عصر البث التلفزيوني الرقمي يبزغ في بريطانيا

النظم الجديدة تبث عددا أكبر من القنوات التلفزيونية وتقوي الإرسال 10 مرات

TT

في منتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء دخل المهندس آندي ألستون إلى أحد السراديب الإسمنتية تحت الأرض في مركز برج «كريستال بالاس» (قصر الكريستال) للإرسال جنوب العاصمة البريطانية، لندن، لكي يكبس الزر الموضوع عند سلسلة من الأجهزة الموضوعة عند الجدران الذي كتب عليه «إغلاق»، لكي يطفئ كل الأجهزة القديمة، ثم ليضغط زر «تشغيل» في غرفة جديدة مجهزة بأحدث النظم الإلكترونية الرقمية.

وبهذا أخذت الهوائيات المعدنية المنتصبة في واحدة من أعالي معالم لندن تبث إشارات تلفزيونية جديدة. وبهذا دخلت كل غالبية مناطق ومقاطعات بريطانيا، في عالم البث التلفزيوني الرقمي منهية عصر البث التلفزيوني التناظري.

ودخل هذا الحدث التاريخ بوصفه علامة جديدة على التقدم التقني للقرن الحادي والعشرين ذلك وبعد 75 سنة من البث التلفزيوني التناظري، رغم أن الجمهور لم يشعر به كثيرا! ومع ذلك، فإن البث التلفزيوني التناظري القديم سيظل ساريا في آيرلندا الشمالية حتى الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وكانت عملية تحويل البث التلفزيوني قد كلفت الخزانة البريطانية مبلغ 630 مليون جنيه إسترليني. وأدى تشغيل البث الرقمي في برج «كريستال بالاس» إلى تغطية كل مناطق لندن ببرامج كل القنوات الأرضية إضافة إلى عدد من القنوات الأخرى. ورغم أن بريطانيا تشغل 1154 جهاز إرسال تلفزيوني يصل بثها إلى 60 مليون نسمة، فإن بث برج «كريستال بالاس» يصل إلى نحو خُمس السكان. وقد انطلقت من هذا البرج أولى مشاهد التلفزيون الملون عام 1967، ثم أولى مشاهد البث التلفزيوني عالي الوضوح (HD) عام 2009. ومن هذا البرج تبث مختلف البرامج الشعبية المحبوبة.

وقد بدأ برج «كريستال بالاس» إرسال أولى الصور لملايين الناس قبل أكثر من 50 سنة عندما لم تكن هناك سوى قناة تلفزيونية واحدة هي قناة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي». وقبل ذلك التاريخ كان برج «ألكسندرا بالاس»، شمال لندن، هو الذي يبث البرامج التلفزيونية. إلا أن بث مشاهد تصوير كبرى لتتويج الملكة إليزابيث الثانية بداية الخمسينات أكد للمختصين ضرورة إنشاء مركز إرسال قوي جديد. وقد سمى السكان حينذاك البرج، الذي بلغ ارتفاعه 720 قدما، «برج إيفيل اللندني». وشيد فوق خرائب «قصر الكريستال» الذي كان مركزا للمعارض في زمن الملكة فيكتوريا ثم دمره حريق عام 1936. وبدأ البرج إرساله عام 1956. وكان يبث برامج التلفزيون التناظري السابقة التي كانت تصل إليه من قنوات البث الأرضي الـ4، وهي: قناتان من «بي بي سي» وقناة «آي تي في» المستقلة، و«القناة الرابعة»، عبر كابلات تحت الأرض في دائرة نصف قطرها 50 ميلا (80 كلم تقريبا)، بينما كانت برامج «القناة الخامسة» التي أطلقت قبل بضع سنوات تبث من برج آخر.

أما الآن فقد أخذ البرج ببث برامج التلفزيون الرقمي التي تعدها القنوات الأرضية بعد استقبال جهاز إلكتروني رقمي لها، لا يمكنه استقبال عدد أكبر من القنوات التلفزيونية فحسب بل وزيادة قوة البث 10 مرات، وبهذا يحصل المشاهدون على عشرات القنوات الرقمية وعلى بث أقوى.

أما على صعيد استقبال البث التلفزيوني الرقمي فقد اضطر كل أصحاب التلفزيونات التناظرية القديمة إلى اقتناء جهاز صغير ملحق بالتلفزيون رخيص الثمن، يتيح لهم استقبال البرامج الجديدة، في حين تمكن أصحاب أجهزة التلفزيون الرقمي أو المشتركين بصحون الأقمار الصناعية لشركة «سكاي» البريطانية أو المشتركين بتلفزيون الكابلات استقبال البرامج الرقمية فورا.