عشاء «رابطة مراسلي البيت الأبيض» السنوي يربط واشنطن بهوليوود

أوباما «ينتقم» منهم ويتهكم على جميع من حوله من أصدقاء ومنتقدين

TT

في العشاء السنوي الذي تقيمه رابطة مراسلي البيت الأبيض الذين يغطون البيت الأبيض للرئيس الأميركي، وهي عادة بدأت قبل مائة سنة تماما، تندّر الرئيس باراك أوباما، ليلة أول من أمس، على الصحافيين في ما يشبه «الانتقام» لأنه يرى الإعلام يغطيه، خيرا أو شرا، كل يوم، بل كل دقيقة. خلال السنوات الأخيرة أضاف الصحافيون عادة جديدة، وهي دعوة ممثلين وممثلات في السينما والتلفزيون.

في هذه المناسبة حضرت الممثلة الشقراء الشابة كلير دينز مع بوب شيفر، مذيع تلفزيون «سي بي إس». أما الممثلة كيت هدسون فجاءت مع صحافي آخر أجلسها إلى يسار كولين باول، وزير الخارجية السابق، وكانت زوجة باول على يمين باول. وقالت الممثلة بعد العشاء: «تعلمت كثيرا عن السياسة الخارجية».

وحضرت المغنية الشابة لندسي لوهان، التي اهتم بها الإعلام مؤخرا بسبب اعتقالها لمخالفات مرورية، وكذلك كيم كارداشيان، التي اهتم بها الإعلام مؤخرا بعد أن دخلت نفسها مجال الإعلام وصارت نجمة «إعلام شخصي».

لكن لم تنتقل كل هوليوود إلى واشنطن، ولم يدعُ كل صحافي ممثلة، ولم تدعُ كل صحافية ممثلا. بعضهم وجهوا دعواتهم لسياسيين وعسكريين ورجال أعمال.

لكن لم يأتِ ميت رومني، الذي سينافس أوباما في انتخابات رئاسة الجمهورية في نوفمبر (تشرين الثاني). لكن جاء نيوت غنغرتش، زعيم الحزب الجمهوري الذي انسحب من المنافسة في الأسبوع الماضي بعد أن تفوق عليه رومني. وجاء ريك سانتورام، أيضا من قادة الحزب الجمهوري، الذي انسحب أيضا من المنافسة الرئاسية.

وخلال العشاء اختلط نجوم الصحافة والسياسة والسينما والتلفزيون. لفترة طويلة تحدث السناتور متش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، مع الممثلة لندسي لوهان. ولفترة طويلة تحدثت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، مع الممثل جورج كلوني.

وعلى المائدة الرئيسية جلس الرئيس باراك أوباما والسيدة الأولى ميشيل أوباما، وعلى يسار أوباما جلست شقراء جميلة ترتدي فستانا مثيرا. هذه هي كارين بوهان، مراسلة وكالة أخبار «رويترز» في البيت الأبيض، ورئيسة اتحاد مراسلي البيت الأبيض لهذه السنة. وبحكم منصبها هي التي أدارت المناسبة. ولأن هذا كان شرفا لوكالة «رويترز» فقد دعت رئيسها الأول، ستيف ادلار، رئيس تحرير الوكالة، الذي جلس على يمين أوباما ويسار ميشيل.

خلال العشاء تبادل الصحافيون وأوباما النكات، وعرضت صحافية سوداء فاصلا فكاهيا قصيرا مثلت فيه دور «المزارعة ميشيل»، إشارة إلى اهتمام ميشيل بزراعة خضراوات في حديقة البيت الأبيض. وتندر الممثل الفكاهي التلفزيوني جيم كيرميل على الرئيس أوباما، لكنه تندر أكثر على رومني، منافسه لرئاسة الجمهورية. وليس سرا أن كثيرا من نجوم هوليوود ديمقراطيون، ويعتمد عليهم أوباما في التصويت وفي التبرعات السخية.

غير أن نجم العشاء الفكاهي كان أوباما نفسه، وعن هذا قال الممثل الفكاهي التلفزيوني كيرميل: «بعد الدورة الثانية في البيت الأبيض، يقدر أوباما على أن يكون نجما فكاهيا تلفزيونيا».

