اللبنانيون يستخدمون الإنترنت ووسط بيروت للسخرية من أنفسهم

إثر الأحداث الأخيرة التي عمت لبنان

تحرك شبابي اعتصم وسط بيروت وبالتحديد في ساحة الشهداء تحت عنوان «لا للحرب» (ا.ف.ب)
TT

لم تجد شريحة من الشباب اللبناني المغرد عبر موقع «تويتر» الإلكتروني والمتواصلة مع بعضها البعض عبر صفحات «فيس بوك» وخدمة «الواتس أب» الخلوية سوى اللجوء إلى الكوميديا السوداء للتعبير عن غضبها مما جرى من أحداث أخيرة في لبنان أعادت إلى الأذهان ذكريات مريرة لحرب طويلة سبق أن عاشها أهاليهم لسنوات طويلة (من عام 1975 إلى عام 1991) والتي لم يشفوا حتى اليوم من جراحها. فبأسلوب ساخر فيه الكثير من العفوية والخيبة وانتقاد للذات أخذت شريحة من الشباب اللبناني على عاتقها مسؤولية توعية اللبنانيين عامة من مغبة انجرارهم وراء الفتن والنعرات السياسية والدينية على طريقتها مستعملة عبارات وجملا ذات وقع طريف ولكن بمضمون عميق أرادوها رسائل مباشرة لزملائهم الشباب في أي موقع يشغلونه ليرفضوا أي مظهر من مظاهر الحرب مهما كانت الأسباب والدوافع لها.

«نحنا مش جيل حرب ما عشنا الحرب ولا بدنا نعيشها.. كفانا بروفات حروب على أراضينا.. نعم لزراعة العنب لا لزراعة الفتن.. سلاحنا السلام في وجه سلاح الانقسام.. نعم لنزع السلاح الفردي.. ما بدنا ولادنا يخافوا من صوت الرعد والفرقيع».. هي نموذج من الشعارات التي رفعها تحرك شبابي اعتصم وسط بيروت، وبالتحديد في ساحة الشهداء تحت عنوان «لا للحرب» دعت إليه الناشطة الاجتماعية جيسيكا عبيد عبر موقع «تويتر» كوقفة حضارية تدعو لوقف العنف والركون إلى السلم. الصمت كان سيد التحرك إذ عم الهدوء والسكينة أجواء الاعتصام فوقف المشاركون فيه يحملون اللافتات التي تترجم أفكارهم السلمية لمدة ساعة كاملة فكان وقعه أقوى من الصراخ الذي عادة ما يسيطر على هذا النوع من التجمعات.

أما العبارات التي استخدمت في أحاديث متبادلة بين المغردين على حساباتهم الخاصة عبر موقع «تويتر» أو المتواصلين مع بعضهم البعض عبر «فيس بوك» فقد عززتها النزعة الكوميدية الساخرة بامتياز فتضمنت جملا تقول مثلا: «عرفتوا انو نادين لبكي بصدد تصوير الجزء الثاني من فيلمها (هلأ لوين) لأن اللبنانيين لم يفهموا الجزء الأول منه»، قاصدين بذلك فحوى الرسالة التي أرادت المخرجة اللبنانية إيصالها لأهل بلدها من خلال الفيلم الذي تدعو فيه إلى نبذ النعرات الطائفية وعلى الرغم من ذلك لم يستوعبوا معناه وانجروا مع أول شرارة أحداث ميدانية شهدتها بلادهم. وكذلك بالنسبة لعبارة تقول: «لبنان مقفل بسبب تغيير الديكور»، أو «تك تك تك يا أم سليمان.. تك تك تك البلد ولعان.. تك تك تك كنا بسوريا.. تك تك تك صرنا بلبنان» (مستعيرين كلام أغنية لفيروز)، أو العبارة التي تبرز مدى تدهور الوضع الميداني والتي تقول: «بعد في طريق الصالون إلى المطبخ عندنا في البيت ما قطعوها»، وأخرى تقول: «كلنا للوطن أو على الوطن».

نجوم الإعلام والفن شاركوا بدورهم في هذا النوع من التواصل الإلكتروني فكتبت الإعلامية منى أبو حمزة على صفحتها الخاصة بـ«فيس بوك» تقول: «كل واحد منا بإمكانه أن يثير النعرات وكل واحد منا ممكن يستوعب ويطفي الفتنة.. ما فيهن يعملوا حرب بدون ناس ونحنا الناس». أما الفنانة إليسا فغردت على حسابها عبر «تويتر» تقول: «انتبهوا على لبنان بالمحبة والوحدة فقط ننتصر على الحرب». أما الفنانة هيفاء وهبي فكانت تغريدتها بسيطة ومؤثرة قالت فيها: «الله يحمي هالبلد وأهله ما النا غير بلدنا لبنان». عاصي الحلاني من جهته سارع وصور أغنية بعنوان «بيروت» من إخراج عادل سرحان يقول مطلعها «لولا غبتي الأرض بتبكي غيرك مين بيحمل همي»، وهي من تأليف مارسال مدور، ومن ألحان عاصي نفسه الذي أرادها دعوة إلى اللبنانيين للتكاتف والتضامن وتذكيرا لما عانت منه بيروت من جراء الحرب، فاستخدم المخرج فيها مشاهد من المعارك التي شهدتها بيروت أثناء الحرب في السنوات الماضية لإدراك خطورة الوضع وعدم الانزلاق إلى المجهول.

أما إشعال الإطارات الذي انتشر بشكل ملحوظ في الفترة التي شهدت توترا للأوضاع الميدانية في المناطق اللبنانية فكان له الحصة الأكبر من هذه الحملة وبمقدمها التصميم الغرافيكي الجديد الذي قام به أحد الشبان لموقع «غوغل» الإلكتروني إذ تصدره العلم اللبناني وفي وسطه إطار بدل أرزة لبنان وقد كتب عليه «حلم كل طائفة في البلد». بينما تم التداول بطرائف حول الموضوع عبر خدمة «الواتس أب» الخلوية وتقول إحداها: «مثل لبناني جديد (دولاب بالايد ولا أربعة بالسيارة)»، وثانية تتضمن ما يلي: «يقضي برنامج حرق الإطارات إلى توزيعه على الشكل التالي: الاثنين لطائفة السنة والثلاثاء لطائفة الشيعة والأربعاء للدروز، أما الخميس فهو للموارنة والجمعة للسلفيين والسبت للأقليات والأحد خاص بحفلة مشاوي مشتركة فيما بينهم».