كوكب الزهرة يمر بين الأرض والشمس للمرة الأخيرة في القرن الحالي

العبور التالي سيكون بعد 105 أعوام

TT

ركز المولعون بعلم الفلك في أنحاء آسيا أبصارهم على السماء أمس الأربعاء لمشاهدة مرور كوكب الزهرة عبر الشمس، في ظاهرة سماوية نادرة لن تحدث مجددا قبل أكثر من قرن. وبدا الزهرة كنقطة صغيرة سوداء أمام قرص الشمس العملاق، حيث مر مباشرة بين الأرض ومركز النظام الشمسي في آخر رحلة له بين الأرض والشمس خلال القرن الحالي.

وساد جو احتفالي في مرصد غريفيث بلوس أنجليس؛ إذ تجمع أول من أمس مشاهدون لإلقاء نظرة على مرور الكوكب، الذي مر ببطء أمام الشمس في حدث لن يمكن رؤيته مرة أخرى من الأرض إلا بعد 105 أعوام.

وشاهد المهتمون بالفلك المرور الذي استمر ست ساعات و40 دقيقة على الإنترنت حيث بثت عشرات المواقع الإلكترونية تصويرا حيا للحدث المثير من أنحاء متفرقة في العالم.

وقالت لورا دالي مدير مرصد غريفيث: «هناك إقبال كبير لأنه مشهد نادر لن يحدث مرة أخرى قبل 105 أعوام. فعندما تكون هناك فرصة أن ترى شيئا لن تأتي سوى مرة واحدة في العمر لا يريد أحد أن يضيعها».

وبدأ مرور الكوكب في الساعة 22.09 بتوقيت غرينتش وهو الثاني في مزدوجة 2004-2012.

وتمكن هواة الفلك في القارات السبع بما في ذلك القارة القطبية الجنوبية «انتاركتيكا» من مشاهدة مرور الزهرة بشكل كامل أو جزئي. كما شاهده رواد محطة الفضاء الدولية.

ومرور الزهرة بين الشمس والأرض أول من أمس الثلاثاء هو الثامن منذ اختراع التليسكوب والأخير حتى 10 - 11 ديسمبر (كانون الأول) 2117. وهو أيضا المرور الأول الذي يحدث في وجود مركبة فضائية على الزهرة. وفي أنحاء آسيا، احتشد الفلكيون الهواة والمولعون بعلم الفلك والطلبة في مراكز الأرصاد الفلكية ومحطات المراقبة لإلقاء نظرة خاطفة على الظاهرة التي تشمل عند حدوثها عبورين متتاليين يفصل بينهما ثمانية أعوام.. وكان العبور السابق للزهرة بين الشمس والأرض عام 2004.

وقد تمكن المراقبون من مشاهدة الزهرة في مناطق شمال أميركا والمحيط الهادي وشرق آسيا، بينما لم يتمكنوا من مشاهدتها في أوروبا والشرق الأوسط إلا مع بداية صباح أمس الأربعاء. وقد بثت عدة مواقع إلكترونية على الإنترنت مشاهد حية لمرور كوكب الزهرة.

وفي مانيلا، أعد نادٍ فلكي والمتحف الوطني للمجموعة الشمسية نحو 10 تليسكوبات في حديقة عامة ليتيح للجماهير مشاهدة الظاهرة. كما فتحت المراصد المدرسية أبوابها للجماهير. وبينما حجب الضباب الكثيف الرؤية في بداية مرور الزهرة، فإن بزوغ الشمس في نهاية المطاف أتاح للمواطنين رؤية الحدث. وقال أرماندو لي، مدير المعهد الفلبيني لعلم الفلك وعضو الرابطة الفلكية الفلبينية: «إننا محظوظون للغاية لأننا ولدنا في قرن شهدنا خلاله هذا العبور مرتين». وأوضح لي، الذي اصطحب زوجته وابنه (6 أعوام) لمشاهدة الظاهرة، أن الحدث ينبغي أن يذكر الأشخاص بأن الحياة قصيرة. وقال «العبور التالي سيكون بعد 105 أعوام، سنكون جميعا قد توفينا.. هذا يدل فقط على أن حياتنا قصيرة للغاية بالنسبة لهذه الأحداث السماوية». أما مارك فورنهوزن، وهو مواطن ألماني يعمل في مؤسسة للأرصاد الجوية في مانيلا، فأعرب عن فضوله لمعرفة التغيرات التكنولوجية التي ستحدث قبل العبور القادم للزهرة.

وقال، بينما التقط صورة بالفيديو باستخدام كاميرا رقمية تحتوي على فلتر شمسي فوق عدساتها: «أفكر بالفعل في التكنولوجيا التي ستكون متاحة للبشر في ذلك الوقت».

وفي سيدني، احتشد الاستراليون في مراكز الأرصاد والجامعات والجمعيات الفلكية لمشاهدة الظاهرة عبر التليسكوبات المزودة بفلاتر شمسية. وقام العديد من الأشخاص بشراء نظارات خاصة للنظر للشمس. ولكن الغيوم هددت بحجب رؤية الحدث في أغلب الوقت. ووصف أمين مرصد سيدني نك لومب عبور الزهرة بأنه «حدث نادر للغاية». وتغيب آلاف الأشخاص عن عملهم في هونغ كونغ لمشاهدة عبور الزهرة من عدد من المراكز التي تتيح ذلك في أنحاء المدينة والتي أعدها متحف الفضاء في هونغ كونغ وقام على تنظيمها فلكيون هواة.

وذكر تشاو هوي فونغ، الخبير الفيزيائي الفلكي بجامعة هونغ كونغ، إن الفلك يمثل سحرا خاصا للمدينة، حيث إنه علم يضرب بجذوره في التاريخ الصيني. وقال: «إن الصينيين دائما يهتمون بهذا النوع من الظواهر السماوية». وأضاف بالقول: «انظروا إلى تاريخنا. يعتقد أباطرة الصين القدامى أنهم حصلوا على تفويض من السماء. لدينا سجلات تاريخية مفصلة حول الأحداث الفلكية المختلفة».

وسيكون العبور القادم للزهرة بين الأرض والشمس عام 2117. وفي الولايات المتحدة، قامت وكالة الفضاء «ناسا» ببث «أفضل رؤية ممكنة» للحدث.

وشهدت إمارة رأس الخيمة إقبالا لافتا أمس من المهتمين لرصد الظاهرة الفلكية النادرة. وقال أحمد الطنيجي المدير الإعلامي لمركز أجواء إن المركز وظف إمكانياته كافة لرصد الظاهرة عبر مناطق توزعت بالشراكة الرسمية مع جهتين وهي مرصد الإمارات الفلكي في أبوظبي والقبة السماوية في الشارقة فضلا عن تنظيم الفعاليات بجهود ذاتية في كل من عجمان ورأس الخيمة والفجيرة. وأوضح أنه تم تخصيص عدد من المجاهر لرصد الظاهرة وكاميرات فوتوغرافية فضلا عن توفير كاميرا فيديو قامت بنقل مباشر لتفاصيل العبور إلى شاشة عرض تظهر فيها تفاصيل دقيقة من عملية العبور، كما تم توزيع 500 نظارة شمسية مخصصة لمشاهدة الظاهرة بخاصية توفر الأمان والحماية الكاملة للعين من الإشعاعات المرئية وغير المرئية وكان من السهولة رصد العبور بالعين المجردة خاصة مع بداية الشروق على الرغم من عدم صفاء الرؤية بداية الفجر.