رزكار برزنجي لـ «الشرق الأوسط»: أطمح أن يخلدني التاريخ.. وأحافظ على تراث المطربين القدامى

يمتلك أضخم أرشيف غنائي وأقدم مكتبة صوتية لنوادر الغناء العراقي القديم

رزكار برزنجي يعمل على تنقية تسجيل لأغنية قديمة («الشرق الأوسط»)
TT

حبه للفن العراقي القديم جعله صاحب أضخم أرشيف غنائي وأقدم مكتبة صوتية في العراق، تضم أكثر من عشرة آلاف قطعة، بعضها نادر، يقول عنها إنه لو عرضها للبيع لصار من أغنى الرجال، لكن رزكار برزنجي يصر على بقائها معه خشية تعرضها للتلف أو الضياع، إنه عاشق التسجيلات العراقي وصديق الفنانين ومرافقهم وجامع أعمالهم لأكثر من عشرين عاما.

يمتلك رزكار 4 محال للتسجيلات الصوتية في بغداد تحوي معظم أعمال الفنانين العراقيين القدامى والرواد، وعلى الرغم من ضيق مساحة محله في منطقة الميدان وسط العاصمة العراقية، حيث التقيناه، فإنه يجذب الكثير من الباحثين الموسيقيين وأستاذة وطلبة الكليات والمعاهد الفنية ومتذوقي الفن الأصيل من الغناء العراقي الذي يعشقه برزنجي وكتب بعضا من أغنياته، عن تجارته يقول أنها مربحة، فيما لو بعت مقتنياتي لكني لن أفعلها لأنني أخاف عليها من الضياع أو التلف.

يقول برزنجي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «معظم الأعمال الفنية والنادرة جمعتها بنفسي سواء من الداخل أو خلال سفرياتي إلى الخارج، لأجل إكمال مكتبتي الغنائية، وتعود بعض الأعمال إلى عشرينات القرن الماضي، بعضها تعرض للتلف أو القدم، فقمت بنقله إلى منطقة في سوريا اسمها دير الزور يسكنها عراقيون، وهناك قمت بعمل فلترة خاصة لكل أسطوانة أو شريط غنائي لتصفيته أكثر وأحيانا توزيعه من جديد بواسطة أجهزة حديثة، ومن ثم عرضها على شكل أقراص مدمجة (CD)».

وعن بداياته، يقول «البداية كانت عام 1990، من خلال محلي الأول في منطقة الفضل، ومن ثم انتقلت إلى منطقة الميدان، التي تعد معلما تراثيا، بالإضافة إلى قربها من شارع المتنبي الشهير، فصارت تسجيلات أيام زمان (وهذا هو اسم المحل) مقصدا لكل الباحثين عن الغناء الأصيل، بضمنها المقام العراقي والغناء البغدادي والريفي، فضلا عن النوادر من أصوات (المقرئين) المعروفين، أمثال ملا عثمان الموصلي، الذي يمتلك له نادرة صوتية تتمثل في (تلاوات قرآنية) لسورتي الإسراء وطه، موثقة على أسطوانات شمعية، ولمدة 6 دقائق فقط، وكذلك للمقرئ الراحل حافظ خليل إسماعيل، بتواشيح دينية تعود لعام 1960، والمقرئ ياسين طه العزاوي، والمقرئ عبد الستار الطيار، الذي زاره مؤخرا ليزوده بآخر تسجيلاته الصوتية».

وعن أهم مقتنياته، يكشف برزنجي «أملك للمطرب محمد القبانجي نحو مائة عمل فني، كذلك أعمال تواشيح وأذكار، إضافة إلى معظم الأرشيف الغنائي العراقي الذي لا تملكه حتى وزارة الثقافة العراقية أو دائرة الإذاعة والتلفزيون، ولدي كذلك لقاء خاص مع المطرب الملا عثمان الموصلي لمناسبة مرور خمسين عاما على رحيله وهو تسجيل نادر، إلى جانب الأغاني العراقية والعربية والكردية والسريانية والتركية والفارسية إضافة للأغاني الريفية والبدوية والمصلاوية والبصراوية الجنوبية، ولدي أغان يرجع قسم منها إلى أيام الحكم العثماني، واستطعت جلب أكثر من 5000 عمل فني عراقي مندثر من سوريا لمطربين عراقيين، ساعدني في العثور عليها فنانون أصدقاء لي وقمت بتصوير معظمها».

ويستدرك قليلا ليقول: «خلدت بعملي أجيال ودربت آخرين صار بعضهم فنانا يشار له بالبنان اليوم».

وعما إذا تستعين به جهات رسمية لتزويدها ببعض تلك المقتنيات؟ قال «أنا دائما أساعد الفضائيات المحلية وحتى العربية والجهات المعنية، في حال طلبهم وقد توجهت لوزارة الثقافة العراقية بإهدائهم مكتبة كاملة من التسجيلات وطلبت فقط منهم المحافظة عليها، هدفي تخليد الغناء العراقي الذي أعشقه منذ صغري واخترت مائة عمل تراثي لأجل المشروع».

يتمنى برزنجي أن يكون هناك من ينافسه، يقول «يا ليت ينافسني أحد حتى أستطيع الاستعانة به لنكمل بعضنا لخدمة الفن العراقي»، مشيرا إلى أنه يتعامل «مع الغناء الحديث بشكل قليل، فبعضه جميل فقط».

وحول بقاء أثر للكاسيت الغنائي التقليدي ذي الشريط الأسود، قال: «الكاسيت لم يفقد أثره بين تقنيات الأقراص المدمجة، خاصة ممن يفضلون الاستماع إليه من خلال أجهزة التسجيل، أو الاستماع عبر أجهزة تسجيل سياراتهم الشخصية، لكن استخدامه قل بشكل كبير عما سبق».

يقول برزنجي «أطمح أن يخلدني التاريخ لخدمتي الفن العراقي، وأطالب الجهات المعنية بالاهتمام بالمكتبات التسجيلية مثلما الاهتمام بالكتب والوثائق المطبوعة، وتهيئة مكتبة كبيرة للتسجيلات مهيأة بالأجهزة الصوتية الحديثة، لأجل أن تكون مرجعا لكل المهتمين بهذا المجال».

وعن علاقته بالفنانين، يقول رزكار «كانوا دائما مشجعين لي، ومعظم أصدقائي، وأخص منهم الفنان الكبير ياس خضر الذي كان له الفضل الكبير، كذلك الفنان سعدي توفيق البغدادي، حيث كانوا يقولون لي احرص على هذه المكتبة الثمينة لكونها التراث الخالد الذي ستذكرك الأجيال المقبلة بالخير لكونها مكتبة ضخمة تضم الكثير من المطربين القدامى والرواد».