الريف الهندي يجذب أبناء الحضر لقضاء العطلات

100 مزرعة مخصصة للسياح المحليين والأجانب

سكان الحضر يستمتعون بالمشاهد الطبيعية بعيدا عن صخب المدن
TT

مع بداية موسم الإجازة الصيفية، تحزم الأسر الهندية في الحضر حقائبها لمطاردة الدجاج والاستيقاظ على صياح الديك والاستمتاع بالاستحمام في القنوات المائية في القرى، والقيلولة تحت ظلال الشجر المليء بالثمار، بدلا من الذهاب لقضاء إجازة في التلال أو على الشواطئ كما هو معتاد. ما كان يوما ما مشهدا مألوفا محببا في السينما الهندية من الحقول الخضراء والمزارعين المرحين والعربات البطيئة التي تجرها الثيران، والقرويين الظرفاء في الأكواخ المسقوفة بالقش - بات توجها رائجا بين سكان المدن الهندية. ويعد قضاء الإجازة في الريف أحدث التوجهات في الهند، حيث بات صرعة استولت على عقول الذين ولدوا ونشأوا في المدن ولا علاقة لهم بالمناطق الريفية ويتوقون إلى تجربة تناول عصير طازج من ثمار المانجو التي قطفت لتوها من الأشجار والإقامة في منزل قروي. ويقدم المزارعون الهنود لسكان المدن نموذجا بسيطا لحياة القرية. ولا يمثل الريف فرصة للتمتع برحلة فريدة من نوعها فحسب، بل أيضا يحول المزارعين إلى موظفين بدوام جزئي.

وتعد مباهج حياة القرية جزءا من رحلة لقضاء العطلة الصيفية تقدم لعدد متزايد من سكان المدن الهنود والأجانب في أكثر من مائة مزرعة في عدد من الولايات الهندية مثل هاريانا والبنجاب وراجستان وكيرالا وغوا ومهاراشترا التي توفر للسياح فرصة تجربة الحياة في الريف مع أنشطة ترفيهية.

لم تر أليشا ذات الست سنوات البقرة إلا في الكتب، لذا اعتزم والدها قضاء الإجازة في الريف ليس فقط لترى البقرة، بل لتعرف كيفية حلبها. وقال موفتي كاظمي، المتخصص بتكنولوجيا المعلومات والمقيم بدلهي: «لا يعرف أطفالي أي شيء عن حياة القرية، لذا اعتقدنا أن الأمر سيكون ممتعا إضافة إلى كونه سيعرفنا بوجه الهند الآخر. سأرى ابني وهو يلعب في الوحل في مزرعة (سورجيفان) التي تمتد على مساحة 50 فدانا في غورغاون بولاية هاريانا التي تقع على بعد 50 كيلومترا من دلهي».

وقال كاظمي: «يمثل العيش في أكواخ قديمة من الطين وقطف الثمار من الأشجار وركوب الجرارات والقفز وسط التبن والاستحمام في مغطس قروي متصل بأنبوب وتناول الزبد الصافي والخضراوات الطبيعية - تجربة أشبه بالجنة، حيث استمتعنا بكل هذه المباهج البسيطة التي تميز الحياة في الريف خلال الثلاثة أيام التي قضيناها هنا». وسُحرت أليشا عندما رأت هذا العدد الكبير من الأبقار والجواميس في المزرعة وانفجرت في الضحك عندما كان والدها يحلب الأبقار، فقد كانت تعتقد أن اللبن يأتي من شركة «ماذر ديري» والبيض يُنتج في المصانع، لذا تعلمت الكثير في تلك الرحلة. ويقول ديفين سريفستاف، صاحب مزارع «سورجيفان» التي تقع بالقرب من غورغاون وتقع على مساحة 50 فدانا: «نزرع كل شيء بطريقة طبيعية بداية من القمح والحمص والخضراوات وصولا إلى البقوليات وإنتاج الزيوت». ويقدم سريفستاف تجربة العودة إلى الجذور من خلال توفير فرصة الإقامة في أكواخ من الطين ذات أسقف من القش وإعداد الطعام على أفران بدائية. ولديه أكواخ مكيفة الهواء للباحثين عن الفخامة. ويوضح سريفستاف، الذي حققت مصابيح الكيروسين الضرورية في هاريانا المحرومة من الكهرباء نجاحا مع الأطفال ليلا، قائلا: «نحن نحاول أن نعطيهم لمحة عن حياة الريف مع ضمان تمتعهم بالراحة».

إذا كانت الحياة الطبيعية هي شعار مزارع «سورجيفان»، فمزارع الدواجن المتقدمة هي ما تتميز به «هاي بريد» التي تقع بالقرب من كارنال، في حين كانت مواقع التخييم بمحاذاة نهر كورالي من أسباب نجاح «روتس فارم ريتريت» في منطقة آمبالا مع الأطفال. ومن أشهر المعجبين بهذه المزرعة حفيد رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ.

يدخن لاكان سينغ، صاحب مزارع مانجو وليمون وخضراوات وقمح، النارجيلة في باحة منزل أحد أجداده، بينما تستعرض السيدات حلب الأبقار أمام الضيوف القادمين من المدن.

