ستافرو جبرا: أحن إلى الديمقراطية.. والثورات العربية حررت ريشة زملائي

الكاريكاتير شغفه.. وحاليا يهوى رسم الرئيس نجيب ميقاتي

TT

يعتبر المصور والرسام الكاريكاتيري ستافرو جبرا مدرسة في حد ذاته في هذين الفنين اللذين برع فيهما عربيا وعالميا منذ 40 عاما، فواكب أهم المراحل التي مرا بها، وابتكر أسلوبا خاصا به في استطاعتك التعرف إليه فور مشاهدتك صوره الفوتوغرافية أو رسومه الكاريكاتيرية نظرا للحرفية المتقنة التي يطبقها في أعماله الفنية.

حاليا استعان به برنامج «نورت» على قناة «إم بي سي» لإضفاء البسمة على ثغر المشاهد من خلال الرسوم الكاريكاتيرية التي ترافق فقراته، فهو يعلق بواسطة ريشته السريعة والطريفة على كلام ضيوف البرنامج في سياق الحلقة.

ما أسباب اشتراكه في هذا النوع من البرامج التلفزيونية؟ يقول ستافرو جبرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أعجبت بالفكرة عندما عرضت علي، ووافقت عليها كونها تحصل لأول مرة في تلفزيون عربي، وكانت بمثابة تحد جديد أخوضه مع نفسي كوني سأواكب مرحلة فنية حديثة لا أعرف وجوه نجومها الجدد عن كثب، فأنا عاصرت حقبة نجوم الفن العمالقة وعملت أكثر في مجال السياسة فوجدت في هذه الخطوة سابقة بحد ذاتها وانخرطت فيها دون تردد»، ويضيف: «المهم أنها تشهد نجاحا من قبل الناس الذين صاروا يتداولون هذه الرسوم في ما بينهم على صفحاتهم الإلكترونية ويعلقون عليها بكلام جميل». ويوضح ستافرو، أحد أبرز رسامي الكاريكاتير في لبنان والعالم العربي، أنه يضطر للاطلاع مسبقا على مسيرة وأعمال بعض ضيوف البرنامج ليستطيع أن يكون فكرة واضحة عنهم، مما يسهل عملية ولادة أفكاره الفنية تجاههم، ويقول: «إنني أراقب أي رد فعل يقومون به خلال الحلقة وأتابع تصرفاتهم بدقة عبر المونيتور الموجود في غرفتي حتى أستطيع ترجمة انفعالاتهم هذه بريشتي الكاريكاتيرية مباشرة». وعما إذا كان قد اصطدم بموقف أو رد فعل سلبي من قبل أحد ضيوفه، أجاب: «أبدا بالعكس فجميعهم كانوا متعاونين وسعيدين بكيفية تصويرهم، ولكني أنا شخصيا كان لدي بعض الملاحظات على بعض هذه الرسوم لأنني أطمح دائما لتكون أفضل». وستافرو، الذي قدم أكثر من كتاب حول التصوير الفوتوغرافي والرسم الكاريكاتيري وشارك في معارض لبنانية وأخرى عربية وعالمية تناولت هذين الفنين كالدوحة والأردن وباريس وجنيف والصين وغيرها، يعترف بأنه يحن اليوم إلى الزمن الجميل لعالم الكاريكاتير وإلى الديمقراطية بالتحديد لأن التبعية السياسية قيدت هذا الفن فانحسرت آفاقه وجعلت نطاقه أضيق لا يستطيع من يمارسه إلا أن يشعر بالانقسام السياسي الكبير بين اللبنانيين مما ينعكس سلبا على ريشته. ويشير إلى أن رسوماته التي يطلقها خلال البرنامج لا تستغرق منه سوى دقائق قليلة لتنفيذها وأن اللوحة الجماعية الأخيرة التي يقدم فيها جميع ضيوف البرنامج تستغرق منه وقتا أكثر بقليل لأنها شاملة وتلخص حالاتهم طيلة الحلقات.

