نصب مئات آلاف الأشجار على سطوح الأبنية في بيروت لزيادة مساحاتها الخضراء

المشروع الأول من نوعه في العالم ينطلق من لبنان قريبا

التركيز حاليا على الأشجار المثمرة لكي يستفيد السكان من إنتاجها لأن كل شجرة يمكن أن تنتج سنويا ما بين 15 إلى 20 كلغم («الشرق الأوسط»)
TT

بعدما تحولت بيروت إلى مدينة من الباطون، كان لا بد من ابتكار حل يعيد إلى المدينة خضرتها وجمالها، فكانت مبادرة «غابة بيروت العجيبة» أو beirut wonder forest التي اقترحها المهندس وسيم ملكي والتي ترمي إلى نصب مئات آلاف الأشجار على سطوح الأبنية في بيروت لزيادة مساحاتها الخضراء.

انطلق المشروع كما يقول وسيم ملكي «لأن مدينة بيروت تعاني من نقص كبير في المساحات الخضراء، فهي لا تتجاوز الـ3%، بينما من المفترض أن تكون 10% كما هو الحال في سائر مدن العالم، هذا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة التلوث وعدم وجود إمكانية لإنشاء حدائق عامة لأن معظم الأراضي في بيروت مشغولة بالأبنية، أما الأراضي الشاغرة فهي باهظة الثمن كثيرا، إذ يبلغ ثمن أرض تساوي مساحتها مساحة حديقة الصنائع ما بين 100 - 120 مليون دولار. من هناك بدأت فكرة الاستفادة من أسطح الأبنية في مشاريع بيئية من خلال زراعة الأشجار فيها، كونها متروكة من دون استعمال من ناحية ومن ناحية أخرى لأنها تعتبر مساحات شاسعة وتتواجد بوفرة، إذ يوجد ما بين 80% و90% من الأسطح غير المستعملة في بيروت».

المبادرة انطلقت على نطاق شخصي كما يؤكد ملكي، ويضيف: «التجاوب الكبير الذي حظي به المشروع دفعني إلى تأسيس جمعية خاصة به تضم 6 أشخاص من مختلف الاختصاصات، فبالإضافة هناك مهندسة زراعية، وخبيرة في البيئة، وخبيرة في الإعلام، ومحامية ومستشارة في التسويق. ولقد اجتمعنا ببعض المسؤولين في الحكومة ونحن نعمل حاليا على إطلاق المشروع بدعم من وزارة البيئة ورئاسة الحكومة».

المشروع هو الأول من نوعه على مستوى العالم إذ يوضح ملكي: «بعض أسطح بيروت مزروعة بالشجر، ومشروعنا يوجد مثله في ألمانيا واليابان وفي مدينة بوسطن الأميركية، ولكنه غير منفذ على نطاق واسع على النحو الذي نرمي إليه. ففي الخارج يكتفون بنصب الأشجار على عدد محدود من المباني وليس على كامل المدينة كما نهدف هنا، وهذا يعني أن مشروعنا سوف يكون الأول من نوعه، وهو يحتاج إلى 3 سنوات لكي ننتهي من إنجازه كاملا».

حتى الآن تم تنفيذ تشجير سطح واحد في منطقة فسوح في الأشرفية، وهو مجرد نموذج سوف يتم عرضه خلال إطلاق المشروع رسميا خلال الفترة المقبلة، لقد اخترنا مبنى قديما عمره 70 عاما ردا على الاتهامات التي تقول: إن مباني بيروت لا تتحمل مشاريع مماثلة، كما يقول ملكي، ويضيف: «فصل الصيف ليس مناسبا لزراعة الأشجار، والعمل الفعلي على الأرض سوف يبدأ ما بين نهاية شهر سبتمبر (أيلول) وبداية شهر أكتوبر (تشرين الأول). الدولة ستكتفي بدعم المشروع أما التكاليف المادية فهي تتراوح بين 3 ملايين ونصف المليون دولار والأربعة ملايين دولار، وسوف نعمل على تأمينها من القطاع الخاص كالشركات والمؤسسات والمصارف. بالنسبة لأنواع الأشجار المستخدمة، فنحن نجري حاليا دراسة حول هذا الموضوع، وهي في الغالب ستكون كتلك التي كانت متوفرة بكثرة في بيروت كأشجار العريش، والليمون، والحامض والزيتون وغيرها أي التي تناسب طقس بيروت وفي الوقت نفسه أجواء السطوح المرتفعة، وإليها سنقوم أيضا بنصب الأشجار غير المثمرة كشجر الغار. ولقد تعمدنا التركيز على الأشجار المثمرة لكي يستفيد السكان من إنتاجها، لأن كل شجرة يمكن أن تنتج سنويا ما بين 15 كلغم و20 كلغم وهم ما عليهم سوى الاهتمام بها. ولأن المحصول الذي يجنيه الإنسان من تعبه الشخصي، حتى ولو بكميات محدودة، تكون قيمته عنده أكثر بكثير من المحصول الذي يشتريه من السوبر ماركت، لذلك نحن نعتقد أن هذا المشروع سوف يحسن علاقة الإنسان بالبيئة، وبذلك نكون قد حققنا الهدف الأساسي للمشروع، بالإضافة إلى الهدف الثاني وهو تحسين البيئة في مدينة بيروت».

كما تحدث ملكي عن ترحيب الأهالي بالمشروع من خلال تقديم يد المساعدة لهم، عندما قمنا بنصب الأشجار على سطح أحد مباني منطقة فسوح، تعاون معنا الأهالي من المباني المجاورة، ولكن هذا وحده لا يكفي، بل يجب عليهم على المدى الطول أن يبرهنوا على حرصهم على الأشجار المزروعة وذلك من خلال الحفاظ عليها والاهتمام بها ومراقبتها لاكتشاف الأمراض التي يمكن أن تصيبها، وهذا عنصر مهم جدا في مشروعنا ويساعد على نجاحه.

هل سيكتفي المشروع بتشجير أسطح مدينة بيروت أم أنه يمكن أن ينتقل في المستقبل إلى مدن لبنانية أخرى؟ نحن سوف نكتفي بتشجير الأسطح لأنه لا توجد أراض غير مستعملة في بيروت يمكن تشجيرها، ولكن لو توفرت مساحات في باحات الأبنية، ولو بأحجام ضئيلة، قابلة للزراعة فسوف نقوم بتشجيرها، وإلى ذلك سوف يمتد عملنا إلى الشرفات، ولكننا لن نزرعها بالأشجار، لأن الشجر لا يكبر عليها، أما بالنسبة إلى إمكانية توسيع المشروع إلى خارج مدينة بيروت، فإن هذا الأمر غير مطروح حتى الآن، لسبب وحيد وهو أنه ما زال هناك إمكانية للحفاظ على المساحات الخضراء الموجودة فيها كما التخطيط لزيادة هذه المساحات. نحن لا نريد أن يتحول مشروعنا إلى ذريعة لزيادة حجم البنيان العشوائي أو لزيادة قطع الأشجار. في بيروت ثمة وضع قائم ونحن نريد أن نجد حلا له، أما بالنسبة للمدن اللبنانية الأخرى، فمن الأفضل أن يكون هناك تخطيط وحدائق عامة، وأن تزيد مساحات الأراضي المزرعة وأن يتم الحفاظ على الأشجار الموجودة.