وحول سينغ مزرعته إلى متنزه ترفيهي، حيث يمكن للسياح ركوب جرار وحرث الأرض والطهي على فرن بدائي وإعداد أقراص من روث الأبقار (الجلة)، فضلا عن التواصل مع سكان الريف.

طالما تخيل راتشيت ذو السبعة أعوام وسأل عن كيفية نمو أصناف الخضراوات المفضلة بالنسبة إليه مثل البامية والطماطم والباذنجان الأسود، وهل هي كبيرة وحمراء من البداية. كذلك لم ير والداه كل هذه الأصناف وقرأوا عنها في الكتب فقط أو على شبكة الإنترنت لنشأتهم في مناطق حضرية. لذلك، أراد الأبوان أن يعرف راتشيت كيفية نمو الفاكهة والخضراوات في المزارع. ووصل إلى مزارع «لاكان سينغ» الكبيرة التي تمتلئ بالمانجو والتوت والليمون. ويعد التوت المعجزة بطعمه اللاذع الحامضي مصدرا غنيا بفيتامين «سي» وثمرة التوت المعجزة تعادل في التأثير برتقالتين. وبدأ الأطفال قطف ثمار المانجو والتنافس على من يقطف أكبر عدد من الثمار. وكانوا يستمتعون أيما استمتاع إلى الحد الذي جعلهم يرفضون المغادرة إلا بعد امتلاء جيوبهم عن آخرها بالثمار. وكان هناك بئر عميقة في ركن قصي، حيث يحط الحمام هربا من حرارة الشمس اللافحة. وتعد هذه البئر هي الأولى بالنسبة لراتشيت، الذي بات من السهل عليه الآن ربطها بقصة «الأسد والأرنب». وقالت بايال، والدة راتشيت: «لقد استمتعت حقا بالمطبخ الريفي، حيث يتم طهي الطعام ببطء في آنية فخارية وأعجبني مشهد السيدات وهن يطحن القمح في المطحنة التقليدية في زيهن التقليدي».

وساعدت السياحة في المناطق الريفية أشخاصا مثل سوكبير ناث. وظل الرجال في أسرة ناث يعملون حواة للثعابين لأجيال إلى أن حظرت الحكومة الهندية ملكية الثعابين. وبينما فقد الكثير من هؤلاء الرجال مصدر رزقهم واضطروا إلى العمل في وظائف متدنية، يعزف ناث حاليا الناي للترحيب بالسياح القادمين إلى مزرعة سينغ.

تعدك مزرعة «لاكش» المملوكة لإيلا لومبا في قرية مانغار بقضاء أسبوع هادئ والاستمتاع بطعام معد في المنزل في قلب مزرعة محاطة بتلال أرافاليس. لا تفتأ روهيني غامبير، قارئة الطالع من دلهي ومن هواة الترحال سيرا على الأقدام حول العالم، تتحدث عن السعادة التي شعرت بها في مزرعة «لاكش» في قرية مانغار، حيث تقول: «لم أكن أعتقد أنني سأحصل على الكثير من خلال السفر لمسافة قصيرة». وتأمل مزرعة لومبا أن تساعد سياحة المزارع في شعور سكان المدن بمشكلات القرية. وأوضحت لومبا قائلا: «ربما عندما يقابلون القرويين وجها إلى وجه، يدركون حياتهم اليومية وعملهم». ولدى لومبا أكواخ تؤجرها لمجموعات وأسر بسعر 700 روبية للفرد في اليوم ويشمل السعر الطعام. وتصطحب السياح في جولات بالمزرعة من أجل تعريفهم بحياة المزارع وتقدم لهم طعاما بسيطا. وعلى الذين يرغبون في المبيت والنوم تحت السماء المفتوحة دفع المزيد من المال.

ويعد الجو الريفي والطعام الذي يسيل له اللعاب المعد من الخضراوات الطازجة من الأمور التي يقدرها الزوار كثيرا. ويمكن للكبار إنعاش الذاكرة باللعب في الشارع وكذلك الأطفال. ويجب ألا يشعر، الذين يفضلون ألعاب مثل الكريكيت والكرة الطائرة وتنس الريشة، بالتهميش حيث تتوافر مثل هذه الألعاب في أكثر المزارع. ويشمل العرض العربات التي تجرها الثيران والجرارات. وتوجد في المزرعة 1700 شجرة جوافة و40 شجرة توت و35 شجرة جامبول وجوافة سوداء وذرة أحمر فضلا عن 200 شجيرة ورد على سبيل المثال لا الحصر. وهناك أيضا الكثير من المشاريع لإنتاج غاز من روث البهائم والغاز الحيوي وغاز الدخان والسماد العضوي وتربية دود القز والزراعة العضوية وإنشاء متحف زراعي للطلبة الذين لا يعرفون مثل هذه الأشياء إلا من الكتب. ويمكن للمرء مشاهدة الأبقار المخصصة لإنتاج الألبان. ويمكن أن تقدم وحدة معالجة فول الصويا التوفو ضمن قائمة الغداء.