افتتان الهنديات بالملابس والتصميمات الباكستانية

السلوار قميص يؤكد الروابط الثقافية بين جزءي شبه القارة الهندية

تشير غالبية السيدات الهنديات المولعات بالملابس الباكستانية إلى أن مصممي الأزياء الباكستانيين لا يحيدون عن الموديلات التقليدية (إ.ب.أ)
TT

فصل الصيف على الأبواب، والهنديات مفتونات بأطقم السلوار قميص الباكستانية. والسلوار قميص هو زي تقليدي ترتديه النساء في جنوب ووسط آسيا. السلوار عبارة عن بنطلون فضفاض أشبه بالمنامة. والقميص هو رداء طويل أو قصير أو تونيك. إذا ما ذهبت إلى أي سوق في دلهي، فستجد أن أطقم السلوار قميص الباكستانية رائجة! بشكل عام، تحظى تفاصيل الملابس الباكستانية - من أشرطة وطيات وثنيات وترتر وحلي مستخدمة في التطريز برواج كبير.

ربما تكون الحدود قد فصلت بين سكان الهند وباكستان، غير أن الثقافة العامة التي تربط جزأي شبه القارة الهندية معا ما زالت تعمل كرابط خفي. ولمن ينسون تلك الحقيقة منا، فإن مشاهدة امرأة باكستانية ترتدي ساريا أو امرأة هندية تبدو متألقة في السلوار قميص الباكستاني بمثابة تذكرة حاضرة.

وتحظى الملابس التي يصممها الباكستانيون بسوق ضخمة في الهند، ولا سيما أطقم السلوار قميص، حيث تأتي ألوانها الناعمة وخطوطها البسيطة وتطريزاتها الرائعة كتغيير جديد. دائما ما كانت النساء الهنديات تسارع بامتلاك أمتار من القطن الأبيض الناعم الذي يحمل اسم «اللاون» المطبوع بمجموعة هائلة من الألوان والدوباتا (الكوفيات النسائية) السويسرية المصنوعة من نسيج الفوال المزين بأشرطة بيضاء والكورتا المطرزة المصنوعة من الشيفون أو مجرد سلوار أبيض بسيط - وكلها منتجات مصنوعة في باكستان.

وتشير غالبية السيدات الهنديات المولعات بالملابس الباكستانية إلى أن مصممي الأزياء الباكستانيين لا يحيدون عن الموديلات التقليدية. فهم لا يتطلعون إلى الملابس الغربية كمصدر إلهام. وحقيقة أنهم بمعزل عن أي تأثيرات خارجية تفيد صناعة الموضة التي يتفردن فيها بشكل رائع.

ومن خلال تحسن مستوى الجودة والقصات الممتازة والأسعار الزهيدة، تمثل قطع الملابس والأقمشة الباكستانية أحدث صيحة في الهند. ويدخل المصممون الهنود في منافسة عنيفة مع نظرائهم الباكستانيين، الذين يسعون إلى جذب النساء الهنديات بما يقدمونه من ملابس وكوفيات فاخرة مطرزة يدويا.

تبدو أطقم الملابس الباكستانية الأكثر رواجا في الصيف هنا في الهند. إنها عبارة عن كورتا قطنية طويلة يتم ارتداؤها مع سراويل يصل طولها إلى الكاحل (فضفاضة وذات قصة مستقيمة ومزينة بأشرطة). وعادة ما يحمل السراويل اللون الأبيض أو الكريمي ويتم ارتداؤها مع الكورتا زاهية الألوان أو المطبوعة والكوفيات (حسب الرغبة). وهذا الطراز المبهج يتجلى في أروع صوره في الأقمشة القطنية التي عليها طبعات تتخذ شكل ورود ذات ألوان زاهية ومحاطة بأشرطة. ويعتبر هذا الطراز من الملابس رائعا لأنه يمكن ارتداؤه كزي رسمي للسهرات والمناسبات أو كزي عادي. وتعتبر الأطقم الباكستانية مثالية في فصل الصيف لأنها مصنوعة من أقمشة خفيفة وتحقق الشعور بالراحة. (ونظرا لأن طولها يصل إلى الكاحل، يمكنك ارتداء خف مريح جذاب). وهذه الطلة مناسبة لجميع أنواع ومقاسات الجسم.

