فيلم يخاطب كبار السن ويحقق أعلى الإيرادات في السينما الأميركية

شركات الإنتاج تلتفت لفئة المتقاعدين

جودي دينش
TT

عندما تصل ميزانية فيلم في هوليود إلى 10 ملايين دولار ويحقق أرباحا تصل إلى 100 مليون دولار، فإنه يجذب كل الأنظار ويصبح مثار حديث الجميع، ولكن الشيء المثير للدهشة حقا هو أن يجذب فيلم من بطولة نجوم في السبعينات من عمرهم ويستهدف من هم فوق الخمسين، كل الأنظار.

والحقيقة هي أن كبار السن سوف يذهبون إلى السينما إذا ما قدمنا لهم محتوى جيدا، علاوة على وجود أبطال خارقين ومؤثرات خاصة. والشيء المثير للدهشة حقا هو أن فيلم «ماريجولد أفضل فندق مثير»، وهو فيلم كوميدي تدور أحداثه حول مجموعة من البريطانيين المتقاعدين الذين يبحثون عن الراحة والسلام في فترة تقاعدهم وينتقلون إلى العيش في الهند، قد حقق إيرادات تصل إلى 88.8 مليون دولار في شباك التذاكر حتى الآن منها إيرادات تصل لنحو 9.3 مليون دولار في شمال الولايات المتحدة منذ افتتاح الفيلم بشكل متواضع في الرابع من مايو (أيار)، ليعتلي هذا الفيلم قائمة الإيرادات خلال العام الحالي، متفوقا بذلك على فيلم «صيد السالمون في اليمن». ونتيجة للإيرادات الضخمة للفيلم، تقوم الشركة المنتجة «فوكس سيرشلايت» بعرضه في الكثير من المدن. وسيتم عرض الفيلم، وهو بطولة جودي دينش وماجي سميث (كل منهما في عامه السابع والسبعين) في نحو 1230 دور عرض خلال عطلة يوم الذكرى، التي دائما ما تكون واحدة من أكثر المناسبات التي يتم فيها ارتفاع أعداد مرتادي السينما بشكل كبير خلال العام، مقابل نحو 354 دور عرض الأسبوع الماضي. ومن جهتها، قالت شركة «بوكس أوفيس أناليست» في مدينة كانساس بولاية ميسوري إن الفيلم قد يتم عرضه حتى شهر يوليو (تموز)، وقادر على تحقيق نحو 30 مليون دولار، أو أكثر في أميركا الشمالية وحدها، حتى نهاية العرض.

وقال رئيس الشركة دوغ ستون: «إنها مسألة عرض وطلب. ثمة مواضيع قليلة للغاية تروق لكبار السن، ولن يهرعوا ويهرولوا لمشاهدة فيلم (يوميات تشرنوبيل)، على سبيل المثال».

وكان رد فعل الجمهور على الفيلم رائعا - وكان رد فعل النقاد قويا ولكن لا يرقى لرد فعل الجمهور - وهو ما منح استوديو «سيرشلايت» الثقة وجعله يشعر بأنه يسير في الطريق الصحيح. وقد ركز الاستوديو، الذي يعد جزءا من شركة «20 سنشري فوكس» التابعة لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»، ركز على الفئة التي دائما ما يتجاهلها صناع السينما، وهي كبار السن. وعلاوة على ذلك، يعد الفيلم مثالا واضحا على الفلسفة العامة التي يتبعها استوديو «سيرشلايت»، والتي تستهدف فئة بعينها، وهي الفلسفة التي تسمح بترشيد النفقات والحصول على عائد كبير للغاية، في حال نجاحها.

ويقول ستيفن غيلولا، وهو رئيس استوديو «سيرشلايت»: «شعرنا بأنها رواية رائعة، ولكننا كنا مدركين أيضا لحقيقة وجود مجموعة كبيرة من المشاهدين كبار السن الذين لا يتم التركيز عليهم. إن رد الفعل الرائع على الفيلم، الذي فاق كل توقعاتنا، يثبت مرة أخرى أن هناك شرائح متعددة من جمهور السينما». وقد برز فيلم «مارجولد أفضل فندق مثير»، وهو من إخراج جون مادين، الذي أخرج أيضا فيلم «شكسبير عاشقا»، لسبب آخر، ففي ضوء الأعداد الهائلة من الأفلام التي تجسد شخصيات خيالية، مثل «الرجل العنكبوت»، و«البارجة»، و«مدغشقر 3»، أصبح هناك نقص حاد في الأفلام التي تعتمد على الحياة الواقعية، وأصبحت الشخصيات الحقيقية في المواقف الحقيقية وكأنها مواضيع لا تجذب انتباه المشاهدين.

