علماء بريطانيون تغمرهم السعادة بعد عودة طائر وقواق سالما من رحلته الأفريقية

«ليستر» عاد إلى مقاطعة نورفولك.. وعلى الأرجح أن رفيق دربه «كاسبر» ما زال في الجزائر

TT

عبر علماء بريطانيون عن سعادة بالغة بعد أن عاد أول طائر وقواق من رحلة مثيرة إلى أفريقيا، وقال العلماء إن أحد طيور الوقواق (كوكو) عاد أول من أمس (الخميس) إلى نقطة انطلاقه في مقاطعة نورفولك في شرق إنجلترا، ليكون بذلك أول طائر يعود من هجرته الأفريقية، وهو واحد من خمسة طيور أطلقت صيف العام الماضي في إطار تجربة علمية حول هجرة طيور الوقواق من أوروبا إلى أفريقيا.

ونشر العلماء الخبر على «موقع الجمعية البريطانية لعلم الطيور»، (بي تي أو). وتصدر خبر هذه العودة الصفحة الأولى للموقع، وكان العنوان الرئيسي يقول «مرحبا بعودة لستر». والإشارة هنا إلى اسم الطائر، حيث أطلق العلماء اسما على كل طائر من الطيور الخمسة.

وقال العلماء إن «ليستر» أربك توقعاتهم، حيث كان آخر طائر يطلق من نورفولك في يوليو (تموز) من العام الماضي، كما أنه اتخذ طريقا طويلا في رحلته الأفريقية التي وصل فيها إلى الكونغو (زائير سابقا)، حيث عبر شواطئ دول غرب أفريقيا، وعلى الرغم من ذلك فإنه أول طائر يعود من رحلته إلى إنجلترا، حيث يوجد حاليا على بعد سبعة كيلومترات من النقطة التي أطلق منها في العام الماضي.

وأشار العلماء أن عودة «ليستر» تعني أنه ولأول مرة في التاريخ، كان متاحا متابعة هجرة طيور الوقواق البريطانية، التي عادة ما تهاجر إلى أفريقيا وتعود صيفا إلى بريطانيا. وقالوا إن آلاف الناس تابعوا الرحلة المثيرة في جميع مراحلها، من نورفولك وحتى الكونغو. ونشر موقع «بي تي أو» أمس خريطة نشطة تبين رحلة هجرة «ليستر» جنوبا ثم عودته شمالا.

وقال العلماء إن هذه الرحلة ستفيدهم في جمع معلومات حول هجرة الطيور تفوق كل الذي يعرفه العالم خلال قرن مضى. وأشاروا إلى إنهم سيوسعون بحوثهم لتشمل هجرة الطيور من أسكوتلندا وولز، حيث يعتزمون خلال فترة تمتد من السنة الحالية إلى السنة المقبلة، مراقبة رحلة 15 طائر من طيور الوقواق. وكانت الطيور الخمسة أطلقت نحو أفريقيا ما بين يونيو (حزيران) ويوليو الماضيين من أجل هذه الرحلة العلمية، بعد أن ثبت في جسم كل طائرة قطعة معدنية ترسل إشارات منتظمة إلى قمر صناعي وتشحن القطعة عبر أشعة الشمس. ويعتزم العلماء اعتماد التقنية نفسها مع الـ15 طائرا.

وما زال العلماء البريطانيون يتابعون رحلة اثنين من طيور الوقواق، حيث يعتقدون أن أحدهما يوجد هو الآخر في شرق إنجلترا، في حين يوجد الثالث في الجزائر.

ونفق اثنان من تلك الطيور في رحلة العودة، أحدهما نفق في الكاميرون في فبراير (شباط) الماضي في حين نفق الثاني في التاسع من الشهر الماضي في جنوب إسبانيا.

وقال العلماء في تفاصيل وصول الطائر «ليستر» يوم أول من أمس (الخميس) إلى منطقة انطلاقه، إن قلقا ساورهم بعد أن تلقوا إشارات ضعيفة من القطعة المعدنية المثبتة في أعلى جسم الطائر، قبل ثلاثة أيام، وكانت آخر إشارات تفيد بأن «ليستر» وصل يوم الجمعة الماضي إلى منطقة في جنوب باريس، لكن الإشارات عادت إلى طبيعتها يوم الاثنين الماضي، وقال العلماء إنهم شعروا بسعادة غامرة عندما اكتشفوا أن «ليستر» وصل بالفعل إلى مقاطعة نورفولك، وتبين أن «ليستر» قطع المسافة ما بين شمال الجزائر وحتى نورفولك في أقل من خمسة أيام. ويعد الوقواق أسرع الطيور المهاجرة على الإطلاق.

وأفاد العلماء في تقريرهم بأنهم استطاعوا تحديد مكان «ليستر» أول من أمس (الخميس) فقط، بعد أن كانوا قد رصدوا وصوله يوم الأربعاء الماضي إلى قرية «ساوث والتشام»، وهي قرية تقع على بعد 13 كيلومترا شمال منطقة «رييدهام» حيث أمضى «ليستر» معظم الصيف خلال السنة الماضية.

على صعيد آخر، قال العلماء في تقريرهم، إن الطائر «كريس» كان يطير ببطء نحو جبال الألب في إيطاليا خلال الأسبوع الماضي، وهم يتوقعون تلقي إشارات من القطعة المعدنية المثبتة على جسمه في أي لحظة، ويرجحون أن يكون قد وصل بدوره إلى مقاطعة «إسيكس» في شرق إنجلترا. وإذا تأكدت هذه المعلومات يكون «كريس» على بعد 90 كيلومترا من المنطقة التي انطلق منها في الصيف الماضي في هجرتها التي تتبعها العلماء خلال ما يقارب السنة حاليا، وبذلك يتأكد عودة طائرين إلى إنجلترا، لكن تأكد أن أحدهما عاد بالفعل إلى نقطة انطلاقه.

أما الطائر «كاسبر» فإن آخر تقرير حوله يفيد بأنه ظل في الجزائر منذ يوم 11 من الشهر الماضي، ويتوقع أن يعبر البحر الأبيض المتوسط شمالا باتجاه جنوب أوروبا. وكانت الطيور الخمسة قد وصلت في هجرتها جنوبا حتى جنوب القارة الأفريقية، وخلال رحلتها نحو القارة السمراء توقف أحدها في المغرب في منطقة «حد السوالم» جنوب الدار البيضاء، في حين خلال رحلة العودة حطت أربع منها في الجزائر قبل أن تعبر ثلاثة منها إلى جنوب أوروبا.

ومع وصول أحد طيور الوقواق الآن إلى نورفولك وإلى نقطة انطلاقه، وترجيح وصول طائر آخر إلى شرق إنجلترا، تكون هذه الطيور قد أمضت قرابة سنة كاملة في هجرتها جنوبا ثم العودة شمالا إلى إنجلترا، وعندها سيعكف العلماء على إعداد دراسة حول الطيور المهاجرة لأفريقيا لمعرفة ما تواجهه في رحلتها من عقبات، والأسباب التي تجعلها لا تعود في السنة التالية إلى أوروبا، وكذا الأسباب التي أدت إلى انخفاضها بنسبة 50 في المائة خلال السنوات الـ25 الماضية.