إلى جانب ذلك، فإن الأطقم الباكستانية المطرزة والكوفيات وأردية الساري متوفرة بنصف السعر المطروح في المعتاد في الهند. ويقول راغفيندر، تاجر ملابس في دلهي يستورد ملابس من لاهور عبر دبي «في لاهور وكراتشي، تعتبر هذه صناعة ضخمة جدا. فإلى جانب نحو 1.500 مصنع، هناك منازل وأحياء مستقلة تشارك في أنواع مختلفة من أعمال التطريز».

يبدو أن المنتج الأكثر مبيعا هو السلوار الباكستاني. وهو يختلف عن شبيهه الهندي في الطول والتصميم، حيث يصل طول السلوار الباكستاني إلى أعلى الكاحلين بقليل وتستخدم فيه الكثير من الأشرطة والقصات والكشاكش وقطع الترتر. تقول سافيتا ماهاجان التي تعيش في دلهي أنها تبهر الجميع في كل مرة تظهر فيها مرتدية أزياء باكستانية: «الجميع يرغب في معرفة من أين آتي بأردية السلوار المطرزة». ما تفعله سافيتا وأخريات أنهن يأتين بنموذج مطرز من باكستان، ثم يقدمنه إلى التجار المحليين لمحاكاته.

بالطبع لا يعتبر التبادل التجاري في مجال الموضة بين الهند وباكستان بشيء حديث العهد. فالأقمشة الحريرية الهندية مثل التوسار وأشكال التطريز دائما ما حظيت باستحسان في باكستان، مثلما كان الهنود من المعجبين بأنواع القطن الباكستانية. ولسوء الحظ، فقد أثرت سنوات من تأزم العلاقات بين البلدين سلبا على هذا التبادل الثقافي. ولكن اليوم بعد مبادرات السلام بين البلدين، أصبحت أطقم الملابس الباكستانية تظهر في الأسواق والمعارض الهندية، وتقابل بحماس شديد.

تفضل سيدة المجتمع والأعمال المقيمة في دلهي، رابينا خان، منذ سنوات طويلة ارتداء تصميمات الملابس الباكستانية الأنيقة الممثلة في قميص طويل له ياقة مع السروال في الاجتماعات الرسمية عن ارتداء البدل ذات الطراز الغربي. وتقول إن باكستان قد نجحت في إنتاج تنويعات جذابة مبتكرة من السلوار قميص، الذي يعتبر رداء تقليديا، باهتا نوعا ما، في الهند. وقد ظهر السلوار قميص بمجموعة تنويعات جذابة في باكستان. وتتغير تصميمات السلوار قميص كل ستة أشهر أو نحو ذلك. وتحدث اتجاهاتنا ضجة تمتد لنحو نحو عامين هنا.

دائما ما تجذب علامة «السلوار قميص الباكستاني» أعدادا ضخمة في متاجر الملابس والمعارض. يقول المصمم فاراز مانان، الذي زار الهند مؤخرا للحصول على توقيع فنانة بوليوود كاريشما كابور كسفيرة لعلامته التجارية الجديدة «كريسنت»: «الهنود يعشقون عملنا وأقمشتنا وفنوننا في التصميم والتطريز».

يذكر أن الهنود الذين يسافرون إلى باكستان لمقابلة أقاربهم يعودون أدراجهم بحقائب محملة بأزياء من «ساليم فابريكس» الكائن في «ليبرتي ماركت» بلاهور (باكستان) وهو مركز تسوق يحظى بشهرة بين الهنود الزائرين. وعادة ما يأتي الباكستانيون لزيارة الهند حاملين صناديق مليئة بأقمشة وأطقم ملابس ويقيمون معارض، سواء في فنادق أو في منازل أصدقائهم.

ويوضح مانان أن الهند تعتبر بمثابة سوق رائعة للملبوسات الباكستانية التي تجمع بين ثقافتي تصميم متباينتين ولكنهما مكملتان لبعضهما.

ويوضح «ابتكاراتنا أكثر بساطة، بينما تبدو الطلة الهندية أكثر بهجة وجرأة وبهرجة. وعن التزيين بتطريز، غارا والكروشيه وغير ذلك من أنواع التطريز، ربما تكون النتيجة مذهلة».

تعتبر نادية لاكداولا واحدة من بين أكثر المصممات المحبوبات اللائي تقدم لهن طلبات مربحة من قبل عملاء من الهنود. ويمثل الأثرياء والمواكبون لأحدث صيحات الموضة غالبية عملائها، الذين يتطلعون بالأساس لما تتفرد به الدولة الأخرى.

