بريطانيا تحتفل بملكتها بالأعلام وحفلات الشوارع

الاحتفالات باليوبيل الماسي تطغى على الأزمة الاقتصادية

TT

السائر في شوارع لندن سيفاجأ بكمية الأعلام المعلقة في كل مكان، فهي معلقة على امتداد الشوارع الرئيسية في وسط العاصمة، في المقاهي وعلى البيوت وواجهات المحلات والمتاجر الكبرى، تحف صفي الطريق الطويل المؤدي لقصر باكنغهام، وتطغى على المعروضات في متاجر الهدايا التذكارية التي تحقق مبيعات هائلة هذه الأيام. الأعلام وصورة الملكة إليزابيث هي العنصر الأساسي للاحتفالات القائمة حاليا، فالبلاد بدأت احتفالها بمرور 60 عاما على اعتلاء الملكة إليزابيث الثانية العرش، وبالطبع فالمجال هنا مفتوح لمن أراد البقاء في العاصمة للمشاركة في الاحتفالات التي ستقام في الشوارع الرئيسية أو الانضمام إلى عشرات الآلاف التي ستحف شاطئ التيمس لمشاهدة الموكب النهري اليوم، ولكن هناك أيضا من وجد الفرصة للفرار من الازدحام والاستفادة من أربعة أيام من الإجازة الرسمية للسفر بعيدا عن الضجة.

بالأمس قامت القوات المسلحة بإجراء بروفة نهائية على الموكب الذي ينطلق يوم الثلاثاء، وبدأت البروفات في الساعات الأولى من الصباح استغلالا لخلو الشوارع من المارة والسيارات. وشارك في المسيرة أعضاء فرقة الخيالة الملكية على طول طريق الاحتفال من أمام البرلمان في ويستمنستر إلى ترافالغار سكوير ثم إلى طريق «ذا مال» المؤدي إلى قصر باكنغهام.

الاحتفالات بدأت فعليا أمس بإطلاق المدفعية في جميع أنحاء البلاد طلقات تحية في الساعة 12:00 تغ، وهي ساعة تتويج الملكة قبل ستين عاما بالتمام، وفي الوقت نفسه الذي حضرت فيه الملكة سباق الخيل أبسوم ديربي.

الصحف البريطانية انطلقت في سرد تفاصيل الاحتفالات وطبع خرائط لأفضل المواقع التي يمكن للجمهور من خلالها متابعة الموكب النهري، وأيضا وضعت قائمة بحفلات الشارع التي ستقام في العاصمة. ولكن الاحتفالات تمتد أيضا إلى خارج العاصمة، خاصة أن تقليد إقامة حفلات الشارع هو تقليد بريطاني معروف، حيث تغلق بعض الشوارع وتوضع فيها طاولات للطعام وتعليق الأعلام وينطلق فيها سكان الشارع أو المنطقة في الاحتفال معا والاستمتاع بوقتهم، وحسب استطلاع نشر أمس فإنه من المتوقع أن يقوم ستة ملايين شخص بالمشاركة أو إقامة حفلات بالمناسبة، وبالطبع استفادت المتاجر والسوبر ماركت من هذه الاحتفالات حيث وفرت كميات إضافية من الأطعمة التي يمكن تقديمها في الحفلات مثل المقبلات والمشروبات والكعك، وحسب الاستطلاع فمن المتوقع أن يصرف 424 مليون جنيه إسترليني على الطعام والشراب والزينات. ولكن تتبدى مشكلة هذه المرة في احتمال كبير بسقوط الأمطار مما يهدد الكثير من تلك الحفلات. وإن كانت هناك توقعات بازدحام الشوارع بشكل كبير جدا وأن يزيد الازدحام أيضا في وسائل المواصلات، وهو ما حدا بشركة النقل أن تضع لافتات للركاب تحذرهم فيها من الازدحام الشديد في مناطق وسط المدينة وتنصحهم فيها بمحاولة استخدام وسائل أخرى للمواصلات، كما وضعت شاشات ضخمة في وسط العاصمة تحذر سائقي السيارات من الزحام الشديد وتنصحهم بعدم القيادة هناك. اليوم (الأحد) تبدأ الاحتفالات بحفل الغداء الكبير (ذا بيغ لانش بارتي) الذي يقام في الكثير من الشوارع وإن كانت أكبر هذه الاحتفالات ستقام في منطقة البيكاديلي حيث ستغلق المنطقة في وجه المرور وتفسح للمشاة فقط. وفي الساعة الثانية ظهرا ينطلق الموكب النهري الذي يتقدمه المركب الذي تستقله الملكة مع عدد من أفراد أسرتها منهم الأمير ويليام وزوجته كاثرين، وهو المركب المسمى «غلوريانا» الفخم الذي زين بالأحمر والذهبي وبلغت تكلفته مليون جنيه إسترليني. يشارك في الموكب آلاف الزوارق والسفن تنطلق من باتني بريدج إلى تاور بريدج على وقع الموسيقى، ويتوقع أن يراقب مسيرته نحو مليون شخص.

