«سوذبيز» تقيم 3 مزادات تقدم جماليات الفنون الإسلامية وروعتها

مخطوطات ومجوهرات وأسلحة وفن استشراقي

TT

تقيم دار «سوذبيز» ثلاثة مزادات مهمة خلال هذا الأسبوع تدور كلها في فضاء فنون العالم الإسلامي، ضمن أسبوعها للفن الإسلامي والتركي، فمن مزاد «فنون العالم الإسلامي» الذي يقام يوم الأربعاء 25 أبريل (نيسان) إلى مزاد «الفن الاستشراقي» الثلاثاء 24 أبريل، ومزاد «نظرة مترفة.. فنون الإمبراطورية العثمانية»، الذي ينعقد أيضا يوم 24 أبريل. وتعرض الدار حاليا القطع المعروضة للبيع في مقرها بلندن.

التجول بين المعروضات هنا يعد متعة خالصة بحد ذاتها، فهنا نرى جمال صنعة الحرفي الإسلامي، ترى حرفية وفن الخطاط في غرفة المخطوطات وتسمع جلبة القتال والحرب في الركن المخصص للأسلحة والخناجر والسيوف، أما اللوحات الاستشراقية فتروي لقطات من التاريخ عكسها فنانون أوروبيون لعالم عاشوا فيه بخيالهم وعكسوا رؤاهم وجزءا من تخيلاتهم أيضا فيه. ويبدو أن المعروضات تشمل تقريبا جميع أنواع الفنون الإسلامية، فهناك المخطوطات والخزفيات والمجوهرات والزجاج والمنسوجات الجدارية والسجاد. كما يعرض مزاد «فنون العالم الإسلامي» مجموعة مختارة من القطع الخزفية من الجزء الثاني من مجموعة هارفي بي بلوتنيك.

وخلال جولة على القاعات، قام بنديكت كارتر، نائب المدير، ورئيس «سوذبيز - الشرق الأوسط»، بإلقاء الضوء على أهم القطع المعروضة، موضحا أهميتها الفنية والتاريخية، مشيرا إلى أن المزاد يقدم فرصة للمقتنين والمؤسسات الحصول على أعمال فنية إسلامية فريدة، يحظى الكثير منها بأهمية تاريخية.

نتوقف أمام خزانة زجاجية تضم مجموعة ضخمة من الخناجر التي تتنوع في أشكالها وزخارفها؛ فكل منها له شخصية منفردة فمثلا هناك خنجر بمقبض من اليشم يحمل نصله زخارف دقيقة، وإن كانت تجنح إلى البساطة مقارنة بخنجر آخر موضوع بجانبه تتنافس فيه الزخارف الدقيقة والكلمات المتشابكة لتحتل مكانا مميزا على طول النصل بينما نجد أن قبضته مرصعة بالأحجار الثمينة. يشير كارتر إلى المستوى الرفيع التي تبدو عليه الخناجر، مشيرا إلى أن النوعية الفائقة تدل على أنها كانت ملكا لشخصيات رفيعة في البلاط الملكي أو من الأثرياء.

ويشير إلى خنجر آخر معروض ذي مقبض بلون أخضر مطلي، عليه رمز فيصل شوشتاري من أصفهان، بلاد فارس، صنع في الربع الأول من القرن السابع عشر، تتراوح قيمته بين 400 ألف إلى 600 ألف جنيه إسترليني. الخنجر يحمل جمالا خاصا، ويبدو «كقطعة متحفية» كما يشير كارتر الذي يضيف أن اكتشاف الخنجر يعد إضافة رائعة إلى سجل الأعمال الفنية للحرفي المبدع فيصل شوشتاري، الذي كان أحد أبرز صنّاع الفولاذ في العصر الصفوي وكلف بزخرفة باب أحد المقامات المهمة في مدينة مشهد. وقد جرى صناعة هذه القطعة بأمر ملكي من قبل الشاه سلطان حسين، وهو ما يظهر جليا في المقبض العثماني المطعم بالذهب.