ولدى ديباك بيرواني، الذي يعتبر من بين أشهر المصممين في باكستان، نظرية أخرى عن سبب الرواج الهائل للأزياء الباكستانية في الهند - ألا وهو أنها مبتكرة وذات طابع سينمائي.

ويقول بيرواني «كثير من جوانب الموضة الهندية مستلهمة من السينما الهندية، لكن طرازنا في الموضة ليس على هذه الشاكلة. الناس يجدون أسلوبنا في التصميم مغايرا ومبتكرا. إنني أتطلع إلى الموضة العالمية كمصدر إلهام. ولهذا، تبدو رؤيتنا متطورة وتلقائية»، . تتمثل الطلة المفضلة بالنسبة للمصممين الباكستانيين، التي تروق للنساء الهنديات، في الملابس البسيطة ذات تدرجات الألوان الناعمة والأنسجة الثقيلة التي تصنع ببراعة فائقة.

ويوضح بيرواني المنشغل بطرح كتالوغه من الملابس القطنية «لقد تحولنا من القمصان الطويلة والبلوزات المصنوعة في شبه القارة الهندية من الأقمشة التقليدية إلى تصميمات أخرى أكثر تطورا». ولمن لا يعرفون نسيج «اللاون»، فهو عبارة عن نوع من الأقمشة القطنية المثالية لملابس أشهر الصيف الطويلة الذي يستخدمه بشكل مكثف المصممون الباكستانيون. غير أن بيرواني يقول إنه ليس سعيدا بنوع العمل الذي يقوم به «آمل في إبرام اتفاق عمل أكثر استقرارا والذي أوقن من أن المحادثات بين الدولتين سوف تمهد الطريق له».

يعتبر استخدام الخيوط المعقدة والأعمال الذهبية والزجاجية، والتي تنفذها السيدات القرويات في باكستان، أمرا شائعا جدا، حيث إنها تعتبر نادرة في الهند. تقول هينا أنجوم، مصممة أزياء باكستانية والتي تقيم معارض بصورة منتظمة في ولاية البنجاب الهندية، إن مصممي الأزياء الباكستانيين يرون فرصا أفضل في الهند، وهذا هو السبب الذي يدفعهم للقدوم إلى هنا لإقامة معارض والبحث عن زبائن. تقول هينا إنه يمكن الحكم على تلك الصيحة بالنظر إلى حقيقة أن الطلبات التي تلقتها خلال معرضها الأخير فاقت بكثير كافة ما تلقته منذ عدة شهور. تضيف هينا: «لقد تلقيت سيلا من الطلبات الخاصة بالحصول على أطقم لمصممين بارزين، وبخاصة الأشياء التي يمكن أن تقدم كهدايا».

تقول الباكستانية شايان مالك، والتي تعتبر زائرة منتظمة للهند منذ عرضها الأول، إن جودة الأقمشة الباكستانية ممتازة، وهذا هو ما يجذب الزبائن. تقول شايان: «تعتبر مهارتنا الفنية، وخاصة في تطريز فساتين الزفاف، بالغة التعقيد». وتقول إن هذا ربما يرجع إلى أن معظم الحرفيين المسلمين هاجروا إلى باكستان أثناء انقسام الهند «كلا الطرفين ربح شيئا وخسر شيئا آخر»، هكذا تتحدث عن الهجرة. وتقول إن أصدقاءها عادة ما ينتظرون زيارة الهند من أجل شراء ساري مطرز. وبينما تثني مالك على جودة المهارة الفنية الهندية - الممثلة في الغارا وغرزة الظل على وجه الخصوص - تقول إنه في بعض الأحيان ينصب التركيز على الكم وليس على الكيف.

وتقول المصممة الهندية مادهو، إن غالبية المصممين الباكستانيين ليسوا مهتمين بجيل «إم تي في». وبسبب تركيزهم الشديد، ابتكروا أسلوب التطريز على أقمشة الفوال. لا عجب إذا في أنه عندما ترى السيدات الهنديات مثل تلك الأعمال اليدوية البارعة مثل المارورا الكشميري والطباعة على السجاجيد والمفروشات (في السند) وأسلوب التاكا السندي في التطريز، لا يستطعن إلا أن يفتن به.