انطلاق مهرجان بيروت للرقص المعاصر

ينعش العواصم الثلاث.. بيروت ورام الله وعمّان

عرض صرخة وقبلة الافتتاحي و لقطة من أحد العروض المشاركة
TT

الرقص المعاصر يعود إلى المنطقة هذه السنة أيضا في موعده الربيعي المعتاد. في بيروت ورام الله وعمّان. المهرجان السنوي لهذا الفن يبدأ حيويا في العواصم الثلاث، خصوصا أنه بات له جمهور ينتظره، وعشاق يحجزون تذاكره باكرا ليتأكدوا أن شيئا لن يفوتهم، بينما يغيب عن دمشق التي كانت إحدى عواصمه لسنوات خلت. لكن دمشق حاضرة في القلب، وفي كلمة الكتالوغ الرئيسي حاجزة مكانها، لما بعد الثورة.

غدا السبت افتتاح المهرجان في بيروت، يليه مهرجان رام الله الذي يبدأ في التاسع عشر من الشهر الحالي، ومن ثم عمان في الثاني والعشرين من نفس الشهر.

يبدأ مهرجان بيروت مفتتحا الموسم بعرض يقدم في «مسرح المدينة»، يحمل عنوان «قبله وصرخة» لميشيل ان دو مي والمخرج البلجيكي المعروف جاكو فان دورماييل. يعول المنظمون على هذا العرض الذي هو عبارة عن «بلاتوه» لتصوير فيلم، تحكى من خلاله قصص حب مختلفة، أما الراقصون فهم أصابع تتحرك وتتوجع. الابتكارية لا تتوقف على العرض الافتتاحي الذي يستمر لليلتين، ولكن لكل عرض نكهة. فالهدف هو تقديم المختلف والمغاير، الذي يستحق المشاهدة والاكتشاف، ففي اليوم الختامي في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، عرض أخاذ آخر للياباني هيرواكي أوميدا بعنوان «الطبقات الشمولية».

عمر راجح منظم المهرجان ومحركه يشرح لنا أن البعد العربي للمهرجان لا ينفي أن لكل مدينة خصوصيتها وحريتها التامة في البرمجة. هناك عروض مشتركة وأخرى تقدم في عاصمة واحدة، دون غيرها. ومسألة الخصوصية كانت قد أثارت ضجيجا كبيرا في سنوات ماضية في رام الله، حيث تم الاعتراض على بعض العروض بحجة أنها لا تناسب التقاليد. في بيروت تبدو فسحة الحرية أكبر والمذاق قد يكون أحيانا أكثر حداثية من مدن أخرى.

يشرح راجح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجمهور في البدء كان شبابيا في غالبيته، لكن مع الوقت بات الجمهور من كل الأعمار والفئات، بل ثمة من يبحث على الإنترنت ويحجز مسبقا بعد أن يتحرى عن العروض بنفسه».

لم يعد خافيا أن هذا المهرجان أصبح إحدى المحطات الثقافية السنوية الأساسية في بيروت، ليس فقط لعدد الحضور الذي وصل إلى سبعة آلاف شخص العام الماضي، والإقبال على شراء التذاكر بشكل كثيف، ولكن أيضا للمستوى الرفيع جدا للعروض، وللمصداقية الكبيرة التي بات يتمتع بها.

يعتد عمر راجح بالعرض الذي ستقدمه الفرنسية كارولين كارلسن في التاسع عشر من الشهر في «مسرح المدينة» بعنوان «قصص قصيرة»، قائلا: «هي سترقص أيضا على ما أعتقد رغم أنها أصبحت كبيرة في السن. وجودها في بيروت بالنسبة لي يشبه كذبة أول نيسان». من العروض أيضا «الآخر» لكلاوديو ستيلانو من بلجيكا على «مسرح بابل» في العشرين من هذا الشهر، و«غد جديد» لتالدانس من تركيا يوم 21 في «هنغار أمم»، و«لا شيء يحدث» لستيفاني هيرش يوم 21 أيضا ولكن في «مسرح المدينة»، إضافة إلى عرض «زينيث» لغي نادر من لبنان - إسبانيا يوم 24 في «مسرح مونو»، و«ستاكوس» لبابلو بلاسيو موريل من إسبانيا يوم 25، وعرض «الموهبة» لفرقة «باليه بويز» من بريطانيا في «مسرح المدينة» يوم 26. وهناك أيضا «مشروع الجسد المتفاجئ» لفرانشيسكو سكافيتا، إيطاليا - النرويج يوم 27 في «مسرح مونو»، و«سنيك وسنوك على القمر» لسارة كريستوفرسن وسيليهولم، النرويج في «مسرح مونو» يوم 28، ليأتي الختام بعد ذلك يابانيا باهرا في 29، بحسب ما يعد به المنظمون.

يقضي عمر الراجح السنة بحثا عن الجديد، إن أثناء مشاركته في مهرجانات دولية أو من خلال نصائح اختصاصيين في الميدان. وهو يعتبر أن مشاركة أسماء كبيرة هذه السنة مثل كارولين كارلسن وجاكو فان دورماييل، هو مكسب كبير لبيروت، ونتيجة لمصداقية المهرجان، وأهمية الفنانين الذين تمكن من اجتذابهم ليشاركوا فيه، في سنوات ماضية. ويضيف راجح: «ربما لا يعرف البعض أن برنامج كارلسن محجوز حتى نهاية عام 2013 وبرنامج فان دورماييل كذلك حتى سنة 2014، وأن نتمكن من رؤية هؤلاء الكبار في بيروت هو أمر شديد الأهمية. هؤلاء فنانون جل ما يهمهم هو أن يأتوا إلى مهرجان يقدمهم كما هم، دون أن تطلب منهم أي تنازلات أو تعديلات على عروضهم، وهذا ما نحاول أن نفعله». ولا يخفي راجح أن اسم بيروت بحد ذاته جذاب بالنسبة للفنانين، ويشكل عاملا إيجابيا مهما لتشجيعهم على قبول الدعوة».

نحو 17 عرضا سيشاهدها اللبنانيون خلال الأسبوعين المقبلين، هي في غالبيتها عصرية وجديدة ومبتكرة. ويوم الافتتاح ستقدم ميا حبيس تجهيزا في «مسرح المدينة»، كما ستقدم مع عمر راجح عرضا بعنوان «حوار حميم مع سمكة حمراء» يوم 18 في «مقامات بيت الرقص».

جدير بالذكر أن أسعار البطاقات مشجعة جدا، إذ إنها تبدأ من عشرة آلاف ليرة، أي سبعة دولارات تقريبا، لرؤية عروض عالمية وعلى مستوى بديع، وهو ما لا يقاس بأسعار البطاقات عادة في لبنان.