أكاديمية سانتا شيشيليا تجذب كبار الفنانين إلى روما

أقدم معهد موسيقي في العالم يقود النهضة الموسيقية الحديثة والكلاسيكية

أكاديمية سانتا شيشيليا بروما
TT

طالت الأزمة الاقتصادية في إيطاليا هذه الأيام وسياسة التقشف وتخفيض الدعم الحكومي جميع النشاطات بما فيها الفن والمسرح والموسيقى والمتاحف لكنها لم تنل من خيال وإبداع الإيطاليين الذين يبتكرون الحلول المؤقتة لمشاكلهم. بعض العاملين في المسرح ذهبوا إلى منطقة سياحية جبلية في مقاطعة ماركيه التي تبعد ساعتين بالسيارة عن العاصمة الإيطالية وقدموا عرضا ممتازا لمسرحية «الليالي البيضاء» للكاتب الروسي الكبير دوستويفسكي داخل مغارة معروفة اسمها فراساسي وتشبه مغارة جعيتا في لبنان، ودار الأوبرا في روما، ستقدم اعتبارا من الشهر القادم مسرحيات غنائية تاريخية في حمامات الإمبراطور الروماني كاراكالا في وسط العاصمة الإيطالية.

يتنافس أهم صرحين للموسيقى الكلاسيكية في إيطاليا على اجتذاب كبار العازفين والفرق الموسيقية من جميع أرجاء العالم وهما دار أوبرا لاسكالا بميلانو والفرقة السيمفونية لأكاديمية سانتا شيشيليا بروما. وقد تأسست هذه الأكاديمية منذ ما يربو على خمسمائة عام ويقود فرقتها السيمفونية قائد الأوركسترا الإيطالي المرموق أنطونيو بابانو والمولود في إنجلترا حيث يرأس أيضا أوركسترا الأوبرا الملكية كوفنت غاردن وأنعمت عليه الملكة إليزابيث منذ أشهر بلقب «سير» (النبيل). يقول برونو كاليي رئيس الأكاديمية إن الموسم القادم سيكون مذهلا بعد أن استقلت المؤسسة وانخفض الدعم الحكومي لها لكنها نجحت في الحصول على تمويل المتبرعين ورعاة الفن والربح من بيع التذاكر للجمهور المحب للموسيقى الكلاسيكية. نجح كاليي والمايسترو بابانو في دعوة أشهر قادة الأوركسترا العالميين أمثال رينيه جاكوبس الذي يتميز باستخدام آلات العزف القديمة، وفاسيلي بترنكو القائد الروسي الشاب لأوركسترا لندن الفلهرمونية، ولورين مازل القائد السابق لأوركسترا نيويورك الفلهرمونية، ويوري تيميركانوف قائد أوركسترا سان بطرسبرغ المحبوب الذي يزور إيطاليا بانتظام منذ عدة سنوات، وفابيو بيوندي قائد أوركسترا فينيسيا (البندقية) المعروف بتخصصه في الموسيقى الإيطالية القديمة وأعمال الموسيقار فيفالدي وسيمون بيشكوف الروسي الأصل الفرنسي الجنسية، ومايكل تيلسون توماس قائد أوركسترا سان فرانسيسكو الأميركية، والمايسترو الفنزويلي الشاب المتحمس دوما وذي الشعبية الخارقة غوستافو دوداميل، وأشهر قائد للأوركسترا في العالم هذه الأيام الروسي فاليري غرغييف مع أوركسترا مسرح مارينسكي وأوركسترا لندن السيمفونية.

أما مشاهير عازفي البيانو الذين سيتوافدون إلى روما في الموسم المقبل الذي يبدأ في أكتوبر (تشرين الأول) بالسيمفونية التاسعة لبروكنر، فحدث ولا حرج، ومنهم النرويجي لايف أوفيه أندزنيس، والألماني كريستيان زاكارياس، والروسي دينيس ماتزويف، والروماني الشاعري المخضرم رادو لوبو، وبالطبع نجمة البيانو الأرجنتينية البارعة مارتا أرغيريتش التي احتفلت بعيد ميلادها السبعين في العام الماضي وما زالت في أوج حيويتها وتألقها. الحفل المنتظر بفارغ الترقب سيشمل عازف البيانو دانييل بارنبوم وقائد الأوركسترا أنطونيو بابانو في مقطوعات شهيرة لموتسارت وشوبان، والغريب أن بابانو تتلمذ على يد بارنبوم الذي يحتل حاليا منصب المدير الفني لدار أوبرا لاسكالا بميلانو لكنه سيعطي التعليمات وإشارة عصا القيادة لبارنبوم هذه المرة. الجديد هذا الموسم هو مشاركة عازف البيانو الفلسطيني سليم عبود أشقر والإيراني رامين براهيمي، وسنرى كيف سيتنافسان مع كبار عازفي البيانو الدوليين.

والجديد أيضا سيكون تقديم أوبرا «ذهب الراين» لفاغنر بشكل حفل موسيقي دون ملابس خاصة وديكور مسرحي وسيتكون فريق الغناء من نفس المغنين الذين يقدمون تلك الأوبرا في مهرجان بايروت الشهير في ألمانيا حيث تقدم أعمال فاغنر بشكل حصري منذ أكثر من مائة عام.

من إنجازات بابانو المهمة منذ تعيينه عام 2005 عودة أوركسترا سانتا شيشيليا لزيارة عواصم المعمورة ومنها استوكهولم في السويد وطوكيو في اليابان وكذلك برلين وفيينا وموسكو أهم مراكز الموسيقى الكلاسيكية في العالم، وكذلك عودة الأوركسترا لتسجيل حفلاتها على الأسطوانات المدمجة وفوزها بالجوائز الكبرى بعد انقطاع دام عدة عقود.

كل العالم سيجتمع عند راعية الموسيقى ذات الأصل النبيل القديسة سانتا شيشيليا التي كانت تعشق الموسيقى والغناء منذ عهود المسيحية الأولى وتشجع الفن وتدعم أصحاب النغم وأطلقوا اسمها على الأكاديمية منذ عام 1585.