الجميع يتحدّث عن الحب .. لكن أي حب؟

«حب» لميشيل هنيكه
TT

* ربما ليست المرّة الأولى التي يجمع فيها مهرجان «كان» أفلاما تدور عن تلك العاطفة النبيلة التي اسمها الحب، ففي كل سنة هناك أفلام عن هذه العاطفة تستحق الإشارة. لكن قصص الحب هذا العام تختلف فهي أكثر عددا بقليل مما اعتاد المهرجان حشده من هذه الأفلام، ثم إن حكايات الحب تتباين ومعظمها داكن، وبل بعضها قاتم تماما.

خذ مثلا «وراء التلال» للمخرج الروماني كرستيان مانجيو. في الظاهر هو فيلم معاناة نتيجة صراع بين الدين والحرية الشخصية، لكن في صميمه هو عن حب فتاة عادت إلى رومانيا من هجرتها الألمانية لتكون بجانب صديقتها التي تحب. وهو حب غير محدد بشكل فقد لا يكون أكثر من اجترار للماضي حيث إن الفتاتين كانتا صديقتين في دار الأيتام التي تربتا فيها، أو قد يكون أكثر من ذلك.

وبينما قدم «مملكة سطوع القمر» حكاية حب (ولو بالغة الهزال) بين صبي في الثانية عشرة وفتاة تكبره بعام، يقوم فيلم ميشيل هنكه (وعنوانه «حب») على فكرة حب معمّرين متزوّجين كل للآخر. أما في «صدأ وعظام» فيأخذ الوضع إلى أقصاه: ماذا لو كان أحد طرفي العلاقة (الرجل) بلا مأوى والآخر (المرأة التي التقى بها) بلا ساقين؟

ثم إلى نوع لا يقل قتامة وحدّة نجد في فيلم «حب فردوسي» لأولريخ سيدل حيث بطلة الفيلم البدينة الخالية من سمات جمال تبحث عمّن يؤمن لها الخدمة العاطفية بين الأفارقة. وإذ تنتقل في بحثها من رجل لآخر تزداد سقوطا في مهزلة حياتها دون أن تنجح في استعادة توازنها.

وفي حين تؤدي إيزابيل هوبيرت دور ابنة جان - لوي ترتينيان وإيمانويل ريفا، في «حب» نراها مرّة أخرى في ثلاثة أدوار لثلاث نساء كل منهن تبحث عن معنى الحب في الشرق البعيد. الفيلم هو «في بلد آخر».

إلى ذلك يمكن أن نضيف «مثل واحد في الحب» الذي ينتقل إلى اليابان ليصوّر نوعا آخر من الحب عبر حكاية طالبة تبيع جسدها لكي تدفع تكاليف الدراسة. بينما يسعى «مَد» (الفيلم واسم الشخصية) للبحث عن المرأة التي يحب والتي لم يرها منذ أن دخل السجن. الآن وقد هرب فإنها تصبح إلهامه الوحيد الذي سيساعده على الوصول إليها.

وكما أن الفيلم العاطفي قد يتحدّث عن الحب مبلورا إياه في مظاهر مختلفة، فإن بعض الأفلام العاطفية تتحدّث عن اللا - حب كدافع لا يقل قوّة، وهذا نجده في «واقع» حيث العالم هش لا يمكن القبض على عواطفه النبيلة والحب والجمال عملتان تتم المتاجرة بهما كسلعة تلفزيونية. وفي «نور بعد ظلام» لكارلوس ريغاداس (المكسيك) نجد البحث في خلو حياة عائلة من الحب مما يجعل أفرادها مشتتو النوايا والعلاقات. إنها صورة عائلية ممزّقة يتعرّض إليها الدنماركي توماس فنتربيرغ في فيلمه المعروض قريبا هنا «الصيد».