الحياة من دون زواج مع تبني الأطفال.. اختيار شائع للهنديات

دراسة تظهر أن النساء غير المتزوجات في الفئة العمرية بين 20 و49 عاما يشكلن 11.6 % من إجمالي السكان

TT

بات الزواج شيئا غير مفضل بالنسبة للهنديات، ونتيجة لاستقلالهن المادي، تفضل الكثير منهن، لا سيما في المناطق الحضرية، العزوبية، ولا يعني هذا أنهن تعيسات أو يكرهن الرجال. وهذا العام، 2012، أصبحت الهنديات غير المتزوجات يتمتعن بمزيد من الحرية، وأصبح لديهن أرصدة مصرفية، ولذا لم يعد الرجل هو الأهم في حياة المرأة الهندية.

وعلى الرغم من أن المجتمع الهندي هو مجتمع محافظ في الأساس، فإن العقد الأخير قد شهد تغيرا جذريا في المجتمع وأصبح من الطبيعي والمستساغ أن ترى سيدة تعيش بمفردها أو من دون زوج. ولم يعد عيش المرأة بمفردها بمثابة وصمة عار بالنسبة لها، كما كان الحال من قبل، وأصبح هناك تطور كبير في ما يتعلق بمسألة التفرقة بين الجنسين والحداثة في المجتمع الهندي.

وتقول أفياتا كالا، وهي صاحبة رواية «شبه عزباء»: «تعد هذه الرواية انعكاسا لما يحدث في الوقت الحالي، وتهدف إلى إظهار أن النساء غير المتزوجات قد أصبح لهن وجود في المجتمع». وأضافت كالا أن الأدب الحديث أصبح يصور السيدة غير المتزوجة بصورة أكثر انفتاحا بعدما كان من الصعب تصوير السيدة غير المتزوجة على أنها سعيدة. واستطردت كالا في حديثها قائلة: «عندما أردت نشر هذه الرواية، كانت دور النشر ترى أنها لن تحقق نجاحا في المجتمع الهندي، ولكنها قد حققت نجاحا كبيرا».

وتكون المرأة في العشرينات من عمرها عزباء باختيارها ووفقا لإرادتها، أما عندما تصل للثلاثينات فإنها تبحث عن علاقة، ولكنها تكون مستقرة أيضا من دون تلك العلاقة. وعندما تصل السيدات إلى أواخر الثلاثينات والأربعينات فغالبا ما يتحولن إلى مطلقات بعد علاقات «غير جديرة بالثقة»، أما السيدات اللاتي وصلن إلى الخمسينات فيكن سعيدات بوضعهن وأعمالهن المستقرة.

وكان المعهد الدولي للدراسات السكانية في مومباي قد أجرى دراسة عام 2001 تظهر أن السيدات غير المتزوجات في الفئة العمرية بين 20 و49 عاما يشكلن 11.6 في المائة من إجمالي عدد السكان، وهو ما يعني وجود 20.42 مليون سيدة غير متزوجة في تلك الفئة العمرية في الهند، أما الجزء الأكبر من السيدات غير المتزوجات فيقع في الفئة العمرية بين 45 و49 عاما، التي تضم 2.9 مليون سيدة غير متزوجة أو منفصلة أو مطلقة، وهو ما يشكل 13 في المائة من إجمالي عدد السكان في تلك الفئة. وعلى الجانب الآخر، فإن الرجال غير المتزوجين أو المنفصلين أو المطلقين في تلك الفئة العمرية يشكلون 4.5 في المائة فقط.

وتقول فينيتا توماس، وهي سيدة عاملة وغير متزوجة في الثانية والثلاثين من عمرها، إنها لا تعارض فكرة الزواج تماما، وتضيف: «في الواقع، أنا لا أؤمن بفكرة الزواج لمجرد الزواج».

ويقول كولبيد كول، وهو عالم اجتماع وطبيب نفسي: «يرى كبار السن في مجتمعنا أن عدم زواج المرأة يعني أنها تعيش في عزلة من دون رفيق، وعلى العكس من ذلك تماما ترى الكثير من السيدات اليوم أن العيش من دون زواج له مميزات كبيرة، حيث أصبحت الأولوية للسيدة الهندية الآن تكمن في بناء مستقبلها وشراء منزل خاص بها وسيارة خاصة والاستمتاع بالكثير من الأشياء والرفاهيات التي لم تكن لتحصل عليها في حالة الزواج. إن العيش بطريقة مستقلة من دون الخضوع لرغبات الزوج ومتطلبات عمله قد أعطى السيدات غير المتزوجات سعادة كبيرة بكونهن غير متزوجات».

وعلاوة على ذلك، تأثرت الهنديات في الوقت الحالي بنجمات السينما الهندية، وخير دليل على ذلك هو أن ملكة جمال الكون السابقة ونجمة بوليوود سوشميتا سين (37 عاما) هي أم عزباء، وقد تبنت طفلة تسمى رينيه. وفي عام 2010 تبنت طفلة تبلغ من العمر 3 أشهر تدعى إليسا. وقد تم إنتاج أفلام كثيرة تركز على هذا الأمر، مثل فيلم «كاهاني» للنجمة فيديا بالان، وفيلم «أيك مين أور أيك تو» للنجمة الهندية كارينا كابور، وفيلم النجمة بريانكا شوبرا «7 خون ماف» التي تبحث من خلاله عن الرجل المثالي من خلال 7 أزواج، وهو ما يعكس التطور الكبير الذي طرأ على حياة المرأة الهندية في الآونة الأخيرة، كما اختفت صورة المرأة التقليدية في المجتمع الهندي.

