البرازيل: شريحة إلكترونية في الزي المدرسي لتتبع الطلبة الغائبين وإبلاغ أولياء أمورهم

بدأت السعودية الاستفادة منها بالفعل ضمن برنامج «الإسورة الإلكترونية» لحماية المواليد الجدد

TT

ظاهرة ارتفاع نسبة غياب الطلبة عن الفصول الدراسية، تعد من المشكلات التربوية العالمية التي تؤرق العديد من المجتمعات، وتشكل هدرا في التعليم، وتنذر بعواقب وخيمة على المجتمع والأسرة وعلى المتغيبين عن المدرسة.

وتعد المتابعة المستمرة والتنسيق بين المدرسة وأولياء الأمور، من بين الجوانب المهمة للحد من هذه الظاهرة ومنع تكرارها، فمن المهم تنبيه وإعلام أولياء الأمور بغياب أبنائهم وأهمية تتبعهم وتوعيتهم بمسؤوليتهم عن انخفاض المستوى التحصيلي لأبنائهم نظرا لغيابهم المتكرر.

ولكن، هل يمكن أن تسهم التكنولوجيا في إيجاد حلول لظاهرة غياب الطلبة عن المدرسة.

والإجابة، هي نعم، من خلال تقنية حديثة للتعرف والتتبع اللاسلكي عن بعد، تعرف بـ(RFID) (تحديد الهوية بترددات موجات الراديو)، وتتميز بالدقة والمرونة، وبدأت تطبيقاتها تشق طريقها نحو المجتمع في الآونة الأخيرة، في المنتجات الاستهلاكية لمراقبة تحركات المنتج والاتصال به وفي الحيوانات الأليفة لتتبعها، وكذلك في العديد من التطبيقات الطبية والأمنية.

وقد بدأت البرازيل، مؤخرا، وتحديدا في مدينة فيتوريا دي كونكيستا بولاية باهيا بشمال شرقي البلاد، في دمج شرائح إلكترونية دقيقة (Microchips) تعتمد على تقنية (RFID)، بالزي المدرسي للطلبة، لتتبعهم وتحديد مواقعهم وإبلاغ أولياء أمورهم في حال تغيبهم عن الفصول الدراسية أو وصولهم في وقت متأخر، وقد تم تجهيز المباني المدرسية بأجهزة استشعار للمساعدة على تفعيل هذه التقنية والتعرف على وقت دخول الطلبة للمبنى المدرسي والفصول المدرسية.

وقال كوريولانو مورايس، مدير التعليم في مدينة فيتوريا دي كونكيستا البرازيلية، بأن «20 ألف طالب وطالبة من 25 مدرسة من 213 مدرسة عامة من مدارس المدينة، قد بدأت باستخدام قمصان زي مدرسي ذكية (تي شيرت) تحمل رقائق إلكترونية، وبحلول عام 2013، سوف يستخدم جميع طلبة المدارس العامة بالمدينة والبالغ عددهم 43 ألفا، رقاقة مدمجة بقميص الزي المدرسي، وقد استثمرت حكومة المدينة مبلغ 670 ألف دولار في تصميم وتصنيع وإنتاج واختبار عمل هذه الرقائق بالزي».

وقال مورايس إن «مدينة فيتوريا دي كونكيستا، هي أول مدينة في البرازيل وربما في العالم تستخدم هذا النظام التقني في الزي المدرسي لتتبع الطلبة، وقد تلقينا العديد من الطلبات من جميع أنحاء البرازيل للحصول على معلومات حول كيفية عمل هذا النظام».

وأضاف أن «رقائق الترددات الراديوية في الزي المدرسي الذكي، تسمح لجهاز الكومبيوتر بالتعرف على متى يدخل الأطفال المدرسة، ويقوم بإرسال رسائل نصية للهواتف الجوالة لأولياء أمور الطلبة، كما ينبههم برسالة أخرى وبعد 20 دقيقة من بداية الحصة الدراسية، في حالة عدم وصول ابنهم للفصل المدرسي، فقد لاحظنا أن الكثير من أولياء الأمور يحضرون أطفالهم إلى المدرسة، ولكنهم لا يعرفون إذا كانوا قد دخلوا بالفعل الفصول المدرسية، فهم دائما ما يتركونهم على عجالة للذهاب إلى أعمالهم في الوقت المحدد».

