سكان لندن يستعدون.. 100 يوم على انطلاق الأولمبياد

العاصمة البريطانية تستقبل المسلمين بغرف للصلاة وإفطار للصائمين

شكلت مجموعة من الجنود البريطانيين رقم «100» بمناسبة بداية العد التنازلي لافتتاح الدورة الأوليمبية (رويترز)
TT

مع بدء العد التنازلي للمائة يوم الأخيرة المتبقية على انطلاق فعاليات دورة الألعاب الأولمبية القادمة (لندن 2012)، أفاد تقرير لوزارة الخارجية البريطانية أن لندن وضعت استعدادات خاصة لاستقبال الرياضيين المسلمين المشاركين في فعاليات دورة الألعاب الأولمبية التي يتزامن انطلاقها في شهر يوليو (تموز) المقبل مع شهر رمضان.

وذكر التقرير، الذي حصلت عليه وكالة الأنباء الألمانية قبل نشره، أن بريطانيا ستوفر خدمات خاصة بالمسلمين مثل وجبات إفطار الصائمين وغرف خاصة للصلاة في الفنادق وكذلك في أماكن عرض الألعاب.

وقال التقرير الذي نشر اليوم على المواقع الإلكترونية لسفارات بريطانيا بالإمارات والخليج، إن بريطانيا وفرت أيضا خدمات عديدة تساعد اللاعبين والجمهور القادم من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الأديان، للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية.

وأوضح أن الحكومة البريطانية ستوفر الخدمة الدينية لمساعدة نحو 17 ألف رياضي ومسؤول ونحو 200 ألف موظف فضلا عن 20 ألف شخص من وسائل الإعلام مؤكدة أن الخدمة الدينية متوفرة لجميع الأديان ويشارك فيها 193 رجل دين.

وسوف تقيم بريطانيا مركزا لتعدد الأديان في القرية الأولمبية خلال الدورة يخدم المسلمين والمسيحيين والهندوس والسيخ واليهود والبهائيين والجاينيين والبوذيين والزرادشتيين.

وذكرت الخارجية البريطانية أنه سيتم توفير مراكز وغرف لجميع الأديان في قرى الرياضيين المشاركين في الأولمبياد بمناطق ستراتفورد وويماوث وإيتون، وغرينيتش. وسيتم تشكيل فريق لتوفير الخدمة الدينية سيكون متاحا لجميع الرياضيين والمسؤولين في جميع الأوقات خلال المباريات. ويضم الفريق مجموعة من رجال الدين المسلمين.

كما سيتم توفير الخدمة الدينية من جانب رجال دين في الفنادق التي تقيم فيها منتخبات كرة القدم، حيث تم تخصيص غرفة في كل فندق من أجل الصلاة.

وذكر التقرير أن اللجنة المنظمة للأولمبياد عملت على توفير مناطق هادئة للصلاة لجمهور الأولمبياد من المشجعين والمشاهدين في الملاعب وكذلك في الحديقة الأولمبية، بالإضافة إلى توفير وجبات إفطار الصائم وغرف صلاة خلفية لكل المتطوعين، في جميع الصالات الرياضية والملاعب.

وستجري عملية إحاطة شاملة لجميع الموظفين والمتطوعين ليكونوا على بينة بتفاصيل شهر رمضان واحتياجات المجتمع المسلم (في هذا الشهر) فضلا عن إحاطة جميع المجالات الوظيفية عن الموظفين والمتطوعين المسلمين واحتياجاتهم خلال شهر رمضان، وتوفير فريق خدمة دينية لجميع الأديان على مدار الساعة للموظفين والمتطوعين، ويضم الفريق رجال دين مسلمين.

ونقل التقرير عن فاروق مراد، الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا، إشادته بأولمبياد لندن 2012 معتبرا أنها مناسبة «للاحتفال بالروابط الإنسانية المشتركة، لأن الأولمبياد تجمع مشاركين من مختلف الدول والأديان».

وأضاف «بما أن الألعاب ستقام خلال شهر رمضان، نأمل أن يتم تقديم قيم العطاء والمشاركة والضيافة لكل ضيوفنا هذا الصيف».

وفي الوقت الذي سارت فيه استعدادات اللجنة المنظمة لهذه الدورة الأولمبية على الطريق الصحيح من خلال اكتمال العمل في معظم المواقع التي تستضيف منافسات الدورة ونفاد تذاكر حضور مسابقات وسباقات الدورة ما زالت العاصمة لندن التي يبلغ تعدادها ثمانية ملايين نسمة تئن وتشكو قبل 100 يوم من حفل الافتتاح حيث يخشى المواطنون من الفوضى المرورية أو التعرض لهجمات إرهابية ويرون أن الكثير من المال قد أهدر.

ويقول سائقو سيارات الأجرة إنهم يعانون من قلة العمل بينما يعاني سائقو قطارات المترو من كثرته. كما رفع المقيمون في «هايد بارك» دعاوى قضائية يؤكدون فيها خوفهم من ارتفاع الأصوات خلال فترة الأولمبياد بسبب ازدحام المشجعين في أماكن المشاهدة العامة.

