سؤال يبحث عن إجابة: أين تذهب وجبات برامج الطهي؟

فضول مشاهدي التلفزيون يلاحق الطباخين والمخرجين

من طباخي البرامج التلفزيونية والقائمين عليها يمكن معرفة المزيد عن كواليس هذه البرامج التي تجتذب شرائح واسعة من الجمهور العربي
TT

تنتشر برامج الطهي على فضائيات التلفزة العربية، التي يتبارى مقدموها من الطباخين على تقديم وصفات ووجبات جديدة وبطرق مختلفة تلبي رغبات مشاهديها.

من جانبهم، يطرح المتابعون أسئلة تتعلق بكيفية إعداد وجبة ما، أو صنف آخر، لكن في أوقات أخرى يترك المشاهدون جميع الأسئلة ويطرحون سؤالا فضوليا، ألا وهو: «أين تذهب الوجبات التي يتم طهيها أثناء الحلقات؟»، وهو السؤال الذي يُسأل أحيانا على الهواء، أو يستقبله القائمون على هذه البرامج في مناسبات مختلفة. ومن خلال الطباخين في البرامج التلفزيونية والقائمين على البرامج نفسها، يمكن معرفة المزيد عن كواليس هذه البرامج التي تجتذب شرائح واسعة من الجمهور العربي.

خبيرة التغذية ومقدمة برامج الطهي الشهيرة منى عامر تبين أنها كثيرا ما يسألها الجمهور: «أين تذهب الوجبات التي تقومين بإعدادها؟». وتفسر تكرار هذا السؤال لأن الجمهور المشاهد للحلقات يريد أن يعرف هل بالفعل ما يقدَّم من أطباق يكون ذا مذاق حلو أم لا، أو هل أننا نقدم لهم بالفعل وجبات شهية ولذيذة أم أننا نقوم بخداعهم، وبالتالي فهذا السؤال الذي يطرحونه بطريقة غير مباشرة تراه ذكيا من جانبهم. وترى أن السؤال يكثر مع ما يلمسه الجمهور من تجديد في الأصناف، خاصة مع تعودهم على الطرق التقليدية في إعداد الطعام. وتوضح أنه طوال عملها في برامج الطهي المختلفة وفي فضائيات متعددة، كان جميع أفراد فريق عمل البرنامج من فنيين ومعدين ومخرجين يحرصون بشدة على تذوق ما تقوم بطهيه في البرنامج، بل كانوا ينتظرون انتهاء الحلقة للمشاركة سويا في الوجبات والأطباق؛ حيث إنها تقوم بالطهي الفعلي أثناء الحلقات وليست أطباقا ناقصة النضج. وحول وجود بعض المواقف الطريفة الناتجة عن ذلك، تقول إنها في إحدى الحلقات في شهر رمضان، عندما راق للمخرج ما تقوم بطهيه خلالها، طلب منها أثناء الحلقة أن تقوم بحجزه له هو فقط دون غيره. وكذلك عندما قامت بطهي العدس الهندي في حلقة أخرى، التف جميع الفنيين بعد الحلقة مباشرة لتجربته، لتنطلق تعليقاتهم الساخرة من كونهم لا يعرفون غير نوع واحد للعدس، وهو ما يحدث غالبا في الأطباق غير المعروفة لهم، التي يستقبلونها بفطرة وتلقائية أولاد البلد. وتؤكد عامر أن فريق البرنامج يعتبر مؤشرا لها على نجاح تجربتها؛ فلو تقبلوا الطعام الذي تم تقديمه فهذا يعني أنها قد نجحت في تقديم مذاق جيد، وتنصح عامر بعدم المبالغة في طريقة طهي الطبق التي تصل إلى حد التعقيد، والحرص على التنوع في الأصناف وعدم التركيز على عناصر غذائية دون أخرى.

محمد جلال، وهو معد سابق لبرنامج «ازاي ناكل صح» على قناة «الأسرة والطفل»، يؤكد ذهاب الوجبات إلى الفنيين كفنيي الإضاءة وفنيي الصوت وغيرهم؛ كونهم أول من يتعامل مع الطباخ خلف الكاميرات. كما أنه في أحيان أخرى تخصص الوجبات للاحتفال بمناسبة تخص أحد أفراد القناة كعيد ميلاد أو زواج؛ حيث تكون فرصة للاحتفال من خلال الاجتماع على الطعام. ويشير جلال إلى أن سؤال «أين تذهب الوجبات؟» يأتي غالبا بدافع الفضول، وأنه كمشاهد كان يطرح السؤال على نفسه قبل العمل بالبرنامج، ويوضح بابتسامة أنه لم يكن يحصل على نصيب وافر من الأطعمة كونه معدا للبرنامج مقارنة بزملائه؛ حيث عليه أن يصطحب الشيف بعد الحلقة والاتفاق معه على الحلقة المقبلة. ويوضح أنه بمرور الوقت تتكون علاقة إنسانية بين فريق العمل والشيف، وحسب قوة هذه العلاقة يمكن أن يطلب الفريق أصنافا بعينها من الشيف لطهيها، كما أن البرامج التي تستضيف أكثر من شيف يكون بينهم نوع من المنافسة لإرضاء من حولهم. ويبين أنه كمعد يحكم على مهارة وكفاءة الشيف، ليس فقط من المكالمات التليفونية التي ترد للبرنامج، بل أيضا بمدى وحجم الإقبال من جانب الفنيين وفريق العمل على الوجبات التي تطهى بالحلقات، فإذا كان طهي الشيف جيدا سارع الجميع لتناول طعامه عقب انتهاء الحلقة، وبالتالي يكون ذلك معيارا لنجاح الشيف وكفاءته.

أما أميرة فوزي، معدة برنامج «الست غالية» على فضائية «25»، الذي يحظى بنسبة عالية من المشاهدة خلال الأشهر الأخيرة، فترى أن السؤال عن مصير وجبات الطهي يتردد دائما عليها بمجرد معرفة من تقابلهم بمهمتها في البرنامج، كما أن الصفحة الخاصة بالبرنامج على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تشهد طرح هذا السؤال أيضا. وتقول: «ما لمسته بعد أشهر طويلة من العمل بالبرنامج أن الجمهور العربي يحب الطعام بدرجة كبيرة جدا، ولعل ذلك ما يجعلهم يطرحون هذا السؤال، إلى جانب الاستفسار: هل بالفعل الطعام يكون مذاقه جيدا أم لا؟». ويكثر التساؤل مع الوصفات الغريبة التي تقدمها الشيف غالية.

وتضيف: كما أنني لمست أيضا أن هناك اهتماما من الرجال بالطعام عن النساء، وكثيرا ما توضح الزوجات أن حالة أزواجهن المزاجية ترتبط بالطعام.

ممدوح علوان، مشرف برنامج «من كل بلد أكلة» على قناة «الأسرة والطفل»، استقبل سؤالنا بضحكة، مبينا أن الفنيين وفريق عمل البرنامج هم دائما من يتناولون وجبات البرنامج، خاصة أن الشيفات ضيوف البرنامج يصنفون درجة أولى، وبالتالي يحرص الفريق على تذوق طعامه، بل والتسابق إليه.

ويشير إلى أنه منذ بداية عمله في البرنامج قبل 7 سنوات وهو يسأل دائما عن مصير الوجبات، ويتلقى مكالمات هاتفية كثيرة بشأن ذلك، والطريف أن هناك مشاهدين يقومون بالاتصال من دول أخرى للاستفسار عن مصير الوجبات.