مأزق بروتوكولي بسبب فاليري تريفيلر.. أول «سيدة فرنسية أولى» عزباء

طرد إذاعي فرنسي من العمل لتطاوله على شريكة حياة الرئيس الجديد

فاليري تريفيلر.. شريكة حياة الرئيس المنتخب حديثا فرنسوا هولاند (أ.ب)
TT

اتخذت إذاعة «إر تي إل» الباريسية قرارا بطرد الصحافي بيير سالفياك من العمل فيها لأنه نشر تغريدة على حسابه في «تويتر» تتضمن إساءة لعموم النساء العاملات في مهنة الصحافة، وبالأخص فاليري تريفيلر، شريكة حياة الرئيس المنتخب حديثا فرنسوا هولاند. وتقدم الصحافي باعتذار علني، أمس، لكن السيف كان قد سبق العذل.

وفي حين رفع سياسيون خلال الحملة الرئاسية شعار «أدل بصوتك بشكل مفيد»، أي للمرشح الرئيسي في كل من معسكر اليمين واليسار بدل تشتت الأصوات بين مرشحين هامشيين، فإن بيير سالفياك دعا، في تغريدته، زميلاته الصحافيات إلى «تبادل الحب بشكل مفيد»، لأن ذلك قد يمنحهن فرصة احتلال موقع «سيدة فرنسا الأولى». واستخدم الكاتب مفردة خارجة على الأدب في موضع تبادل الحب.

وسرعان ما أثار التعليق موجة من الاستهجان، لا سيما في الأوساط النسوية التي نعتت سالفياك بممارسة التمييز الجنسي والتعبير عن نظرة ذكورية بائدة. ولم يجد جاك إينو، مدير الأخبار في الإذاعة، حلا سوى إدانة الصحافي المتخصص في تغطية مباريات «الرغبي» والاستغناء الفوري عن خدماته. وأعلن المدير أن العبارة التي بدرت عن سالفياك «غير مستساغة» و«على قدر لا يوصف من الابتذال».

وبعد ساعتين من النشر، عاد الكاتب وغرد قائلا «كانت مزحة جرحت زميلاتي وأنا أقدم لهن اعتذاري وأسحب تغريدتي السابقة». فهل ستكون هذه أول وآخر مناكفة تصيب تريفيلر التي يسجل لها التاريخ أنها أول امرأة عزباء تشغل موقع الفرنسية الأولى؟

منذ انتخاب هولاند ومسؤولو البروتوكول في «الإليزيه» ووزارة الخارجية يتدارسون كيفية مواجهة هذا الموقف غير المسبوق. أين ستوضع شريكة حياة الرئيس في قائمة الوفود الفرنسية المرافقة له في رحلاته الرسمية خارج البلاد؟ وبأي صفة سيجري تقديمها للملوك والرؤساء الأجانب؟ هل تقدم على أنها «مدام فاليري تريفيلر رفيقة رئيس الجمهورية» أو «مدام فاليري تريفيلر هولاند شريكة حياة الرئيس»؟ والسؤال الأهم هل سيبادر الرئيس إلى الزواج رسميا بها لحل المشكلة حلا جذريا؟ هذا مع العلم أن فاليري ماسونو، وهذا اسم عائلتها، كانت تزوجت أول مرة من شاب يدعى فرانك، كان أحد رفاق الصبا، ثم تطلقت منه لتتزوج من دوني تريفيلر، سكرتير تحرير مجلة «باري ماتش» والأكاديمي والكاتب والمترجم المتخصص في الفلسفة الألمانية. ومن الزوج الثاني رزقت بثلاثة أبناء قبل أن يتطلقا بسبب العلاقة التي نضجت، على نار هادئة طوال 20 عاما، بينها وبين هولاند وتحولت من مجرد معرفة مهنية إلى حب عاصف.

على الأرجح، فإن أيا من أبناء فاليري الثلاثة وأيا من أبناء هولاند الأربعة الذين رزق بهم من شريكته السابقة سيغولين روايال، لن ينقل حقائبه للإقامة في القصر الرئاسي. أما الفرنسية الأولى فإنها ما زالت مترددة وقد تفضل البقاء في شقتها الواقعة في الدائرة الخامسة عشرة من باريس (الحي المفضل للبنانيين والإيرانيين). لكن في حال اتخاذ الرئيس قرارا بالتخلي عن العزوبية الشكلية والزواج رسميا، لأول مرة، بفاليري، فإن الوضع سيتغير ويشجعها على السكن في القصر الرئاسي الذي هربت منه، من قبل، كل من دانييل ميتران وسيسيليا ساركوزي، ومن بعدها كارلا.

أول محك للصيغ البروتوكولية قد يجري في 18 من الشهر الجاري، بمناسبة انعقاد قمة الدول الصناعية الثماني في منتجع كامب ديفيد الأميركي، قبل قمة حلف «الناتو» في شيكاغو. لكن لم يصبح من المؤكد مشاركة تريفيلر في الحدثين. وفي حين حل أصحاب الثقافة الأنغلوساكسونية هذا الإشكال باستخدام لقب «سباوز» للدلالة على رفيق أو رفيقة رئيس الوفد، سواء أكانت العلاقة زواجا شرعيا أم مساكنة أم ارتباطا بين متماثلي الجنس، فإن الفرنسيين ما زالوا يبحثون عن صيغة مشابهة مفتقدة رغم أنهم سادة العالم في كل ما يخص رهافة العواطف بين الجنسين.

لقد سارع الرئيس السابق ساركوزي إلى عقد زواجه رسميا على كارلا بروني جاعلا منها الزوجة الثالثة. وبهذه الصيغة زارت معه بريطانيا وتقدمت لتحية الملكة التي اشتهرت بتمسكها بالتقاليد. لكن إليزابيث الثانية هي نفسها الملكة التقليدية التي دعت المغني المثلي إلتون جون ومعه «زوجه» لحضور عرس حفيدها الأمير ويليام. أما في عرس أمير موناكو فقد حضر أبناء الأميرة كارولين، شقيقة العريس، بصحبة رفيقاتهم وجرى التقديم البروتوكولي في صيغة «فلان الذي يشكل ثنائيا مع علان». وعموما فإن زواج هولاند وفاليري هو آخر هموم الفرنسيين، لكن المأزق الفعلي سيكون في حال سفر الرئيس إلى الفاتيكان مع رفيقته ومقابلة قداسة البابا، الزعيم الروحي المتشدد في احترام الروابط الشرعية ونبذ حالات الطلاق، أو قدوم البابا في زيارة لفرنسا، البلد الذي يحمل لقب «الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية».