا نحتاج لمسرح أكبر من مسرح الجمهورية لتقديم العرض، ولكن واجهتنا أزمة احتكار الفرق الكبيرة للمسارح الكبرى على مستوى مصر».

أما هاني حسن، بطل العرض، فيتحدث عن «ياسين» قائلا: «سعدت جدا بأداء دور ياسين المعروف في التراث الشعبي بأنه رمز للشجاعة والشرف فهو (ابن البلد) الجدع، الذي يدافع عن أرضه من عدوان الباشا الأجنبي الذي أخذ أرض أبيه وتركه دون ميراث ودفع أباه إلى السجن إلى أن مات مقهورا».

يقاتل ياسين أيضا من أجل الحفاظ على حبيبته «بهية»، وينتظر اليوم الذي يتزوجها فيه ويحقق آماله وتستقر روحه في ظلالها، فهي كما تقول الرواية «منية النفس بهيه.. جنة العيشِ.. بهيه.. مهجة القلبِ بهيه». ولا تخلو حياة «ياسين» من الصراع المستمر حول الأرض والشرف والحب الذي لا ينتهي.

يضيف حسن: «المميز في العرض الراقص أنه مزج بين التمثيل مع الرقص كلغة ممتعة للتعبير على المستوى البصري بالأداء الحركي، مختلفا بذلك عن المسرح العادي»، لافتا إلى أن «الجميل في الأمر، أنه في كل يوم عرض كان الحماس يزداد عن اليوم السابق، سواء مني أو من الزملاء الراقصين المشاركين في العرض، فلخشبة المسرح والموسيقى سحر لا يقاوم كأنه نداء من مجهول نحو الأداء الأفضل والأجمل عن اليوم السابق».

يذكر أن رواية «ياسين وبهية» تدور حول قصة بسيطة، تطمح في أن تجيب عن السؤال المطروح في الموال الشعبي: مَن قتل ياسين؟ وذلك بأن حدد نجيب سرور قاتل ياسين الذي يسأل عنه الموال الشعبي في لهفة، بعد أن فجعت خطيبته وحبيبته «بهية»، وقد جزم نجيب سرور في مسرحيته بأن «الباشا» الإقطاعي المسيطر على الناحية، هو الذي قتل ياسين لأنه حرك أهل القرية وقادهم لإحراق قصر الباشا انتقاما لخطيبته وحبيبته «بهية»، التي كان زبانية القصر يسعون لإدخالها فيه، حيث ينتظرها المصير المحتوم من هتك العرض وثلم الشرف. وكانت هذه المحاولة هي الشرارة التي أشعلت نار الثورة الموجودة في قلوب أهل القرية ضد مظالم الإقطاع وقسوته وجبروته. يردد ياسين في نهاية العرض: «بهية.. سأظل في شوق إليك يدفعني لأراك، سأظل أنتظرك مهما تأخرت.. سأنتظرك وبنظرتك سأكف عن الكلام».