رحيل عبد الجبار السحيمي.. أحد أبرز رؤساء تحرير الصحف المغربية

عاش زاهدا في المواقع والمناصب وكان «سياسيا على طريقته»

عبد الجبار السحيمي
TT

غيب الموت فجر أمس (الثلاثاء) الصحافي والكاتب المغربي عبد الجبار السحيمي (73 سنة) بعد حياة حافلة في مجال الصحافة والأدب.

وتوفي السحيمي في مسقط رأسه الرباط بعد معاناة طويلة مع المرض أقعدته عن الممارسة في الفترة الأخيرة، حيث انزوى في منزله بالعاصمة المغربية، يستقبل على فترات متباعدة قلة من الزوار بعد أن تدهورت صحته.

ويعد السحيمي، الذي بدأ يمارس الصحافة في العشرين من عمره، من أبرز رؤساء التحرير المغاربة على الإطلاق، وظل رئيسا لتحرير صحيفة «العلم»، أعرق الصحف المغربية، منذ عام 1981 حتى رحيله، على الرغم من أنه في السنوات الأخيرة بقى معتكفا في منزله بسبب المرض. ولم يغادر «العلم» قط إلى صحيفة أخرى.

ويعتبر السحيمي «الأب الروحي» و«العراب» لجيل كامل من الصحافيين الذين تتلمذوا على يديه، حيث ظل حريصا على إطلاق أسماء صحافية، بين الفينة والأخرى، كما خرج من تحت معطفه عدد من الأدباء والكتاب.

كان السحيمي يمضي أغلب وقته داخل صحيفة «العلم»، ولا تعرف له هواية سوى القراءة، وفي بعض الأحيان عندما كان يجد متسعا من الوقت كان يذهب لممارسة هوايته في صيد السمك في شواطئ الرباط أو ضواحيها.

اشتهر السحيمي بكتاباته السياسية والاجتماعية الناقدة، من خلال عموده اليومي، الذي اتخذ له عدة عناوين، منها «خواطر طائرة» و«بخط اليد» و«أعترف أنني لا أفهم» و«كلام الليل» و«الأيام والليالي» و«خاطر الصباح» و«كلام في الفضاء».

كان يكتب بلغة راقية شفافة، لكنه لا يتردد في كيل الانتقادات لأي شخص أو موقف، حتى لو كان من الشخصيات النافذة، ولا يكترث حتى إن تقاطعت مواقفه مع موقف الحزب الذي ينتمي إليه.

ورغم عضويته الدائمة في حزب الاستقلال فإن السحيمي كان منفتحا على التيارات السياسية الأخرى، ويحظى بالاحترام والتقدير من طرف الجميع، لذلك تتلمذ على يده كثيرون حتى من أولئك الذين لا يشاطرونه الرأي والموقف السياسي.

عاش السحيمي زاهدا في المناصب والمواقع ولم يسعَ إليها قط، وحتى داخل حزب الاستقلال كان يرفض الترشح للهيئات القيادية، كما أنه لم يترشح في أية انتخابات، إذ كان السحيمي «سياسيا على طريقته».

إلى جانب الصحافة كان السحيمي أديبا، ينتمي إلى ثلة من الأدباء المغاربة المتميزين، كتب عدة مجموعات قصصية، منها «مولاي» و«الممكن من المستحيل» و«سيدة المرايا» و«بخط اليد.. شظايا من ذاكرة الزمن المغربي».