مهرجان الخليج السينمائي 5: لقطة أولى: السنوات الأفضل

TT

> يتوقف أمر ما، إذا كانت دورة ما أفضل أو أسوأ من الدورة السابقة، على عدة معايير، أهمها أن الناظر الذي يبغي تحليل الواقع مرتبط بنظرة مسبقة إليه. ربما كان يحب الأفلام التسجيلية أكثر من سواها ووجد أن الأفلام التسجيلية هذا العام أفضل مما كانت عليه في العام الماضي. في هذه الحالة، المهرجان كله أفضل. أو قد يكون من منتقدي المهرجانات، وليس الأفلام بالضرورة، وعلى هذا يبني رأيه. وهناك بعض ينتمي إلى أحاسيسه أكثر مما ينتمي إلى الوقائع والمعلومات، وقد يرى أن الدورة الماضية كانت أفضل من الحالية أو العكس.

ما هو مؤكد أن المسألة ذاتية إلى حد كبير، ثم بعد ذلك هي مسألة أفلام.

حتى مهرجان «كان» الذي سيطل علينا بعد شهر يشهد مستويات مختلفة، أو هكذا يعتقد كثيرون. في أحيان كثيرة يحدث أن يجتمع عدد كبير من المخرجين المعروفين في دورة واحدة. هذا يحمي الأجواء الإعلامية ويحمس النقاد، لكن من يضمن نتيجة الأفلام؟ في دورات أخرى تبدو الاعتيادية هي المحرك الأول، لكن هذه الاعتيادية قد تفاجئنا بعدد كبير من الأفلام. وفي حالات ثالثة متكررة، يعتقد البعض أن النوع السياسي من الطروحات هو ما يغلف المهرجانات، ليكتشف في النهاية أن السياسة لم تلعب الدور الفاعل الذي اعتقده.

كل هذا للقول إنه بصرف النظر عن المهرجان الذي نتحدث عنه فإنه من الصعب الحكم على مستوى المهرجان، لأنه حتى بعد أن تنجلي الدورة عن فائز وخاسر وعن تيار أو اثنين، فإنه من الممكن أن يكون عدد الأفلام الجيدة هذا العام أكثر من عددها في العام الماضي أو العكس صحيح.

إذا ما كان كل هذا واردا فلماذا إذن يعمد بعضنا للحديث عن مستوى الدورات؟

طبعا الناقد حر في قوله، وحر فيما يختار الحديث فيه، لكن المسألة هي ضرورة الارتفاع عن الطروحات المتكررة، خصوصا أن لا شيء ثابت في هذا الصدد، فلكل رأيه والآراء على تعددها لم تشكل حقيقة أبدا.

والواقع النهائي أن المسألة في حقيقتها لا تختلف كثيرا. المهرجانات جميعا تحاول جمع أفضل ما تستطيع، وفي بعض السنوات يكون الحصاد أوفر وأفضل من سنوات أخرى، لكن الفارق عموما وغالبا لا يزيد على أعداد قليلة، فدورة مهرجان فينيسيا في العام 2009 احتوت على إثني عشر فيلما جيدا، في حين أن دورة العام 2010 احتوت على تسعة أفلام جيدة، ومثلها في دورة العام الماضي، فهل يبرهن ذلك على شيء؟ هل يجعل المهرجان أفضل أو أسوأ؟

الحال هكذا في مهرجان «الخليج» وهو يسدل ستاره الذي دام ستة أيام قصيرة. عرض خلالها 155 فيلما، عدد كبير منها قصير، تبعا للموقع الذي يحتله المهرجان فوق الخارطة العالمية اقتصاديا وثقافيا.