أكبر مركز إعلامي في إيطاليا يفتتح في مقر الفاو

أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة

عبد المجيد الشعار كبير مستشاري الإعلام في المنظمة الدولية
TT

أهم حدث في إيطاليا هذا الأسبوع ليس الوضع الاقتصادي الحرج أو فضائح الفساد المالي في حزب رابطة الشمال المعارض، بل هو افتتاح أهم وأكبر مركز للإعلام والمعرفة في روما بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بفضل التبرع السخي من دولة الإمارات العربية المتحدة الذي ناهز 7 ملايين دولار. وتقديرا للرؤية المستنيرة للمرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لما تؤديه الزراعة من دور في خدمة الثقافة والتقدم الإنساني، سمي المركز باسمه.

جرى حفل الافتتاح أمس (الثلاثاء) بحضور وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، ووزير البيئة والمياه راشد أحمد بن فهد، والمدير العام الجديد للمنظمة غراسيانو دا سيلفا (من البرازيل)، وعدد كبير من السفراء الأجانب والشخصيات البارزة ونجوم الفن الذين يعملون كسفراء للنوايا الحسنة في خدمة التنمية، مثل الممثلة الإيطالية المعروفة جينا لولو بريجيدا والمغني الإيطالي الكبير كلاوديو باليوني والمغنية الإندونيسية العالمية أنغون، وبالطبع المسؤول الأول عن إنشاء المركز عبد المجيد الشعار (من تونس) كبير مستشاري الإعلام في المنظمة الدولية.

بدأ العمل التحضيري لبناء المركز قبل خمس سنوات، ويبدو الآن بعد إنجازه في المدخل الرئيسي للمنظمة وكأنه قطعة فنية للعمارة الحديثة بكامل التجهيزات والمعدات والمقاعد المرنة، وعددها 160 مزودة بجميع إمكانيات القنوات السمعية والترجمة الفورية وخمس كاميرات تصوير رقمية بالتحكم عن بعد، وثلاث شاشات كبيرة عالية الوضوح، وكذلك استوديو تلفزيوني فعلي وغرفة تحكم للإنتاج لبث الأحداث والمناقشات والمقابلات والمؤتمرات الصحافية التي تنقل حية إلى كل أرجاء العالم. سيتيح المركز تغطية أحداث الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي والتنمية الريفية وقضايا الجوع والفقر بشكل مباشر عبر البث التلفزيوني الحي والفيديو الفوري عبر الإنترنت، كما سييسر تحسين الاتصالات مع وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية والجامعات والشبكات الاجتماعية، وسيصبح بالإمكان التعلم الإلكتروني من خلال النقاش الحي مع الخبراء والشخصيات السياسية، بالإضافة إلى الربط بين إخصائيي الإرشاد الزراعي والتعليم.

لفت انتباه الحضور استخدام موفق للزجاج والمعادن كما خطط له المهندس المعماري الإيطالي ماركو فيليتشي، ليعطي الانطباع على شفافية الفاو، أما الزخرفة الخارجية فكانت باهرة للأنظار وأنجزتها الفنانة العربية الموهوبة صديقة كساكس، فقد استخدمت رمزية شجرة النخيل المقدسة لدى الحضارات القديمة كرمز للحياة والخصوبة، وأبرزت التقاليد الإسلامية عن الصلة بين شجرة النخيل والجنة، فهي تمتد إلى ارتفاعات عالية لتتصل بالفردوس في جزئها العلوي، بينما يربط جزؤها السفلي بالأرض، كما أنها نقشت علاوة عن اللغات المعاصرة عبارة الشيخ زايد: «أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة» باللغات القديمة كالهيروغليفية والإغريقية والسنسكريتية واللاتينية.

باب المركز ينفتح على مكتبة المنظمة التي تعتبر المكتبة الثانية في العالم بعد مكتبة الكونغرس الأميركي، لتكون مراجعها في متناول العالم. ويقول عبد المجيد الشعار مفتخرا: «يرمز الباب عند الفلاسفة إلى بداية الرحلة نحو المستقبل، فهو يرمز إلى دخول الإنسان عالم المعرفة المرتبطة بالبحث أو الإبداع»، ويضيف قائلا: «قوة المنظمة هي المعرفة المتراكمة منذ عام 1945، فهي السلاح الفعال لمكافحة الجوع، والمركز كمنبر للإعلاميين سيسخر لنشر المعارف والمعطيات العلمية إلى الجمهور الكبير وصانعي القرار».

قال المدير العام للمنظمة غراسيانو دا سيلفا في كلمة الترحيب أثناء تدشين مركز الشيخ زايد: «يتيح المركز للمنظمة فرصة الوصول الفوري وعلى مدار الساعة إلى وسائل الاتصال العالمية، تماما كما كانت الواحات في الصحراء مواقع انطلاق ضرورية في نقل السلع والمعلومات، مما سيمنحنا الآن إمكانية تحقيق رؤيتنا في بناء عالم متحرر من الجوع». ورد الشيخ عبد الله بن زايد وزير خارجية الإمارات قائلا: «إن تبني دولة الإمارات للمشروع يعبر عن قناعتها بالدور الأصيل والضروري لمنظمة الفاو لمواجهة التحديات الناجمة عن الفقر وسوء التغذية وتحديات التنمية الزراعية ونشر المعرفة في هذا المجال». وأضاف: «قيام المركز هو تحقيق للرؤية الثاقبة للمغفور له الشيخ زايد في الدور المركزي للزراعة، ولتلك الرؤية الفضل في أن تتبوأ دولة الإمارات موقعا متميزا في نشر المساحات الخضراء واعتبار الاقتصاد الأخضر من أهم أولوياتها».

كل من يرى هذا الإنجاز البديع المعاصر في قلب روما وفي أكبر منظمات الأمم المتحدة المختصة لن يتمالك من الاعتراف بأن العرب تركوا أثرا دائما مجسدا أمام كل دول العالم.