وفي يوم الاثنين ستتركز الاحتفالات في المساء بعشاء في قصر باكنغهام سيحضره نحو عشرة آلاف شخص تم اختيارهم بالقرعة، ثم يلي ذلك حفل غنائي ضخم على مسرح أقيم بشكل خاص أمام قصر باكنغهام يشارك فيه مجموعة ضخمة من نجوم الغناء في بريطانيا منهم السير بول مكارتني وفريق مادنيس وروبي ويليامز ووالتون جون وشيرلي باسي. وفي تمام الساعة الثامنة والنصف مساء سيضاء نحو 4212 فانوسا في جميع أنحاء بريطانيا ودول الكومنولث.

أما يوم الثلاثاء فستقوم الملكة إليزابيث بالمرور في الشوارع الرئيسية للندن في عربة مكشوفة أمام 150 ألف شخص مصطفين على جوانب الطرق ملوحين بالأعلام بعد استعراض لفرقة «ريد أروز»، فريق سلاح الجو الملكي للاستعراض، وغناء النشيد الوطني بصوت مغنية السوبرانو كاثرين جنكينز.

وبلا شك، فإن الاحتفال يمثل صداعا أمنيا لشرطة العاصمة التي بدأت في الاستعداد منذ فترة طويلة للأعداد الضخمة التي ستوجد في الشوارع، وحسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية فسيتم تعبئة ستة آلاف شرطي لضمان الأمن خلال الاحتفالات، البعض باللباس المدني. وسينشر نحو ألف شرطي إضافي من العدد الذي نشر خلال حفل زفاف الأمير ويليام. لكن القلق الأكبر لقوات الشرطة سيكون على الأرجح العرض المائي الضخم على نهر التيمس. وقبل الانطلاق سيقوم متخصصون بتفتيش المراكب والضفاف و14 جسرا أغلقوا للمناسبة، ستمر تحتها المراكب وسيتولى غطاسون الغوص في أعماق النهر. وعلى النهر 190 مركبا مع عسكريين وإطفائيين وشرطيين سيؤمنون الأمن والإسعافات. وعلى اليابسة 5500 عنصر من قوات الأمن وسبعة آلاف متطوع سيتولون مهمة الحماية.

وبينما يشارك الملايين في الاحتفالات التي تقام في الشوارع في أنحاء البلاد وفي الوقت الذي تحتفي فيه الأمة بالسمات الشخصية للملكة، نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قوله «الملكة قدمت خدمة جليلة». وأضاف «لم تخطئ قط وتتمتع بشعبية هائلة واحترام هنا وفي أنحاء العالم، وهذه فرصة للشعب كي يقدم الشكر ويقول لها شكرا على الخدمة المذهلة التي قدمتها».

* اليوبيل الماسي بالأرقام:

4212: عدد الفوانيس الموزعة في بريطانيا ودول الكومنولث التي سيتم إضاءتها يوم الاثنين.

1000: عدد المراكب والزوارق التي ستشارك في الموكب النهري.

30: عدد أطنان النفايات التي تتوقعها بلديات العاصمة مع نهاية يوم الأحد.

6000: عدد أفراد الشرطة الذين يؤمنون المراسم.

424 مليون جنيه إسترليني: حجم التكلفة المتوقعة للطعام والشراب.