وعن وضع فن الكاريكاتير بشكل عام في لبنان والعالم العربي، أوضح ستافرو جبرا أن لبنان يفتقد أصحاب ريشة الكاريكاتير الحقيقيين؛ «فهناك رسامون صحافيون (dessinateur de press) بأعداد كبيرة وليس رسامي كاريكاتير، وهؤلاء لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة»، لأن، برأيه، هذا الفن يلزمه الموهبة أولا، ومن ثم حس الطرافة وإتقان العمل الصحافي والرسم، مشيرا من ناحية ثانية إلى أن الثورات العربية ساهمت في إعادة هذا الفن إلى موقعه الحقيقي بعدما أطيح بمن كان يكبل أفكار أصحابه فصاروا يتمتعون بحرية أكبر سمحت لرسامي الكاريكاتير في مصر وتونس وليبيا وسوريا بالتعاطي مع الأحداث كما يجب، فيسلطون الضوء على أخطاء الزعماء من خلال رسمهم كاريكاتيريا دون أي خوف. أما عالميا، فأكد ستافرو أن وضع الكاريكاتير الصحافي ما زال يحافظ على مكانته الجيدة وأنه شخصيا يتم الاستعانة برسوماته من قبل صحف عالمية مثل «نيويورك تايمز» ثلاث مرات أسبوعيا، وكذلك من قبل وكالات صحافية دولية أخرى توزع رسوماته الكاريكاتيرية على المواقع الإلكترونية أو الصحف التي هي بحاجة إليها.

أما الشخصية السياسية التي يهوى رسمها حاليا فهي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، ويقول إنه عادة ما يتطرق في أعماله إلى الشخصيات السياسية المعروفة كالجنرال ميشال عون والدكتور سمير جعجع والنائب وليد جنبلاط، وغيرهم من الزعماء السياسيين المعروفين؛ كون الوزراء الحاليين غير معروفين، وإذا ما قدمهم بريشته الكاريكاتيرية فسيتساءل الناس بالتأكيد عن أسمائهم لأنهم غير معروفين على الساحة السياسية بشكلهم العادي، فكيف إذن بالشكل الكاريكاتيري، موضحا أن «التغييرات المتتالية لطاقم السياسيين في الحكومات اللبنانية ساهم في ذلك، فيما كانت اللوحات المقدمة في الماضي تتميز بفرشة كاريكاتيرية غنية بوجوه سياسيين لعبوا دورا بارزا وكانوا نجوما على الساحة اللبنانية نستعين بهم ككومبارس أحيانا لتجميل اللوحة أمثال كميل شمعون وصائب سلام وبيار الجميل وكمال جنبلاط وشارل مالك وميشال المر وغيرهم. وهذا الفن شهد ذروته في عهد الرئيس إلياس الهراوي وما قبله، وتراجعه بدأ منذ رحيل الرئيس رفيق الحريري»، وختم بالقول: «إذا سألت أحدهم اليوم كم وجها من وجوه الوزراء الحاليين في استطاعتك أن تتذكره؟ فسيقول لك ثلاثة أو أربعة من أصل ثلاثين؛ وهنا بيت القصيد».

وعن تناغم كاميرته مع رسوماته، يقول اللبناني ستافرو جبرا: «أنا أصور في رسومي وأرسم في كاميرتي، وهدفي دائما تسليط الضوء على الغلط في الشخصية التي تلتقطها عيني، وهذا الأمر لا يمكن أن نتعلمه؛ بل نكتسبه من الخبرة، وينبع من إحساس الفنان وموهبته».

وعن سبب غياب الرسم الكاريكاتيري حاليا عن نشرات الأخبار المتلفزة قال: «شهد هذا الفن نجاحا كبيرا في السنوات العشر الماضية، ولكنه بدأ في الزوال بسبب الفئوية التي تسيطر على مختلف هذه المحطات، فكيف بإمكاني أن أنتقد زعماء (14 آذار) إذا كنت أعمل في قناة تخصهم، وكذلك الأمر فيما لو عملت في محطة تابعة لفئة (8 آذار)؟ فرسام الكاريكاتير لا يمكن تكبيل حريته، وإلا فقد مصداقيته، وأنا شخصيا أنسحب فورا من هذا النوع من المؤسسات المدموغة بصبغة حزبية أو سياسية لأنها لا تلائم أسلوب عملي»