وتقنية (RFID)، هي نسبة للحروف الأولى من العبارة الإنجليزية (Radio Frequency Identification)، وتعني «تقنية التعريف بالهوية بترددات موجات الراديو»، وتستخدم بطاقات أو علامات يمكن لصقها أو تثبيتها على الأشياء المراد تحديدها والتعرف عليها عن بعد، وتحتوي هذه البطاقات على: هوائي «أنتينا» (antenna) لاستقبال وإرسال البيانات من خلال موجات الراديو، وقارئ لإرسال المعلومات، وبرامج كومبيوتر وقواعد بيانات لاستقبال ومعالجة البيانات وإظهارها على جهاز الكومبيوتر. حيث تعمل الرقاقات على إصدار إشارات تنتقل عبر موجات الراديو، ويقوم جهاز المسح أو الأقمار الصناعية على تحديد هذه الإشارات ومكان صدورها. فهذه التقنية باختصار، عبارة عن شرائح إلكترونية دقيقة تستخدم موجات الراديو لإرسال البيانات إلى قارئ، مرتبط بدوره بشبكة الإنترنت، وهذه التقنية ليست سوى أحد الطرق الحالية التي تسمح بالأشياء المادية للانتقال عبر الإنترنت، وهو مفهوم يطلق عليه مصطلح «إنترنت الأشياء» (Internet of things)، وقد استخدمه لأول مرة رائد التكنولوجيا البريطاني كيفن أشتون عام 1999، ويعني المصطلح اندماج الأشياء المادية في شبكة الإنترنت، من خلال إدخال شرائح ذكية بها لتصبح قادرة على الاتصال، وبالتالي تكون عنصرا مشاركا في مختلف أنماط الحياة اليومية.

يقول مورايس، إن «الرقائق أو الشرائح الميكروية (الدقيقة) المستخدمة بالزي المدرسي، تماثل تلك المستخدمة في تعقب الحيوانات الأليفة في الكثير من الدول، وهي موضوعة تحت ذراعي المعطف المدرسي، أو على أحد الأكمام، ولديها نظام للأمن يجعل من المستحيل العبث بها، كما أن الزي المدرسي يمكن غسله وكيه، دون الإضرار بهذه الرقائق».

يذكر أن كتاب الخيال العلمي، كانوا قد تنبأوا سابقا بهذه التقنية وتطبيقاتها، فقد أشار الكاتب الأميركي موراي لينستر في قصته القصيرة بعنوان (First contact) عام 1945، إلى جهاز تحكم إلكتروني مدمج في الملابس سماه «تواصل الكم» (sleeve communicator)، وأشار الكاتبان الأميركيان لاري نيفين، وسيتفن بارنز، في روايتهما (Dream Park) عام 1981، إلى ساعة مطبوعة على الكم، سمياها «ساعة الكم»(sleeve watch)، كما أشار الكاتب الأميركي رودي روكر، في روايته بعنوان (wetware) عام 1988، إلى قميص قادر على الكشف عن أصوات القلب ويقوم بعرضها، سماه «قميص القلب» (heartshirt).

وجدير بالذكر، أن وزارة الصحة السعودية، وضمن الاستفادة من تقنية (RFID) الحديثة، وكذلك معطيات تقنية المعلومات والاتصالات، كانت قد دشنت في فبراير (شباط) من العام الماضي 2011، المرحلة الأولى لتنفيذ برنامج خدمة «الإسورة الإلكترونية»، لحماية المواليد الجدد من الاختطاف أو التبديل، في 17 مستشفى حكوميا مختصا بالولادة في مختلف أرجاء المملكة، ويقوم البرنامج الجديد بالمملكة على وضع إسورة إلكترونية في رجل المولود بمجرد ولادته، تتكون من بطاقتين إلكترونيتين، إحداهما في رجل المولود والأخرى في يد الأم، والإسورة تمكن إدارة المستشفى من معرفة موقع المولود والأماكن التي يتنقل فيها خلال فترة وجوده بالمستشفى، حيث ترسل الإسورة رسائل باستمرار كل عشر ثوان إلى جهاز الكومبيوتر المتوافر لدى ممرضات المستشفى، للاطمئنان على مكان وجود المولود بشكل مستمر، وفي حالة التأخير في وصول الرسالة للكومبيوتر، أو وجود المولود مع أم أخرى غير أمه الحقيقية، وهو ما يعني أن هناك خللا قد حدث، في هذه الحالات تغلق الأبواب أوتوماتيكيا، الأمر الذي يمنع خروج المولود غير المصرح به، وبالتالي في النهاية توفير مزيد من الرعاية والحماية والأمن والمراقبة.