تلفزيون مردوخ يعترف بممارسته التنصت في مناسبتين

محطة «سكاي نيوز» قالت إن ما قامت به يصب في المصلحة العامة

سكاي نيوز» تقول إن هناك خطا رفيعا جدا بين العمل الصحافي المشروع واحترام الخصوصية«
TT

اعترفت محطة «سكاي نيوز» التلفزيونية التي تشكل جزءا من الإمبراطورية الإعلامية التي يملكها روبرت مردوخ الاسترالي الأصل والتي هزتها اتهامات التنصت خلال العام الماضي وشهدت اعتقالات للعديد من العاملين في جرائدها منذ اندلاع الفضيحة في الصيف الماضي أمس بأنها مارست قرصنة التنصت في مناسبتين، لكنها دافعت عن ذلك قائلة بأنها قامت بهذا العمل المهني من أجل المصلحة العامة.

جاء اعتراف «سكاي نيوز» التي تشكل جزءا من التلفزيون «بي سكاي بي»، بعد يومين من استقالة جيمس جيمس مردوخ، ابن روبرت مردوخ، من منصبه كرئيس للقناة التلفزيونية الإخبارية. وهذه هي المرة الثانية التي يستقيل فيها من مناصب قيادية في إمبراطورية والده خلال أسابيع.

وكان قد استقال من منصبه السابق كرئيس مجلس إدارة في «نيوز إنترناشيونال»، الذراع البريطانية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»، المدرجة على بورصة نيويورك، في محاولة لإبعاد نفسه عن فضيحة التنصت المتهمة بها صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي أغلقت أبوابها بسبب القرصنة التليفونية. الصحيفة هي من مطبوعات «نيوز إنترناشيونال»، التي تنشر أيضا «ذي صن» و«التايمز» و«صنداي تايمز».

تملك مؤسسة مردوخ 39 في المائة من أسهم «بي سكاي بي» ويمكن الاشتراك فيها عن طريق الدفع.

وقالت «سكاي نيوز» إنها طلبت في إحدى المناسبات من أحد الصحافيين التنصت من خلال القرصنة التلفونية على أحد المشبوهين في الأعمال الإجرامية، الذي أصبح فيما بعد معروفا باسم «رجل القارب»، الذي قيل إنه اختفى مع قاربه في البحر، وكان يريد من ذلك أن تحصل زوجته على مئات الآلاف من الدولارات وهي ثمن بوليصة التأمين على الحياة.

قال رئيس «سكاي نيوز» جون رايلي «قمنا بهذا العمل ونحن واثقون مهنيا من أن هذه الممارسة كانت من أجل المصلحة العامة»، أي من أجل كشف قصة الرجل وادعاء الوفاة. لكن القناة التلفزيونية لم تعط أي تفاصيل حول المناسبة الثانية في عملية التنصت. إلا أن بعض التقارير الإخبارية قالت بأنها كانت تخص التنصت على تلفون أحد الأشخاص وزوجته المتهمين في الاعتداءات الجنسية على الأطفال. كما أن المعلومات التي حصلت عليها لم تنشرها أو تبثها.

وعلى الرغم من أن تلفزيون «بي سكاي بي» ظل بعيدا عن فضيحة التنصت التي أدت إلى إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» إحدى الصحف التي كانت تملكها «نيوز إنترناشونال»، فإن برنامجا بثته هيئة «بي بي سي» قبل أسبوع أشار بأصابع الاتهام نحو «بي سكاي بي» بأنها قامت بتجسس صناعي ضد منافسيها. وطالب عدد من المشرعين البريطانيين بأن تقوم الجهات البريطانية المختصة بتقصي حقيقة الاتهامات التي وجهها برنامج «بانوراما» (المختص بالتحريات الصحافية التلفزيونية) بأن مؤسسة روبرت مردوخ «نيوز كوربوريشن» تجسست على منافسيها في السوق من خلال عمليات القرصنة التليفونية.