ويقول غيلولا: «هناك إقبال كبير على الفيلم، وليس من جانب كبار السن فقط، ويعود السبب في ذلك إلى الاشتياق إلى المواضيع البعيدة عن الخيال».

ولم يستهدف صناع السينما في هوليوود كبار السن بنفس القدر الذي يتم في صناعة السينما في أماكن أخرى، وربما يعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى أن الأميركيين فوق الخمسين لا يفضلون الخروج في عطلات نهاية الأسبوع، ولذا يركز صناع السينما على الفئات العمرية الأقل. يذكر أن مرتادي السينما في الفئة العمرية الأقل من خمسين عاما (وهي الفئة التي تشمل نحو 67 في المائة من إجمالي عدد سكان الولايات المتحدة) قاموا بشراء 77 في المائة من تذاكر السينما خلال العام الماضي، مقارنة بـ23 في المائة لمن هم فوق سن الخمسين (وهي الفئة التي تشكل 33 في المائة من المجتمع الأميركي)، وفقا للبيانات الصادرة عن جمعية الفيلم الأميركي.

ويميل المشاهدون صغار السن إلى مشاهدة الأفلام التقليدية التي تنتجها شركات الإنتاج. وتعليقا علي هذه النقطة، يقول ستون: «إذا كنت في الأربعينات أو الخمسينات من عمرك أو أكبر من ذلك، فستكون بالطبع قد شاهدت كثيرا من الأفلام في حياتك، ولذا سوف تبحث عن الأشياء الجديدة وغير التقليدية، التي لم تشاهدها من قبل».

ومع ذلك، كانت فئة مرتادي السينما بانتظام - وهو التعريف الذي يطلق على من يذهب للسينما مرة في الشهر أو أكثر - أكبر سنا في عام 2011 مقارنة بالعام السابق، وفقا لتقرير صادر في الآونة الأخيرة من جمعية الفيلم الأميركي، حيث ضمت هذه الفئة نحو 20.2 مليون شخص في الفئة العمرية، التي تتجاوز 25 عاما خلال العام الماضي، بارتفاع يبلغ 9 في المائة عن عام 2010. وعلى الجانب الآخر، ذهب 14.8 مليون شخص إلى السينما بانتظام العام الماضي في الفئة العمرية بين عامين و24 عاما، بانخفاض بلغ 11 في المائة مقارنة بالعام السابق.

وقد أدرك صناع السينما في هوليوود جيدا أن نحو 78 مليون أميركي ممن ولدوا خلال الفترة التي شهدت طفرة رهيبة في أعداد المواليد قد أصبحوا على وشك الدخول في سن التقاعد تقريبا، ولذا سيكون لديهم وقت كبير يريدون استغلاله وسيفضلون الذهاب إلى السينما. وبينما يبذل صناع السينما قصارى جهدهم للترويج للأفلام على شبكات التواصل الاجتماعي والمدونات، فإنهم أيضا يفكرون بشكل كبير في كبار السن والمتقاعدين، ولذا يقومون بإنتاج بعض الأفلام التي تستهدف هذه الفئة. وقامت استوديوهات «ديزني» و«دريم وركس»، على سبيل المثال، بعرض مشاهد خلال العام الماضي في أوساط المتقاعدين في إطار برنامج للتوعية. وركزت شركة «فوكس سيرشلايت» على المناطق التي تضم عددا كبيرا من المتقاعدين في ولاية أريزونا، وولاية فلوريدا، في إطار حملتها للترويج لفيلم «مارجولد أفضل فندق مثير». وشهدت بعض دور العرض في هذه المناطق مبيعات مرتفعة للتذاكر لمشاهدة هذا الفيلم الذي يقوم ببطولته جودي دينش وماجي سميث وزملاؤهم في العمل، توم ويلكينسون (64 عاما)، وبيل نايي (62 عاما)، وبينيلوب ويلتون (65 عاما)، بصورة أفضل من الإقبال على فيلم «أعجوبة المنتقمين». وقالت لورا ريسنيك، وهي مديرة سينما «بلاذا فرونتيناك» في ضواحي مدينة سانت لويس: «ربما يشعر البعض بالدهشة من نجاح هذا الفيلم، ولكن هذا النجاح لم يكن مفاجئا بالنسبة لنا، فعندما يتناول أي فيلم قصة تستحق المشاهدة، يذهب الناس لمشاهدتها على الفور».

* خدمة «نيويورك تايمز»