في خطابه الطويل ركز أوباما على المزاح ومزجه بالواقع السياسي. واستغل المناسبة للدعاية لنفسه، وبدأ بمنافسه رومني. وفي إشارة إلى أن ثروة رومني عشرين مليون دولار تقريبا، قدم أوباما نفسه كابن طالب أسود فقير من كينيا كان يدرس في جامعة هاواي، وابن أميركية بيضاء من الطبقة المتوسطة في ولاية كنساس. وقال أوباما: «ها نحن نأكل العشاء في هذه القاعة التي أعتبرها فاخرة جدا. لكن بالنسبة للمليونير رومني، هذه قاعة الطبقة الوسطى».

وتكلم أوباما على هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، وكانت تجلس في مائدة بعيدة. وقال: «قبل أربع سنوات، هيلاري وأنا تنافسنا منافسة حادة للترشيح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي. الآن هي وزيرتي للخارجية، وعلاقتنا ودية جدا. وعندما كانت في كولومبيا في الأسبوع الماضي أرسلت لي رسائل مكتوبة بالتليفون وهي مخمورة». كلمات أوباما كانت إشارة إلى صورة انتشرت في الإنترنت تظهر فيها هيلاري كلينتون في مطعم في كولومبيا خلال مؤتمر قمة الدول اللاتينية وهي تشرب بيرة من زجاجة.

وتندر أوباما على نفسه وعلى لونه الأسود. وقال، بطريقة غير مباشرة: «قبل أربع سنوات صرت رئيسا، وأنا هكذا. اليوم أترشح للرئاسة مرة ثانية، وأنا هكذا. وبعد أربع سنوات سأخرج من البيت الأبيض وأنا هكذا». وتندر على ساره بالين، من قادة الحزب الجمهوري، التي ترشحت نائبة لرئيس الجمهورية مع السناتور جون ماكين، في سنة 2008، وكانت تسمى نفسها «ليبستيكز بيتبول» (كلب متوحش بأحمر شفاه)، إشارة إلى أنها امرأة جميلة وقوية في نفس الوقت. وفي حفل العشاء تندر أوباما عليها، وقال: «الكلب المتوحش لحمه لذيذ». هذه إشارة إلى ضجة في الأسبوع الماضي بسبب قوله إنه عندما كان صبيا في إندونيسيا كان يأكل لحم الكلاب مثل عادة كثير من الآسيويين.

في نهاية خطابه صار أوباما جادا، وعزى الصحافيين في وفاة زميلهم أنتوني شديد (أصله لبناني، وكان مراسل صحيفة «نيويورك تايمز») الذي توفي في سوريا وهو يغطي الثورة هناك، وزميلتهم ماري كولفين (أميركية، وكانت مراسلة لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية) التي قتلت في حمص بقصف من قوات الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال مخاطبا الصحافيين: «هذا المساء، لنقدر الذين يضحون وهم يعملون لتسليط الأضواء على بعض الأحداث الأكثر أهمية في عصرنا. حتى صاحب مدونة، أو صفحة، أو موقع، وهو يهتم بالقضايا الرئيسية هنا، أو يعرض نفسه للخطر في ما وراء البحار، أكنّ لهم جميعا أكبر قدر من الاحترام والإعجاب بما يفعلون». وأضاف: «أعرف أحيانا أنكم تضايقونني وتضغطون علي. وأنا أريد في هذه الليلة أن أنتقم منكم (ضحك). لكن، لا أنسى أبدأ أن بلدنا يعتمد عليكم. تقدرون على المساعدة على حماية ديمقراطيتنا، وحريتنا، وأسلوب حياتنا».

وختم أوباما كلمته بالتندر على رجال الشرطة السرية (التي تحرس البيت الأبيض وتحرسه) بسبب فصل عدد منهم بعد فضيحة حفلات صاخبة مع مومسات في كولومبيا (خلال حراسة أوباما وهو يحضر قمة الدول اللاتينية هناك). وقال أوباما: «كنت أود أن أتحدث أكثر. لكن لا بد أن أعود إلى البيت الأبيض مبكرا؛ ليعود معي رجال الشرطة السرية مبكرين، بعد أن قررت أن أعاملهم مثل بناتي: العودة إلى المنزل مبكرين، وتحاشي الحفلات الصاخبة».