وادعى برنامج هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الذي بث قبل أسبوع، أن مؤسسة «إن دي سي» المتخصصة بالبطاقات التلفزيونية الذكية، التي كانت تملكها «نيوز كوربوريشن» وباعتها مؤخرا، استأجرت خبيرا مختصا في عمليات التشفير قام بنشر شيفرات على موقعه تخص شركة «إي تي في ديجيتال»، التي كان يملكها تلفزيون «آي تي في»، وكانت تنافس «بي سكاي بي»، التي تملك مؤسسة «نيوز كوربوريشن» فيها أكبر حصة بين المستثمرين.

نشر الشيفرات الخاصة بالمؤسسة التلفزيونية المشفرة، أدى، كما جاء الاتهام من قبل معدي البرنامج الذين اطلعوا على مراسلات إلكترونية، إلى انهيار شركة «إي تي في ديجيتال» عام 2002. وكانت مؤسسة «إي تي في» البريطانية قد أنشأت «إي تي في ديجيتال» عام 1998، بوصفها مؤسسة تجارية للبث التلفزيوني المجاني.

«إي دي إس»، التي تملكها «نيوز كوربوريشن»، تمكنت من كسر شيفرة «أو إن ديجيتال» المنافسة التي تملكها شركات «إي تي في»، وهي تلفزيون «كارلتون» و«غرنادا». انهيار الشركة التابعة لـ«إي تي في» فسح المجال لتلفزيون «بي سكاي بي» للسيطرة على السوق.

وردت «نيوز كوربوريشن» على الادعاءات قائلة إن «إن دي سي» نفت مرارا أي مخالفات في تصريحاتها لمعدي برنامج «بانوراما بي بي سي»، و«لهذا فإننا نقبل تعهداتهم».

وبخصوص اعترافات أمس أضاف رايلي: إننا في «سكاي نيوز» ملتزمون بالكامل بما يمليه علينا عملنا الصحافي. ومثل غيرنا في هذا الحقل نعرف تماما العلاقة الشائكة بين التحريات الصحافية واحترام القوانين.

وكانت قضية التنصت التي ما زالت تؤرق المجموعة الإعلامية، انفجرت بعد الكشف عن تعرض البريد الإلكتروني للفتاة المراهقة ميلي دولر للقرصنة من قبل صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي كانت واسعة الانتشار في بريطانيا وأغلقتها المجموعة في يوليو (تموز) الماضي.

وقال جيمس مردوخ في بيان إن قراره يصب في مصلحة المؤسسة التلفزيونية، وإن النقاش الدائر حول الخروقات سيؤثر سلبا على أداء المؤسسة. «الاهتمام سيبقى منصبا على ما حدث في السابق في (نيوز إنترناشيونال). ولهذا، فإنني مصرّ على ألا تتأثر مصالح شركة (بي سكاي بي) في هذه القضية التي لا تخصها».

وبسبب اندلاع فضيحة التنصت في يوليو الماضي، تخلت «نيوز إنترناشيونال» عن عرض الاستحواذ الكامل لقناة «بي سكاي بي» الفضائية البريطانية، وهي قناة خاصة رائجة بها 10 ملايين مشترك. وكان يملك روبرت مردوخ 39 في المائة من أسهمها، وأراد أن يشتري 61 في المائة من الأسهم الباقية بقيمة 12 مليار دولار للاستحواذ عليها بالكامل، إلا أن ضجة الفضيحة أطاحت بآماله، وهذا ما كان يعارضه كثير من المؤسسات الإعلامية العاملة في بريطانيا وكثير من السياسيين، وأثلج صدر خصومه المعارضين لوضعه الاحتكاري في السوق الإعلامية.

وكانت قد أعلنت مجموعة «نيوز كورب» في فبراير (شباط) زيادة أرباحها في الربع الثاني من العام المالي الحالي بنسبة 65 في المائة عن الفترة نفسها من العام السابق بفضل الأداء القوي لقنواتها التلفزيونية وأفلامها السينمائية. وذكرت الشركة التي تملك شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية وشركة «فوكس القرن العشرين» للإنتاج السينمائي وصحيفة «وول ستريت جورنال» الاقتصادية، أن إيراداتها خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي قد زادت بنسبة 2 في المائة إلى 8.98 مليار دولار.