مراكش تغرس زيتونة وتدشن نصبا تذكاريا في ذكرى تفجير مقهى «أركانة»

انطلق الحفل بأغنية للمغني البريطاني جون لينون

زوار المدينة الحمراء، يتوجهون بأعينهم إلى ما تبقى من مقهى (أركانة) («الشرق الأوسط»)
TT

أحيت مدينة مراكش أمس (السبت)، الذكرى الأولى للاعتداء الإرهابي الذي استهدف مقهى «أركانة» بساحة جامع الفنا، مخلفا 19 من الضحايا المغاربة والأجانب.

وحضر الحفل محند العنصر وزير الداخلية، ومصطفى الرميد وزير العدل والحريات، وميشال ميرسييه وزير العدل والحريات الفرنسي، فضلا عن سفراء وقناصلة سويسرا وهولندا وكندا والبرتغال، إضافة إلى أسر ضحايا حادث «أركانة»، ورئيسي «الجمعية الفرنسية لضحايا الإرهاب» و«الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب».

وألقيت في الحفل كلمات نددت بفداحة العمل الإرهابي، الذي هز مراكش، قبل سنة، وشددت على ضرورة عدم الوقوع في فخ مواجهة العنف بالعنف، من خلال إرساء ثقافة الأخوة والتسامح.

وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس، في كلمة ألقاها مصطفى الرميد، إن ذلك «العمل الإرهابي الشنيع لم يستهدف المغرب ومدينة مراكش فقط، وإنما استهدف، يائسا، أيضا ما يجمع بلادنا بدول صديقة تربطها وشعوبها بالمملكة أواصر متينة من التشبث بالقيم المثلى للإخاء والتضامن والتواصل والتفاهم والديمقراطية والتقدم»، كما جدد إدانته، وبكل قوة، «للإرهاب المقيت، بكل أشكاله، ومهما كانت دوافعه وأسبابه، لكونه يتنافى مع القيم الإسلامية السمحة، ومع المبادئ الكونية السامية، التي تقدس الحق في الحياة».

وتحدث العاهل المغربي عن الظرفية الحالية، التي «يتزايد فيها خطر الإرهاب دوليا وفي محيطنا الجهوي الأفريقي»، مؤكدا «التزام المغرب بمواصلة انخراطه الفعال في الجهود الجهوية والدولية الهادفة للتصدي لهذه الآفة العابرة للحدود، والتي لا دين لها ولا وطن، ومحاربة شبكاتها وعصاباتها الإجرامية بلا هوادة، والعمل على تجفيف منابعها».

من جهته، شدد نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، في كلمة ألقاها نيابة عنه، ميشال ميرسييه وزير العدل والحريات الفرنسي، على لا عقلانية الأعمال الإرهابية، موجها خطابه للإرهابيين، في كل مكان: «كلما حاولوا إبعادنا عن بعضنا سيجدوننا قريبين من بعضنا أكثر فأكثر»، مثمنا التعاون الأمني الذي جمع المسؤولين المغاربة بالفرنسيين عقب حادث «أركانة».

وتم، خلال الحفل، تدشين نصب تذكاري يحمل أسماء الضحايا الـ17، الذين لقوا حتفهم في التفجير، كما تم غرس شجرة زيتون، ترمز للسلام.

ويتوزع الضحايا على 7 جنسيات، هي فرنسا (8) والمغرب (2) وسويسرا (2) والمملكة المتحدة (1) والبرتغال (1) وكندا (2) وهولندا (1)، أصغرهم طفلة في العاشرة من عمرها من فرنسا. وانطلق الحفل، بأغنية «إيماجين» للمغني البريطاني جون لينون، أداها جون هاينس، وهو مغن ليبيري، يقيم بالمغرب. ودام ساعة ونصف، حيث تم الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح الضحايا، مع عزف النشيد العالمي لضحايا الإرهاب، كما تم إطلاق 17 حمامة، رمزا للسلام.

يشار إلى أن محكمة الاستئناف المكلفة قضايا الإرهاب في مدينة سلا، المجاورة للرباط، قضت بإعدام عادل العثماني، منفذ التفجير الإرهابي، الذي هز مقهى «أركانة»، وأودى بحياة 17 شخصا وجرح 21 آخرين معظمهم من السياح. كما صدرت أحكام تراوحت بين حكم بالسجن المؤبد وأربع سنوات وسنتين في حق باقي أفراد الخلية، التي بلغ عدد أفرادها تسعة.

ويعتبر مقهى «أركانة»، من أشهر مقاهي مراكش، خاصة أنه يوجد في ساحة تعتبر القلب النابض للسياحة في المدينة، ولم تكن تتوقف خدماته عند تقديم المشروبات، من مثلجات ومشروبات غازية وعصائر وكؤوس قهوة وشاي منعنع، بل يقدم وجبات تقليدية مغربية لزبائنه، في منتصف النهار كما في الليل، وهي وجبات كانت تشمل السلطات وأكلات «الكسكسي» و«الطاجين» و«الطنجية» وغيرها من الأكلات التي تميز المطبخ المغربي، بشكل عام، والمراكشي، بشكل خاص.

وفتح مقهى «أركانة» أبوابه، أول مرة، منذ أكثر من 30 سنة، ويحظى مالكه مصطفى الخشبة باحترام بين الحرفيين وأرباب عربات العصير والفواكه والمكسرات بالساحة. الكل، هنا، يقول إنه رجل طيب وعلى خلق. واختار مقهى «أركانة» المعمار المغربي شكلا ومضمونا له، سواء على مستوى التصميم أو المواد المستعملة من جبس وزليج (فسيفساء) وغيرهما.