الهند: إدخال تعديلات على «قانون الأوصياء والقصر» لتكون الأم الوصي الأول على الأبناء

صدر عام 1890 في وقت لم تكن تتمتع فيه النساء بأي حقوق

TT

تعيش راحيلا علي، المنفصلة عن زوجها مع ابنتها التي يبلغ عمرها أربعة أعوام. وعندما أرادت إدخال ابنتها المدرسة، وذهبت لملء استمارة التقديم، طلب المسؤولون بالمدرسة توقيع والدها. وتعين على الأم حينها شرح مشكلاتها الزوجية لهم، التي لم تكن تنتوي الحديث عنها على الملأ في أي موضع خلال ذلك.

ربما يكون ذلك هو حال امرأة من العامة، لكن حتى النساء المشهورات يواجهن مثل هذه الأنواع من المشكلات. على سبيل المثال، منذ عامين، رفض طلب ممثلة بوليوود، كاريشما كابور، بالحصول على جواز سفر لابنتها، حيث لم تحمل استمارة التقديم توقيع الأب. تقدم زوجها بشكوى رسمية لهيئة الجوازات مفادها أنه من دون توقيعه، لا يمكن لابنته أن تستخرج جواز سفر. ولم تكن ممثلة بوليوود تعيش مع زوجها في ذلك الحين.

ومن ثم، لتجنب مثل تلك اللحظات المحرجة بالنسبة للأم وتمكينها، في مجتمع ذكوري مثل الهند، حيث يحمل اسم الأب كموروث، تنظر الحكومة الهندية في سن تشريع للاعتراف بالأم باعتبارها الوصي الأول على أبنائها في جميع المسائل القانونية بدلا من الأب، في حالات الطلاق.

فقد بدأت اللجنة البرلمانية الهندية الدائمة للقانون والعدالة النظر في إدخال تعديلات على «قانون الأوصياء والقصر، الصادر عام 1890»، أي أنه يعود إلى 120 عاما مضى، وهي تلك التعديلات التي تجعل الأم وصية على أطفالها، إلى جانب الأب، مما يجعل العملية بعيدة عن التحيز لأي من الجنسين.

وقال وزير العدل الهندي إم فيرابا مويلي إن «مشروع القانون يسمح للأم بأن تكون وصيا، بحيث لا تقوم المحكمة بتعيين أي شخص آخر كوصي في حالة غياب الأب».

وفي تقريرها، ذكرت لجنة القانون الهندية بالفعل أن «قانون الأوصياء والقصر» الصادر عام 1890 تم سنّه في وقت لم تكن تتمتع فيه النساء بأي حقوق. ومن ثم، يتم النظر في تعديلات جديدة من أجل السماح للأم بالوصاية على الطفل حتى سن الثانية عشرة لمنع الأب من إساءة استغلال الطفل كضمان للين عريكة زوجته.

وبالإعلان عنه كخطوة لتمكين النساء وتعزيز مكانتهن في المجتمع، أوصى أعضاء لجنة التخطيط التابعة للحكومة الهندية بضرورة اعتبار النساء أوصياء على أطفالهن، مؤكدين أن المرأة هي التي ترعى أطفالها بالأساس، وبالتالي يمكن اعتبارها الوصية الأولى. إن الأطفال ليسوا بحاجة لحمل أسماء آبائهم، بل ويمكنهم حتى استخدام أسماء أمهاتهم في الأغراض الرسمية.

إن القوانين القائمة المعمول بها في الهند في هذا الشأن عتيقة، فضلا عن كونها محاطة بإطار ذهني ذكوري. في الوقت الحالي، هناك ممارسة شائعة تتمثل في ذكر اسم الأب بوصفه الوصي الأول في جميع الوثائق الرسمية، مثل استمارات الالتحاق بالمدرسة وشهادات الميلاد.. إلخ.

إن هدف القانون الجديد المقترح أن يضمن للنساء الحق الأول في الوصاية على الطفل، سواء كن متزوجات أم مطلقات. وبتفعيل هذا القانون، لن تكون أي أم ملزمة بالإجبار بإفشاء اسم زوجها من قبل الحكومة أو الهيئات الخاصة. وبموجب القانون الجديد المقترح، سيتم إدخال تعديلات على جميع اللوائح والقوانين المعمول بها في الوقت الراهن لضمان أن توقيع الأمهات كوصيات على أبنائهن يحظى بالقبول العام.

تؤيد أرتي، وهي أم عزباء، وجهة نظر الوزير. تتساءل أرتي قائلة: «لماذا لا يكون التوقيع هو توقيع الأم؟ إنها من تذهب بابنها إلى المدرسة في الأغلب. وحينما يتعلق الأمر باستخراج أوراق رسمية مثل جواز سفر أو تأشيرة، يعمدون إلى مضايقتك. لماذا لا يمكنهم ببساطة أن يأخذوا بتوقيع الأم؟ إن الطفل مقيم مع والدته والأم تقدم نسخة من جواز سفرها».

