سمبوزيوم للنحت في مدينة الدوادمي السعودية

دعمته وزارة الثقافة والإعلام وشهد حضورا لافتا من المبدعين

TT

احتفلت مدينة الدوادمي، مؤخرا، بانطلاق أول سمبوزيوم للنحت في الفنون البصرية وسط حضور لافت من النحاتين والمبدعين العرب في هذا الفن التشكيلي.

الدوادمي التي تبعد عن الرياض العاصمة نحو 300 كلم اختارتها وزارة الثقافة والإعلام لاستضافة هذا المهرجان بفضل بلاغة وحساسية النحاتين من أبنائها، الذين أخذوا على عاتقهم المضي قدما نحو التعاطي مع هذا المجال من الفن، على الرغم من محاصرتهم بالمواقف الدينية والنظرة إليه وعدم إجازته أو الاحتفاء به إلى عهد قريب.

فنانو الدوادمي الأكثر حضورا في النحت في المملكة، طالبوا بتحقيق مبادرة تحتضنها المدينة وتسترد من خلالها حقهم في الانتصار لهذا الفن الذي ظل هامشيا.

وفي حين كانت جوائز فن النحت في المعارض المركزية تمنح للفائزين تحت اسم الفنون التطبيقية والمجسمات الجمالية، بسبب تعسف المواقف والعلاقة الملتبسة والنظرة القاصرة إليه من جهات غير متخصصة، فإنه في السنوات الأخيرة بدأ هذا الموقف يتغير، وسعت جهات ومؤسسات خاصة ورسمية إلى توسيع اهتمامها بفن النحت، وظهرت أول مبادرة صيف 2010م عندما نظمت «أرامكو» مهرجانا دوليا لفن النحت لتفعيل المشهد التشكيلي البصري بالمملكة، حيث تولى النحات علي الطخيس الإشراف عليه، وشارك فيه عدد من النحاتين من دول عربية متعددة.

من جهتها وفرت وزارة الثقافة والإعلام، الجهة المنظمة للسمبوزيوم، للمشاركين الأدوات وقطع الرخام للنحاتين ومناخا عمليا للمبدعين. وقال الدكتور ناصر الحجيلان، وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، إن الهدف من هذا النشاط هو «إتاحة الفرصة للنحاتين المحترفين لممارسة فن النحت، وتبادل الخبرات، ونشر الثقافة في الفنون، وتفعيل صورته في المشهد المحلي. وقد اختارت الوزارة لهذه المناسبة خمسة عشر نحاتا هم محمد الثقفي وعصام جميل وفيصل النعمان وصالح الجارالله وعبد الرحمن الشمراني وأحمد المالكي وفهد الدبيان وتركي الظفيري، وطلال الطخيس وعبد الله الرشيد. وسالم المرهون (عمان)، حسن محمد حمام (سوريا)، ثامر رجب وإبراهيم سيد عبده سليم (مصر)، وعلي الطخيس مشرفا عاما للسمبوزيوم. وقد أعدت الوزارة برنامجا ثقافيا مصاحبا يتمثل في إقامة أمسيات ثقافية حول مصادر الإلهام والقيم الجمالية والفنية، وماهية التراث في الأعمال النحتية المحلية، ومدلول الواقع المادي واستعراض تجارب الفنانين المشاركين في هذه الدورة التي استمرت ثلاثة أسابيع.

وقد رأى النحات المصري ثامر رجب أن مبادرة المملكة في إقامة أول سمبوزيوم للنحت في مدينة الدوادمي كانت بالنسبة له مفاجأة، وقال منحتني هذه المناسبة فرصة الالتقاء بالمبدعين السعوديين ومعرفة أفكارهم الجمالية التي ينطلقون منها، وتمنى أن تستمر مثل هذه الملتقيات ليتعرف المبدعون بعضهم ببعض عن قرب، وتتلاقى خبراتهم، وتعم الفائدة الجميع. وذكر أن تصوراته المسبقة عن فن النحت أو المجسمات عند أهل الجزيرة العربية غير واضحة، لكن ما وجدته يعد بداية مبشرة للفن العربي ولأهل الخليج في هذا المجال. وقال لفتت انتباهي تجارب كل من النحاتين علي الطخيس ومحمد الثقفي والعماني سالم المرهون في تجسيم الحروف العربية.

وعن عمله في هذه المناسبة قال أنجزت عمل «الهجرة»، وهو عبارة عن تكوين هندسي يرتكز على نقطتين، حاولت من خلالهما توصيل فكرة أن الأشياء الكبيرة التي يصعب تحريكها تتحرك في انسيابية وتناغم على الرغم من اختلاف أحجامها، وأنها توحي بالخفة وتحلق مثل طائر في الفضاء الخارجي إذا عرف النحات التعامل معها بحرفية عالية.

من جهته قال النحات عصام جميل إن المبادرة بمثابة اعتراف رسمي بالنحت، وما أسعد المشاركين أن تتبنى وزارة الثقافة تحت مظلتها ورعايتها هذه المناسبة، وتمنى أن تقام مثلها في مدن المملكة الرئيسية التي تستأسد بجمهور عريض ومتابعة إعلامية مباشرة، تحفز على مزيد من الإنتاج والإبداع، وعن عمله قال إنه عن الأحداث في العالم العربي، ويمثل طبقات مختلفة السماكة، وهي تعني العالم العربي الذي تختلف إمكاناته من دولة لأخرى، موضحا أنه وضع في الأعلى طبقات هشة عليها الكرة الأرضية، وأنه رسم خمسة خطوط إشارة إلى الدول التي شهدت أحداث الربيع العربي.

كما شكر النحات محمد الثقفي وزارة الثقافة والإعلام على هذه الخطوة التي أكدت الاعتراف الرسمي بفن النحت من قبل وزارة الثقافة والمؤسسات الرسمية، وتمنى أن تقام هذه المناسبة بشكل دوري في مدن أخرى من المملكة، وركز على أهمية دعوة نحاتين يمتلكون خبرات احترافية في المرات المقبلة، وأن تدعم بالميزانيات الكريمة التي تسمح للمبدعين بممارسة طقوسهم من دون أي معوقات.

من جهته شكر المشرف العام على السمبوزيوم، النحات علي الطخيس، وزارة الثقافة والإعلام ومحافظة الدوادمي والنحاتين المشاركين على الدعم المعنوي والمادي حتى أصبحت هذه التظاهرة خطوة حقيقية ملموسة، وقال أملنا كبير في أن تستمر حتى يعرف الجمهور هذا النوع من الفن. وعن فكرة السمبوزيوم قال «إنها راودتني منذ عام 1998 عندما شاركت في أول ملتقى عربي في مدينة جرش بالأردن مع نخبة من الفنانين العرب، وقد استمرت مطالبتي للوزارة حتى تحقق الحلم». ودعا زملاءه إلى مزيد من العطاء حتى تجني هذه المكتسبات ثمارها، وعن الأعمال الفنية التي أنجزها النحاتون وإمكانية عرضها في معرض خاص، قال الطخيس هناك ميادين وساحات خضراء في مدينة الدوادمي ستزدان بها المنحوتات، فيما ستتم طباعة كتاب عنها، وتمنى أن تطبق هذه المبادرة في غالبية مدن المملكة.