150 لوحة تترجم رؤية ذوي الإعاقة لـ«ألوان الحياة»

في معرض خيري احتضنته مدينة الخبر للمساهمة في دعمهم نفسيا

جانب من أعمال ذوي الاحتياجات الخاصة المشاركة في المعرض(«الشرق الأوسط») واختصاصية شؤون الإعاقة سنثيا كردي في ركن الأعمال المشاركة في المعرض («الشرق الأوسط»)
TT

انفعالات صاخبة، تلك التي عكستها أعمال ذوي الاحتياجات الخاصة المشاركين في المعرض الفني الخيري الأول الذي ينظمه مركز «البيلسان» للفنون الجميلة بمدينة الخبر لذوي الإعاقة، حيث ترجمت 150 لوحة أحاسيس أصحابها من ذوي الاحتياجات الخاصة، في المعرض الذي حمل اسم «الحياة ألوان»، وشهد في يوم افتتاحه مساء الأول من أمس حضورا كبيرا من المشاركين وذويهم والمهتمين بالفن التشكيلي.

وتصف مضاوي الباز، المديرة التنفيذية لمركز «البيلسان»، أعمال ذوي الاحتياجات الخاصة لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «مبهرة»، مشيرة إلى أن بعضها جاءت من بصمات أطفال صغار لديهم قدرة إبداعية. وأضافت بقولها «جميع اللوحات المشاركة فيها كمية كبير من الإبداع وحس فني عال، يشكرون عليه أصحابها ويشكرون عليه كذلك القائمين عليهم، لأنهم ساعدوهم بهذه اللمسات الفنية التي تسهم في علاجهم نفسيا، لأن الفن التشكيلي له دور كبير في العلاج النفسي». وأوضحت الباز أن المعرض شهد مشاركة 12 جهة من مختلف أنحاء السعودية، مؤكدة أن المشاركين من ذوي الاحتياجات الخاصة يحملون أنواعا مختلفة من الإعاقات، وعمر أصغرهم 6 سنوات، إلى جانب مشاركة الكبار من ذوي الإعاقة. وأفادت بأن التحضير للمعرض أخذ من الوقت نحو 6 أشهر لحين إخراجه بهذه الصورة، مؤكدة رضاها عن حجم الإقبال في اليوم الأول للافتتاح. وأشارت إلى أن اليومين التاليين سيكون فيهما مجموعة من الفعاليات إلى جانب تقديم محاضرات من اختصاصين في شؤون الإعاقة، التي ستكون عامة لجميع الزوار.

وعن قيمة مثل هذه المعارض التي تركز على إنتاج ذوي الاحتياجات الخاصة، تقول الباز «نسعى للمساهمة في التوعية بدور الفن التشكيلي في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك التعريف بمن هم ذوي الاحتياجات الخاصة وكيفية التعامل معهم، إلى جانب سعينا إلى دمجهم في المجتمع ومعاملتهم كغيرهم من الأسوياء»، مشيرة إلى وجود مزاد خيري مصاحب للمعرض، يشارك فيه 25 فنانا وفنانة من داخل السعودية وخارجها، حيث تبرعوا باللوحات التي ستقدم قيمتها لصالح الجهات المعنية بذوي الإعاقة.

من جهتها، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، سنثيا كردي، مدير عام مركز الخبر للرعاية النهارية، عن مشاركة المركز في المعرض عبر 15 لوحة، مؤكدة أن حجم إبداعات ذوي الإعاقة يفوق هذا العدد الكبير، إذ قالت «وصل عدد اللوحات التي لدينا إلى 100 لوحة تقريبا، لكننا شاكرنا بالأفضل منها»، مؤكدة أن الأعمال المشاركة هي من إنتاج أطفال متلازمة داون، والذين تصفهم بقولها «هم أطفال قابلون للتعليم والتدريب، إذا وجدوا التأهيل الجيد وقدمت لهم برامج جيدة».

أما لؤلؤة الهاجري، وهي معلمة فنية لمركز التأهيل الخاص في الجبيل، فلقد أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن مشاركة المركز تضمنت 3 لوحات تشكيلية ولوحة للتصوير الفوتوغرافي، متحدثة بإسهاب عن أعمال الطفلة نور مصلح (12 سنة) التي شاركت في المعرض عبر لوحتين لفتتا انتباه الزوار، بقولها «نور تعاني من التوحد الكلاسيكي، ولديها قدرة فنية عالية، فجميع اللوح من إنتاجها الذاتي، وبمجرد إعطائها صورة معينة تقوم بتطبيقها، وأنا فقط أحدد لها اللون وبعض الرتوش البسيطة».

وعن سبب عدم حضور الرسامة الصغيرة إلى المعرض، تقول الهاجري «لم تأت لأنها طفلة توحدية، بالتالي هي تنزعج من الأجواء المزدحمة، رغم أن كثيرا من الزوار تمنوا حضورها لتقوم بالرسم مباشرة أمامهم». وعن مدى إقبال الزوار على شراء واقتناء أعمال ذوي الاحتياجات الخاصة تقول «البعض يشتري اللوحة من باب الإعجاب، وبعضهم يشتريها كنوع من التعاطف، إلا أن الغالبية هم من النوع الأول».

في حين تؤكد سهام توفيق، عضو مجلس إدارة مركز البيلسان، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، على إعجابها بكافة الأعمال المشاركة، بالقول «هذه اللوح تدل على شخصية الأطفال التي رسموها، حيث أخرجوا ما في نفسهم وما يشعرون به ويحسونه، لذا بالإمكان القول إنهم يرسمون بإحساسهم وبالفطنة في آن واحد». وتناولت الألوان الصاخبة التي عكستها لوحات ذوي الإعاقة، بالقول «بعضها تحمل ألوانا مشرقة وجميلة تدل على الفرح، وبعضها تحمل ألوانا مظلمة وداكنة، والحالتان تعكسان مدى تأثر الطفل بالبيئة المحيطة فيه».

جدير بالذكر، أن قائمة المراكز المشاركة في المعرض تضم كلا من: مركز التربية الفكرية للبنين في الدمام، مركز الرعاية النهارية في القطيف، مركز التعليم الخاص التابع لجمعية فتاة الخليج في الخبر، مركز التأهيل الخاص التابع لجمعية الجبيل الخيرية في الجبيل، مركز التحدي للرعاية النهارية في الخبر، مركز الخبر للرعاية النهارية (دسكا) في الخبر، مركز الرعاية النهارية التابع لجمعية فتاة الأحساء في الأحساء، مركز الرعاية المهارية التابع لجمعية الخفجي الخيرية في الخفجي، مركز التأهيل الشامل في الأحساء، إدارة التعليم في الجوف.

وتشتمل رؤية المعرض على رسالة مفادها «نشر الوعي بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، والمساهمة في التعريف بمواهبهم وإظهار أعمالهم وإبداعاتهم الفنية، وتنمية القدرات والمهارات الجسدية والنفسية لديهم، واستثمارها في المجتمع». في حين يكمن الهدف الرئيسي للمعرض في «إخراجهم إلى الحياة العامة ودمجهم في المجتمع، عن طريق الإرشاد والتثقيف وتفعيل مشاركتهم على المستوى الميداني».