«الملكة: فن وصورة» بمعرض الصور الشخصية الوطني بلندن

بمناسبة اليوبيل الماسي

الملكة إليزابيث بعدسة دوروثي وايلد، 1952 (ويليام وجورجينا هاسلر - ناشيونال بورتريه غاليري) و صورة من عمل كريس ليفين (كيفن بيرك وبيرك برايفيت كوليكشن)
TT

افتتح معرض يضم رسومات وصورا ورسوما كاريكاتيرية ساخرة لستة عقود من الزمان بعنوان «الملكة: فن وصورة»، بمعرض الصور الشخصية الوطني بالعاصمة البريطانية لندن، في إطار احتفالات اليوبيل الماسي لتولي الملكة إليزابيث العرش هذا العام.

وقالت مديرة المعرض ساندي نارين «يجب نشر هذه اللوحات المتعددة في جميع أنحاء البلاد». وزار هذا المعرض المتنقل كل المتاحف الحكومية الأخرى في المملكة المتحدة، وهي مجمع الصور الوطني في ادنبرة باسكوتلندا؛ والمتحف الوطني بشمال آيرلندا بمدينة بلفاست؛ والمتحف الوطني بكارديف.

ووصل المعرض الآن لمحطته الأخيرة في العاصمة البريطانية لندن. ومن ضمن الصور التي التقطت على مدار الأعوام الستين الماضية والمشاركة في المعرض، صورة للملكة مع زوجها، دوق ادنبرة، التقطت عام 2011.

وبما أن انتشار صور الملكة في جميع أنحاء المملكة المتحدة ليس بجديد، فإن المعرض يوضح التسلسل الزمني والموقف الذي تم التقاط الصورة فيه، ويلقي الضوء على الشهرة والملكية والتاريخ والجمهور والأمة وهكذا، منذ الخمسينات من القرن الماضي. وتقول نارين «يظهر العنصر الملكي في صور الملكة المعروضة هنا، لكن يزداد الاهتمام بالظروف المحيطة بالصورة ومسارها عبر الزمن وعرضها ورد فعل الجمهور نحو الملكة والملكية والرموز العامة والأفكار الخاصة بالوطنية ككل».

ويعد المعرض بمثابة أرشيف لتاريخ هذا الرمز الوطني والعالمي، ومرور 60 عاما على اعتلاء الملكة للعرش. وفي كل عقد من الزمان تظهر تفاصيل تاريخية بارزة، كما تظهر الحركات الفنية والاستراتيجيات الإعلامية في كيفية تقديم الملكة للجمهور. ومن ضمن أشهر الفنانين الذين يقدمون أعمالا في المعرض أندي وارهول، ولوسيان فرويد، وأني ليبوفيتز، وجيرارد ريشتر، وآخرون. وبعيدا عن صور الملكة لا يزال دور التكنولوجيا في تلك اللوحات العظيمة قابلا للنقد.

ومن أقدم الصور المعروضة الصورة التي تظهر فيها إليزابيث الثانية كملكة، والتي تعود لعام 1952. وقال بول مورهاوس، المشرف على لوحات القرن العشرين بمعرض الصور الشخصية الوطني «إنها ليست صورة رسمية ولا لوحة، لكنها صورة ظهرت في إحدى الصحف». وتظهر الصورة التي التقطت للملكة بالأبيض والأسود وصول الملكة إلى مطار لندن، حيث تم إخبارها بموت والدها، الملك جورج السادس، بينما كانت في رحلة إلى كينيا مع الأمير فيليب، وأنها قد أصبحت ملكة دول الكومنولث منذ ذلك الحين.

وفي إطار تفخيم الملكة، تشارك لوحتان ملكيتان رسمهما فنان اللوحات الشخصية ولوحات الزيت الإيطالي بياترو أنيغوني، ويتم عرضهما في المعرض معا للمرة الأولى منذ 26 عاما. وتعد هاتان اللوحتان الواضحتان للغاية، اللتان يتم عرضهما جنبا إلى جنب، من أكثر اللوحات تشويقا، لأنهما تصوران الملكة في حالتين مزاجيتين مختلفتين. وتظهر الملكة في اللوحة الأولى، التي تعود لعام 1955، وحيدة ومستغرقة في التفكير، بينما تبدو في الثانية، التي رسمها أنيغوني عام 1969، كشخصية ناضجة وصارمة ومسؤولة. وتظهر الملكة في كلتا اللوحتين كسيدة من النبلاء ترتدي الرداء الملكي وتتمتع بخلفية بريطانية عريقة.