وتقول ديلهيت كيرين فاس (25 عاما)، التي تقوم بإدارة موقع إلكتروني لتصميم الجواهر يدعى «فونكاناتومي»: «في الطبقة فوق المتوسطة التي أنتمي إليها، عادة ما يقوم الآباء والأصدقاء من الرجال بالأعمال (الرجالية) مثل إصلاح كاسيت السيارة أو تغيير إطار السيارة، ولكني أقوم بكل تلك الأعمال بنفسي، ولا أهتم كثيرا بنظرة الرجال إلي وأنا أقوم بتلك الأعمال».

وعلاوة على ذلك، أصبح هناك تيار متزايد لما يسمى «الأم العزباء» في جميع أنحاء المجتمع الهندي. وفي مدن مثل تشانديجارف وبنغالور ودلهي وحيدر آباد ومومباي، أصبح هناك زيادة كبيرة في أعداد الأمهات العزباوات، وأصبح المجتمع يتقبلهن بصورة كبيرة، بل ويعجب بهن أيضا. وثمة قاسم مشترك بينهن، وهو أنهن جميعا حاصلات على شهادات جامعية ومتفوقات في أعمالهن.

وفي إحدى عيادات العقم، كانت هناك زائرة غير عادية تدعى شاشا باراشار، التي كانت على موعد مع طبيب متخصص في أطفال الأنابيب يدعى أنيرودها مالباني. وتبلغ باراشار من العمر 34 عاما ولديها من الجمال ما يمكنها لأن تجذب انتباه أي رجل للزواج، ولكنها ليست في عجلة من أمرها. وربما لو كانت باراشار تزوجت لأنجبت بطريقة طبيعية، ولم تكن لتلجأ لأطفال الأنابيب. وعن ذلك يقول مالباني: «كانت باراشار مشغولة للغاية بدراستها الأكاديمية، وقد حصلت في الآونة الأخيرة على شهادة الدكتوراه، ولم تجد الرجل الذي تشعر بأنها ستستقر معه، ورأت أنه لا يتعين عليها الانتظار أكثر من ذلك حتى يكون لديها عائلة ولذا توجهت لأطفال الأنابيب».

وكان مالباني يعتقد أن باراشار بمثابة حالة استثنائية، إلى أن قابل جاسمين دينغرا، وهي مصرفية ناجحة تبلغ من العمر 33 عاما ولديها علاقة فاشلة.

واعترفت ريشما ديلون باي، وهي استشارية أمراض نساء، بأنها قد قابلت حالات من هذه النوعية بصورة أكبر خلال الـ5 سنوات الأخيرة من عملها كطبيبة، الذي يمتد على مدى عقدين من الزمان، وأضافت: «لم تعد المرأة مستعدة للتنازل بعد الآن، بمعنى أنه إذا لم تجد الشخص المناسب لها، فإنها لن توافق على الارتباط بأي شخص لمجرد الزواج. ولكن لأنها لديها عاطفة طبيعية للأمومة، فإنها تلجأ إلى المساعدة الطبية».

واتجه عدد كبير من السيدات للتبني، ومن بينهن شارو شارما، وهي عالمة تبلغ من العمر 40 عاما، وسوما راي، التي تعمل في المعهد الهندي للعلوم الطبية وحاصلة على شهادة لاحقة لشهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة، وعادت إلى الهند لكي تتبنى أحد الأطفال.

ومع ذلك، تواجه الأم العزباء تحديات وصعوبات كبيرة في المجتمع الهندي، حيث صرحت راي بأنها واجهت صعوبة كبيرة في استخراج جواز سفر لابنتها بالتبني، على الرغم من عدم وجود قواعد تمنع ذلك. وواجهت شارما صعوبة كبيرة في إلحاق ابنتها بالمدرسة، وتقول: «على الرغم من أنني قد أخبرتهم بأنني قد تبنيت تلك الطفلة، فإنهم أصروا على معرفة اسم الوالد ونظروا إلي نظرة غريبة، أما المدرسة الوحيدة التي وافقت في النهاية على قبول ابنتي بها فقامت بحذف خانة اسم الأب من الكشوف، حيث إن ابنتي تحمل اسمي».

وتفضل الكثير من السيدات تلك الصعوبات على مشكلات الزواج. وتقول الباحثة الاجتماعية شيف فيسفاناثان المقيمة في دلهي، التي تتوقع أن يزداد معدل الأمهات العزباوات على مدار الـ20 عاما القادمة: «دعونا نواجه ذلك، الرجال مملين للغاية، ولم يتواكبوا مع ظروف المرأة. لقد تغيرت المرأة الهندية بفضل التعليم والاحترافية والتحرك والسفر، وتغير المجتمع أيضا، ولم تعد وصمة العار تصاحب المرأة. السيدة العزباء تواجه صعوبات أكثر، ولكنها تحظى بالدعم أيضا».

وتتفق الناشطة الاجتماعية كاملا باسين مع تلك الرؤية، وترى أن هذا صحيح في المناطق الحضرية، وسينقل قريبا إلى المناطق الريفية الأكثر فقرا، وأضافت: «لم يكن بإمكان والدتي أن تظل بدون زواج، ولكن لو لم تجد ابنتي الرجل المناسب لها الذي يحفظ لها كرامتها، فسوف أساندها أنا، كأم، إذا قررت عدم الزواج».

وتماشيا مع حالة قبول المجتمع الهندي لها بشكل كبير، أصبحت المرأة العزباء تحصل على دعم وتشجيع كبير من الناحية العملية، حيث خصصت شركات التأمين برامج محددة للأم العزباء تكون فيها أقساط التأمين أقل من البرامج الأخرى، كما تشجع المصارف الأم العزباء على فتح حسابات مصرفية، كما ظهرت أيضا الشقق المكونة من حجرة واحدة والمعروفة بـ«الاستوديو» والمخصصة للأم العزباء التي تعيش بمفردها.