وفي جانب آخر، نجد خزانة مخصصة لسيف بديع التفاصيل تزخرف مقبضه الفضي المطلي بالذهب قطع الفيروز، ويعود إلى تركيا، النصف الأول من القرن السابع عشر، ويشير كارتر إلى أن حجم السيف وثقله يشيران إلى أنه ربما صنع للزينة ولاستخدامه في المناسبات الاحتفالية أو أن يكون هدية دبلوماسية.

المعروضات الموجود تأتي من جميع أطراف البلدان الإسلامية من الصين إلى تركيا إلى إسبانيا، وتعكس جوانب مختلفة من جمال الفن الإسلامي عبر عصوره المختلفة.

ومن إيران، نجد صفحات من كتاب «الشهنامة» الذي أمر الشاه إسماعيل الثاني أبو القاسم المنصوري بكتابته، وتصور الرسومات على المخطوطة مشهدا لمجموعة من الأثرياء تدفع، بعد قيامها بالتبجيل، مبلغا من المال إلى زرادشت، وتعود هذه الصورة إلى الفنان برجي الذي ولد في قزوين، بلاد فارس، نحو عام 1577.

ويشير كارتر إلى أن المخطوطة نادرة جدا وهذه هي المرة الأولى التي تظهر في سوق المزادات ويشير أيضا إلى مخطوطتين أخريين من نفس الكتاب، وكل المخطوطات تعود لمجموعة خاصة لأستاذ جامعي ألماني.

ومن القطع المعروضة هناك وعاء عميق نحاسي مطلي بالفضة من العصر الأرتيقي مصنوع للسطان قره أرسلان بن غازي الثاني، من منطقة ماردين في الأناضول، النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وتتراوح القيمة التقديرية له ما بين 300 ألف إلى 500 ألف جنيه إسترليني. ويعد واحدا من أهم الإضافات لمجموعة المصنوعات المعدنية الإسلامية الغربية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والوحيد الذي لا يزال يحتفظ به ضمن مجموعات خاصة.

وتذكر المصادر أن تلك النقوش الكتابية، التي تحمل الاسم الكامل للسلطان، لم تطبع إلا مرة واحدة، ولم تبصر النور حتى الآن، الأمر الذي يجعل هذا الوعاء على قدر كبير من الأهمية للباحثين والمقتنين.

وفي جانب آخر، نجد طبقا نيسابوريا كبيرا يصور شخصين جالسين من شرق بلاد فارس، القرن العاشر، من مجموعة «هارفي بي بلوتينك» الثمينة، حيث تتراوح القيمة التقديرية ما بين 80 ألفا إلى 120 ألف جنيه إسترليني، ويعد هذا الطبق النيسابوري واحدا من القطع الفنية المثيرة للاهتمام، ويشير كارتر إلى بساطة النقوش التي يحملها الطبق، التي تمثل رجلا وامرأة، وحولهما رسومات صغيرة تمثل أنواعا من الأطعمة وآلات موسيقية، ويشير إلى أن المشهد في الغالب هو زواج أو خطبة.

وفي قسم المخطوطات كان لا بد من التوقف أمام مخطوطة كبيرة الحجم نسبيا وبقراءة للبطاقة المرفقة نجد أنها تشير إلى أن المخطوطة هي فرمان للسلطان محمود الأول وتحمل خاتمه، هناك أيضا بعض الرسوم على الأطراف التي تحمل تأثير فن الروكوكو عليها، الفرمان الذي يبدو متميزا عن فرمانين آخرين في العرض يحمل أوامر من السلطان وإذنا بالبناء في مصر ويبدو من حجمه والرسومات والزخارف الموجودة عليه بمثابة استعراض لقوة وجلال السلطان.

وفي وسط القاعة، يعرض قميص من القطن عليه كتابات وأدعية مختلفة يشير كارتر إلى أنه قميص لأحد المحاربين حيث جرت العادة على ارتداء مثل هذه القمصان تحت الدروع جلبا للحماية والأمان.

ويبدو مفهوم حماية الشخص وحراسته من الأخطار واضحا في خزانة أخرى حيث نجد بيضتي نعام موضوعتين في سلة من الحبال الملونة البديعة وتبدوان مثل قطع تجميلية مكملة لمجلس السلطان، ويشير كارتر إلى أن بيض النعام كان يستخدم للحماية من الثعابين وأيضا لمنع الأذى عن البيت، فعلقه الناس في بيوتهم وجرى العرف على أن يعلق في مجلس السلطان.