وأشار أعضاء اللجنة أيضا إلى أنه قد تم تجاهل إصلاح قانون الأسرة في الهند، وأنه بحاجة إلى قدر أكبر من مراعاة النوع. إن القانون بحاجة لتقدير النساء ومعاملتهن على قدم المساواة مع أزواجهن، حتى في حقوق الوصاية على الأطفال. ومن شأن تلك التوصيات أن تضمن تمتع الأمهات بحقوق مماثلة لتلك التي يتمتع بها الآباء في رعاية الأبناء وفي عمليات اتخاذ القرارات المالية والحياتية، على نحو يؤثر على حياة أطفالهن.

وأشار الخبير الدستوري ذائع الصيت، راجيف دهافان، إلى أنه لدى تفعيل هذا القانون، ستتمتع الأمهات بالمساواة مع الآباء. ويهدف التعديل الثاني، الذي اقترح تقديمه على قانون التبني الصادر عام 1956، إلى إزالة العقبات من طريق المرأة المتزوجة لكي تتمكن من تبني أي طفل، أو أن تمنح طفلا للتبني، بناء على حالتها الاجتماعية فقط. وفي الوقت الحالي، يحق للنساء غير المتزوجات والمطلقات والأرامل تبني الأطفال، ولكن النساء المنفصلات عن أزواجهن ويواجهن مشكلات قضائية للحصول على الطلاق لا يحق لهن تبني الأطفال. ويعطي التعديل الجديد الحق للأم العزباء التي سبق لها الزواج أن تتبنى أي طفل، ولكن بعد الحصول على موافقة من الزوج حتى يتم الانتهاء من إجراءات الطلاق.

وقال فيبول شراما، وهو محام بمحكمة دلهي العليا، إن التعديل الجديد سوف يعمل على تعزيز مكانة المرأة في المجتمع بصورة كبيرة، وأضاف: «في المجتمع الهندي، يحظى الأب بتقدير أكبر من الأم، على الرغم من أن الأم هي التي تعتني بالأطفال. في الحقيقة، لا تحظى الأم بتقدير كافٍ من جانب العائلة والمجتمع ككل». واختتم شراما حديثه قائلا إن تلك الخطوة من شأنها أن تساعد الأمهات على الحصول على التقدير الذي يستحقونه وعلى تقدير من جانب الدولة والمجتمع.

ومن السابق لأوانه أن نتنبأ بالتغيير الذي يحدثه ذلك التعديل في المجتمع، وإلى أي مدى سوف يؤثر في موقف المرأة من تربية الأطفال. وتحظى تلك الخطوة بترحيب كبير، لأنها تعد بمثابة دفعة كبيرة في اتجاه المساواة بين الأب والأم في تربية الأطفال.

وبفضل ذلك التعديل، سوف تحظى المرأة لأول مرة بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل في الوصاية على الأطفال وتبني الأطفال. ويبدو أن هذا سيصبح حقيقة خلال العام الحالي. وينص القانون الحالي على أنه إذا ما قرر أي زوجين تبني طفل، فإن الأب يكون هو الوصي الطبيعي.

وبالتزامن مع ذلك، تفكر الحكومة في منع إقالة الموظفات أثناء فترة الحمل لأي سبب، بهدف سد الثغرات في القانون المختص باستحقاقات الأمومة، حيث ينص التعديل الجديد على أنه لا يحق فصل أي سيدة من العمل خلال فترة الحمل لأي سبب من الأسباب.

وعلى الرغم من أن قانون الأمومة الحالي يمنع فصل النساء من العمل أثناء فترة الحمل، فإن هناك الكثير من الحالات التي تم فيها فصل نساء أثناء فترة الحمل حتى يتم تجنب إعطائهن استحقاقات الأمومة. وينص القانون الحالي على إمكانية فصل العاملات أثناء فترة الحمل في حالة ارتكاب سوء سلوك جسيم. ويهدف التعديل الجديد إلى سد الثغرات الموجودة في القانون وضمان حماية العاملات أثناء فترة الحمل. وحتى الآن، ينص القانون على أحقية المرأة في الحصول على إجازة وضع مدفوعة الأجر لمدة 12 أسبوعا.

وتمثل المرأة جزءا كبيرا ومتناميا من قوة العمل، ومن المرجح أن يتزايد هذا الاتجاه في المستقبل، ولذا يتعين على المجتمعات أن تتكيف مع ذلك التطور. ومن الواضح أن وضع المرأة أمام خيارين فقط هما العمل أو الأمومة هو شيء غير عادل بالمرة. وعلى هذا الأساس، يتعين على أصحاب الأعمال أن يتكيفوا مع الحقيقة المتمثلة في حاجة المرأة إلى إجازات طويلة للوضع والاعتناء بالأطفال، ويعد هذا ثمنا بسيطا للغاية يدفعه المجتمع لكي يمكن المرأة من الدخول في سوق العمل.