وأصدرت الشرطة البريطانية تعليماتها إلى معظم الحانات بغلق أبوابها في الحادية عشرة مساء بتوقيت لندن خلال فترة فعاليات الدورة التي تقام من 27 يوليو إلى 12 أغسطس (آب) المقبلين حيث تخشى الشرطة تهور بعض العناصر الإجرامية. ويقول تيم ريدر المقيم في وانستيد بشرق لندن، بالقرب من مواقع المنافسات الأولمبية في ستراتفورد، «من الصعب أن تجد شخصا يتطلع إلى بدء فعاليات الأولمبياد».

كل ذلك دفع ديفيد راندال، أحد كتاب الأعمدة بصحيفة «ذي إندبندنت» الإنجليزية، إلى مناشدة مواطني لندن قائلا «تقدمي بريطانيا، كفي عن الشكوى».

كما تبذل اللجنة المنظمة والصحف وهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» جهدا كبيرا لبث روح التعاون والدعم لدى المواطنين تجاه هذه الدورة الأولمبية. ولكنهم يجدون المهمة صعبة للغاية.

واعترف جوناثان إدواردز، الفائز بذهبية الوثبة الثلاثية في أولمبياد 2000 والذي يعمل حاليا منسقا بين الرياضيين واللجنة المنظمة لأولمبياد لندن، بأن الأمر لم يكن سهلا ولكنه أعرب عن تفاؤله بشكل عام. وقال إدواردز «نمر بأوقات عصيبة في أوروبا حاليا ومررنا بها كذلك في السنوات القليلة الماضية. وهذا يخيم بظلاله على التوقعات السعيدة. بمجرد بدء فعاليات الدورة الأولمبية، سيقف البلد بأكمله وبشكل رائع خلفهم (المنظمين والرياضيين) ».

وأظهر استطلاع للرأي أجري حديثا أن نحو عشرة ملايين من بين 60 مليون بريطاني سيتركون بلدهم خلال فترة فعاليات الدورة وأن معظمهم يتعللون في ذلك بالأولمبياد.

ويخشى كثيرون بالفعل من الفوضى المرورية في لندن خلال فترة منافسات الدورة.

ويشتهر نظام مترو الأنفاق بالعاصمة البريطانية لندن بأنه الأقدم في العالم ولكن المشكلة تكمن في أن العديد من قطاراته ومحطاته بحاجة ماسة إلى التجديد والتحديث رغم استثمار نحو 6.5 مليار جنيه استرليني (عشرة مليارات دولار) في هذا النظام خلال السنوات القليلة الماضية.

ورغم التطويرات التقنية التي أدخلت على خط المترو الذي يصل المتنزه الأولمبي بوسط العاصمة لندن، أدت هذه التقنيات لتأخر قطارات هذا الخط بشكل منتظم.

وتتسم شبكة الطرق بدرجة أكبر من القدم والحاجة إلى التطوير والتحديث أيضا.

ونجحت اللجنة الأولمبية الدولية في تخصيص 30 ميلا من الممرات الضيقة داخل المدينة لتنقلات العائلة الأولمبية فقط مما يعني خسارة لسائقي الحافلات وسيارات الأجرة.

وأكد 40 في المائة من سائقي سيارات الأجرة في لندن البالغ عددهم 25 ألف سائق، أنهم لن يعملوا خلال فترة فعاليات الدورة الأولمبية إلا في حالة السماح لهم بالحصول على أعلى معدلات للأجرة في الفترات المسائية تعويضا لهم عن الخسائر التي يتكبدونها بسبب الزحام المروري.

وقال مارك إيفرز، مسؤول النقل في لندن خلال فترة الأولمبياد، «نثق في أن شبكتنا تستطيع التعامل مع الوضع خلال الدورة الأولمبية».

ولكن بمجرد أن يبدأ المشجع طريقه للانتقال من الفندق إلى الاستاد، يبدو من المرجح أنه لن يفلت من الزحام والانتظار طويلا في الزحام المروري.

وينتاب مسؤولي أولمبياد لندن هلع شديد من إمكانية تعرض الدورة لهجمات إرهابية. وما زال حاضرا في أذهان الجميع ذكريات الهجمات التي تعرضت لها العاصمة لندن في السابع من يوليو 2005 بعد يوم واحد من فوز لندن بحق استضافة أولمبياد 2012.

ورغم ما أعلنته شرطة سكوتلانديارد من أن أولمبياد 2012 لن يكون «دورة أمنية»، فإنها تستعد للدورة بشكل مكثف.

ويعتمد المنظمون في تأمين الدورة الأولمبية على سفينة حربية ستستقر في نهر التيمس وطائرات مقاتلة نفاثة على مسافة قريبة للغاية من العاصمة وصواريخ «أرض جو». كما تعتمد خطة التأمين على 23 ألف فرد أمني منهم 13 ألف جندي من القوات المسلحة وهو ما يفوق عدد جنود القوات البريطانية في أفغانستان.

وضاعفت المخاوف الأمنية من تكاليف تأمين الدورة. ورغم أن الميزانية التي وضعتها الحكومة البريطانية واللجنة المنظمة لهذه الدورة بلغت 9.3 مليار جنيه استرليني (14.7 مليار دولار) يتوقع النقاد أن تكون الميزانية الفعلية أكبر من ذلك. وتتوقع مارجريت هودج العضو بالبرلمان عن حزب العمل أن ترتفع التكاليف إلى 11 مليار استرليني.

وانتقدت هودج الإسراف الشديد في الحملات الإعلانية مثل محاولات الحكومة للترويج لإحدى الرياضات التي بلغت تكلفتها 400 مليون استرليني.