كرة القدم والشوكولاته السائلة.. مقهى «الآباء» في برلين

يفضله الرجال وتبتعد عنه النساء

TT

يترادف اسم حي «برنتسلاور برغ» في العاصمة الألمانية في أذهان كثير من سكان المدينة مع الأمهات الشابات. فهناك مقاه خاصة للأمهات يلتقين فيها ويتبادلن أطراف الحديث. لكن ماذا عن آباء برلين؟

حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، فقد وجد الآباء الألمان ملاذا لهم في مقهى «بابا لادين» الذي يديره «فيترتسنتروم برلين» (مركز الآباء في برلين)، الذي يوفر المساعدة ويسدي النصح لآباء الأطفال الصغار، ويوفر مساحة لهم للاجتماع وتبادل الأفكار. كما يمكنهم أيضا التسجيل لحضور دورات مع أطفالهم، ولاكتساب معلومات عن التغذية أو التخطيط لرحلة معا.

ويقول إبرهارد شيفر من «فيترتسنتروم» لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الوقت حان لافتتاح شيء مثل «بابا لادين». وأضاف أن «كل شيء يستهدف العائلة يستثني الآباء»، لكن في «بابا لادين» العلاقة بين الأب والطفل تكون محور التركيز. والمبدأ الموجه وراء «بابا لادين» هو أن دور الأب مساو في الأهمية لدور الأم.

ويقع «بابا لادين» في المساحات الخالية بمركز «فيترتسنتروم». وفي كل أيام السبت يوجد نحو عشرة آباء أو أكثر، يلعبون مع أبنائهم ويقرأون الصحف أو يتبادلون أطراف الحديث مع آباء آخرين. وتضفي ألعاب كرة القدم والطاولة ومكعبات «ليغو» ومسارات سيارات السباق جوا من الترفيه. وإذا شعر أي شخص بالجوع يمكنه تناول الغذاء الذي يوفره المقهى.

ويزور روبرت أوم المكان للمرة الأولى مع ابنته يوهانا (13 عاما). وخلال لعبها مع أطفال آخرين، يستغل والدها الوقت في الحديث. ويعتقد أوم أن «بابا لادين» يسهم في تعزيز المساواة. وانفصل أوم عن أم يوهانا، لكنهما لا تزال تجمعهما علاقة طيبة. وقد زار «فيترتسنتروم» بعد الانفصال للحصول على نصائح. وقال (37 عاما) «نتعرض للتمييز ضدنا لأنه ليس لدينا نفس الحقوق مثل الأمهات».

أما كريستوف ديمكه فقد اعتاد على زيارة المكان على مدار السنوات الثلاث الماضية مع ابنيه توم (أربع سنوات) وتامو (عامين). ويقول أستاذ العلوم الإدارية وهو يضحك إن «زوجتي تسعد عندما تنزلني من السيارة هنا». ويشعر الأستاذ الجامعي (47 عاما) بالسعادة لأن لديه الفرصة للحديث مع آباء آخرين بشأن كرة القدم، وهي التي تغيب عن المقاهي التي تتناسب مع الأمهات والتي يغيب عنها الرجال، ويؤكد ذلك ديمكه بقوله «يمكننا مشاهدة مباريات الدوري الألماني هنا».

ويشعر ديمكه بالراحة في المركز، لكنه يعرف آباء لم يفكروا أبدا في الحضور إلى هنا. ويعتبر بعض الأشخاص أن المكان هو «مكان للضعفاء»، بينما يخشى آخرون من أن يوصفوا بأنهم آباء غير أكفاء. وسيفضل كثيرون فعل أشياء خاصة بهم على الالتقاء بآباء آخرين.

وبالنسبة لمارك شولته، العامل في «فيترتسنتروم»، فإنه من المهم للغاية أن «بابا لادين» هو مكان لدحض الأحكام المسبقة. ويعتقد أن الجيل الحالي من الآباء لديه الفرصة لأن يعيشوا بشكل كامل دورهم كآباء. لكن العامل في مجال الخدمة الاجتماعية يعتقد أيضا أن كثيرا من الآباء يشعرون بانعدام الأمن.

ويحتاج الآباء المنفصلون حديثا بشدة إلى مكان يجدون فيه الدعم. ويوفر «فيترتسنتروم» النصح للآباء منذ عام 2007. وقال شولته إنه «من المهم للغاية وجود مكان، حيث يعرف الآباء أنهم سيجدون من يصغي إليهم». ويشير شولته إلى أن «فيترتسنتروم» لا يرى نفسه على أنه منظمة توفر نصائح قانونية للآباء، لكنها تهتم بصورة أكبر بتعزيز دورهم في الأسرة. كما يوفر المركز أيضا نصائح ومعلومات بشأن المسؤوليات التي يجب أن يضطلع الآباء بها.

وفي واقع الأمر، فإن «بابا لادين» هو مكان للأسرة بأكملها، حيث يرحب فيه أيضا باستقبال الأمهات. وكاترينا فلايغ (29 عاما) هي «بديل» عن الأب فرانز، وتوجد هنا مع ابنتها «آني»، وتقول «أعتقد أن مستوى تحمل الآباء للحضور إلى هنا بمفردهم مع أطفالهم منخفض». وتقدر المناخ «الجامح» في بابا لادين مقارنة ببعض المقاهي المتناسبة مع الأمهات، حيث تعتبر تربية الأطفال علما في حد ذاته.

وواجه مارك شولته هذا الأمر عدة مرات قبل هذا. فبعض الآباء - وبصورة خاصة أطفالهم - يكونون سعداء للغاية لأنهم يمكنهم في «بابا لادين» تناول ما يمكن أن تعتبره بعض الأمهات طعاما «ضارا بالصحة» مثل الشوكولاته السائلة.