وبالانتقال إلى المجوهرات نجد مجموعة من المجوهرات التي تعود للمغرب في القرنين 18 و19 وتمثل نموذجا للتعاون والتناغم بين الحضارات حيث تعكس براعة الصاغة اليهود الذين اعتمدوا في صياغتهم على تصاميم عربية وبربرية. وتعود المجموعة المعرضة إلى عائلة تازي، وهي من أشهر العائلات في مدينة طنجة المغربية. وتتميز بأنها صنعت من الذهب بدلا من الفضة، خلافا للمعتاد بالنسبة للمجوهرات المغربية، كما يشير كارتر. وتبدو بعض القطع هدايا ملكية.

وبالنسبة لمعروضات مزاد «نظرة مترفة.. فنون الإمبراطورية العثمانية»، فالمجموعة المعروضة كلها، التي تشغل حجرة ضخمة بأكملها، ملك لشخص واحد شغوف بالفن العثماني لم يحتفظ به في مخزن، بل كانت موضوعة في منزله وكانت جزءا من حياته اليومية. المجموعة تعكس مميزات العصر الذهبي للفن العثماني، وتعكس أيضا التأثيرات المتبادلة مع الغرب، التي ظهرت بشكل شائق على الرسومات واللوحات المعروضة. وتظهر في المزاد مجموعة مختارة من رسومات المستشرقين، غنية بالتأثيرات الفنية، والتفاصيل تعود إلى الفترة بين القرنين الـ16 والـ19، وتتضمن مناظر طبوغرافية لمدينة إسطنبول، ومناظر طبيعية وصورا لشخصيات بارزة في الدولة العثمانية.

.. ودار «كريستيز» تستعرض فنون الإسلام عبر 5 مزادات

* أما دار «كريستيز»، فتقيم مزادها لفنون العالم الإسلامي والهندي، إضافة إلى المنسوجات، يوم الخميس والجمعة 26 - 27 أبريل (نيسان). وعبر خمسة مزادات تبدأها يوم غد الاثنين بمزاد المخطوطات الإسلامية والهندية ثم مزاد السجاد يوم الثلاثاء، ومزاد فنون العالم الإسلامي والهندي الذي يقدم مجموعة خاصة يعود ريعها لجامعة أكسفورد يوم الخميس 26 أبريل. وتقدم الدار عبر مزاداتها الخمسة مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية والقطع النادرة التي تعود إلى عصور مختلفة من التاريخ الإسلامي، ففي مزاد فنون العالم الإسلامي والهندي يوم الخميس تقدم الدار 300 قطعة تحتفل بمهارة الحرفي والصانع الإسلامي منذ القرن التاسع ويتوقع أن تدر المجموعة نحو 7 ملايين جنيه إسترليني. وفي نفس اليوم، يقام مزاد المجموعة الخاصة التي سيتم التبرع بريعها إلى جامعة أكسفورد، وتقدم المزادات الأخرى قطعا مميزة من السجاد والمخطوطات والمنسوجات. من القطع المميزة، وعاء نحاسي من العصر المملوكي يعود إلى السلطان المملوكي في مصر قانصوه الغوري من القرن الـ16 ويقدر له سعر يتراوح ما بين 40 إلى 60 ألف جنيه إسترليني. ومن إيران، تقدم الدار مجموعة من اللوحات التي تعود إلى القرن الـ19. ويضم مزاد فنون العالم الإسلامي مجموعة كبيرة من الفن التركي، منها 20 قطعة من خزف إزنيق، يتميز من بينها صحن يرجح أن يكون قد صنع في الفترة ما بين 1585 - 90 ويقدر له سعر ما بين 80 إلى 120 ألف جنيه إسترليني. كما تضم المجموعة التركية مجموعة من المصاحف والمخطوطات مثل نسخة القرآن التي تعود إلى الفترة ما بين 1829 إلى 1830 وتحمل توقيع محمد الوصفي ويقدر لها سعر يتراوح ما بين 7 إلى 10 آلاف جنيه إسترليني.