أكثر من 300 صورة فوتوغرافية تحكي قصة 5 قرون من الاحتلال العثماني لبغداد

جلبت من مراكز أبحاث ومتاحف إسطنبول.. وأثارت جدلا بين الأوساط الثقافية

عراقيون يتفرجون على صور نادرة في معرض يروي قصة الاحتلال العثماني لبغداد (أ.ف.ب)
TT

حاز المعرض الفني المتخصص الأول لعهد الاحتلال العثماني لبغداد اهتمام وانتباه معظم زوار شارع المتنبي (أهم شارع للكتب في بغداد)، وهو يوضح عبر أكثر من 300 صورة فوتوغرافية نادرة ونفيسة، بالأبيض والأسود، طبيعة الحياة آنذاك.

المعرض الذي تنظمه محافظة بغداد، ويستمر على مدى شهر كامل، يحكي عهد الولاة والسلاطين العثمانيين الذين تعاقبوا على حكم بغداد طيلة خمسة قرون، ويقدم تفاصيل الحياة الإدارية والسياسية والاجتماعية في تلك الحقبة، عبر صور جلب معظمها من مراكز أبحاث تركية ومتاحف إسطنبول.

مثقفون يرون أن المعرض يشكل فسحة ثقافية تمكنهم من التعرف عن كثب على طبيعة وشكل الحياة التي عاشتها بغداد من صفحات مظلمة ومشرقة، فيما انتقد آخرون إقامته في هذا الوقت بالذات، كونه يثير تحسسا اجتماعيا غير مناسب مع ما يحتويه من لقطات جريئة عن المراحل الأليمة التي عاشها البغداديون طيلة أزمنة الاحتلال، في وقت تشهد فيه العلاقات العراقية توترا.

ويقول الباحث عادل العرداوي لـ«الشرق الأوسط» إن المعرض «يمثل جزءا مهما من تاريخ بغداد، ولا بد لنا وللأجيال القادمة أن تعرف الظروف والحقب التي مرت بها، ومعظم ما شاهدناه اليوم في المعرض صور كنا نسمع عنها فقط، لكننا نفتقد إليها، لأن أصولها موجودة فقط في مقر السلطنة العثمانية في إسطنبول ومراكز البحث الأكاديمية، وعرضها هنا خطوة لأجل معرفة كيف حكمنا هؤلاء، والظروف التي مرت ببغداد كي نستفيد منها وندرس تراث آبائنا، وكي لا تتكرر مأساة الاحتلال». وأضاف أن «معظم الوثائق المعلقة في جدران المعرض تؤرخ للأوامر أو (الفرمانات) الإدارية بالتعيين والعزل والتسلسل الوظيفي للولاة، إضافة إلى أحوال الناس في الشوارع والأسواق والقوة العسكرية والعادات والتقاليد واللغة».

أما الإعلامي والدكتور كاظم المقدادي، فقال معلقا «لا بد من التعرف على تاريخنا سواء كان مشرقا أو مظلما، وأخذ الدروس والعبر من سير الماضي كي لا تتكرر المأساة، ومن دون نقمة ولا تحسس اجتماعي.. يجب أن تتبلور لدينا ثقافة الانفتاح والتوازن في علاقاتنا، وهذا المعرض يحمل بين أروقته رسالة سياسية وإنسانية ذكية، قد تأتي بمفعول يرطب الأجواء المتشنجة مع الجارة تركيا».

من جانبه، قال محمود عبد الجبار عاشور، مدير المركز الثقافي البغدادي الذي يستضيف المعرض، إن «معرض بغداد في العهد العثماني هو جزء صغير من مبادرات المحافظة بالتنسيق مع الجانب التركي، وتسليط الضوء على الفترة العثمانية في صور تعرض لأول مرة على الجمهور العراقي، وهي تنقسم إلى عهدين، الفتح العثماني الأول وبعده تعرض بغداد للفتح الصفوي وبعده للفتح العثماني الثاني الذي استمر 379 عاما تقريبا. وخلال الفترة الأولى التي امتدت 82 عاما توالى على حكم بغداد نحو 33 واليا، وفي الفترة الثانية حكم بغداد 101 وال خلال فترة 379 عاما». وأضاف «هناك بعض الولاة كانوا مصلحين كالوالي مدحت باشا الذي بقي ثلاث سنوات، وبعده داود باشا الذي أصدر جريدة الزوراء بالمطبعة التي جاء بها معه، ومد سكك الحديد والتلغراف وفتح الشوارع والقناطر والمستشفيات وشق الطرق في بغداد، كذلك كان بعضهم ظالما وقاسيا». ولفت إلى «وجود بصمات واضحة من العهد العثماني في بغداد الآن كالقشلة وساعتها وبناية المتصرفية والمدرسة العسكرية الرشدية (المركز الثقافي البغدادي حاليا) وبعض الأبنية والمساجد».