وخلال فترة الستينات من القرن الماضي، أصبحت الصور أقل رسمية. وعن ذلك يقول مورهاوس «أصبح الناس متشككين في الطبقة الاجتماعية والثروة، حيث انهار التدرج الطبقي القديم وأصبحت الملكة أكثر تواضعا، بطريقة تعكس تميز الملكة من جهة وتواضعها من جهة أخرى».

ويصور فن الرسم في هذا العقد وجهة نظر أقل رسمية وتغييرا جذريا في وجهات نظر الجمهور العام. وفي هذا الإطار الزمني نرى صورا للملكة كأم وكزوجة، حيث تجلس مع أسرتها أثناء تناول الإفطار وأثناء مذاكرة أبنائها. وفي فبراير (شباط) عام 1969، أنجبت الملكة طفلها الثالث، الأمير أندرو، وأصبحت الصورة الأبيض والأسود التي التقطها المصور الملكي سيسيل بيتون للملكة وهي تحتضن طفلها الرضيع بين ذراعيها واحدة من أكثر الصور دفئا في تصوير الملكة. ومع ذلك، لم يلتفت أحد إلى صورة الملكة إلا بعد الثمانينات، حيث بدأ الناس في طرح أسئلة بخصوصها، وبخصوص دورها، وماذا تعني الصورة لجيل جديد ناشئ.

وفي الوقت نفسه، تغيرت صورة الملكية مع الشخصيات الشابة في العائلة الملكية، والمثال الأميرة ديانا، فمنذ زفافها على الأمير تشارلز الذي غطته وسائل الإعلام بشكل مبالغ فيه عام 1981 وحتى وفاتها غير المتوقعة في حادث سيارة بباريس عام 1997، كانت ديانا رمزا للصورة الجديدة للملكية، وهي صورة لم تجد الملكة خيارا آخر غير اتباعها.

وأدت وفاة الأميرة ديانا إلى حدوث تحول كبير في صورة الملكية، خاصة من حيث الثقة والسلطة. وللأسف فشل رد فعل الملكة البطيء والبارد على وفاة ديانا التي كانت تتمتع بحب الجماهير في منع تحول تقدير الجماهير لها. وتجلى هذا الشعور الجماهيري في لوحة فنان كوري يدعى كيم دونغ يو، والذي رسم لوحة شخصية للملكة عام 2007 تتكون من 1106 صور صغيرة من صور الأميرة ديانا باللونين الأبيض والأحمر. وقد تم رسم هذه اللوحة بعد موت الأميرة ديانا بعشر سنوات. وينتهي المعرض بإعادة الملكية والاعتماد على تجربة التكنولوجيا المعاصرة.

وتعيد لوحات آني ليبوفيتز، التي تعود لعام 2007، الاحترام مجددا لصورة الملكة ووضعها في حالة متفردة، كالتي تشير إليها لوحات أنيغوني في فترة ما بين الخمسينات والستينات. وتتميز لوحات الفنانين بأنها مجسمة، حيث يشعر المشاهد بأن باستطاعته لمس الملكة. ويضم المعرض لوحة للفنان كريس لوفين بعنوان «سعادة الوجود»، وتقدم مفهوما جديدا لفن اللوحات الملكية، كما تقدم مفهوما لعصر التكنولوجيا الحديثة في فن الفوتوغرافيا.

وعلى الرغم من أن اللوحات الجديدة لا تزال ترسم بتكليف من الملكة، فإنه من الواضح أن صور الملكة لن تخلو دائما من بعض التوترات والتجاذبات. وعلى الرغم من أن دور الإعلام لا يزال مهما للغاية في استراتيجية العائلة المالكة، فإن الاتجاهات تتغير بصورة كبيرة في عالم اليوم، حيث تعج الصحافة اليومية بصور زوجة الملك القادم ودوقة كمبردج المحبوبة كاثرين التي أصبح دورها، سواء في مجال الأزياء أو بصفتها الشخصية، بمثابة نقطة الوصل بين الجمهور والأسرة المالكة. ويركز هذا المعرض بكل دقة على التحول التاريخي في ما يمكن النظر إليه على أنه الملكية الكلاسيكية في صورة النظام الملكي البريطاني.

وسوف يتم عرض «الملكة: فن وصورة» في معرض الصور الوطني بلندن حتى الحادي والعشرين من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2012.